أدب الرسائل والفتنة الآفلة لعلَب البريد

يجمع بين فنون الرواية والاعتراف والسيرة والمذكرات

سيغموند فرويد  -  كارل يونغ
سيغموند فرويد - كارل يونغ
TT

أدب الرسائل والفتنة الآفلة لعلَب البريد

سيغموند فرويد  -  كارل يونغ
سيغموند فرويد - كارل يونغ

قلّ أن اختزنت مفردة من مفردات المعجم العربي في داخلها ذلك الفيض الهائل من الدلالات والمعاني والإحالات العاطفية والنفسية، كما هو الحال مع الرسائل. لا بل إن في هذه المفردة ما يتصل بالإشارات الصوتية أو الصامتة التي تبادلها الناس قبل اكتشاف اللغة، أو تلك التي تبعث بها الطبيعة إلى البشر على شكل وعود بالأمل والخصب. وهو ما عبر عنه ابن الرومي في قصيدته الشهيرة عن رياض الربيع التي ترد على رسالة السماء الممطرة برسائل مماثلة يحملها عطر «طيب النشر شائع في البلادِ». والريح من جهتها لا يقتصر دورها على حمل اللقاح من نبتة إلى أخرى، بل هي عبر هبوبها الغامض عبر الأماكن والأمصار، تتحول إلى ساعي بريد غير مرئي لنقل ما تجيش به الصدور من حُرق النفس ومشاعر طي الكتمان. وما تعجز اللغة عن الإفصاح عنه من وجْد المحبين ورغبتهم في الوصال، تتكفل به نظرات العيون التي يطلقها المعشوق على شكل بريق خاطف أو سهام مسددة إلى قلب العاشق القتيل. وثمة رسائل أخرى هي أقرب إلى الإشارات التي تنبئ بمعجزة أو حدث استثنائي كالنجمة التي رأى فيها الرعاة المجوس تبشيراً بقدوم المسيح. وليست الكتب المقدسة من جهتها سوى نوع من الرسائل الماورائية التي تبعث بها السماء إلى الأرض، كي ترشد البشر التائهين في صحارى الضلال إلى طريق الهداية القويم.
إلا أن ما يهمني في هذه المقالة ليس هذا النوع من الرسائل الرمزية والماورائية، ولا الرسائل المتصلة بقضايا اللغات والآداب والعلوم والسياسة والاجتماع، كما هو الحال في رسائل الجاحظ وابن المقفع وأبي العلاء المعري وغيرهم، بل تلك الرسائل الخاصة التي يتبادلها أصدقاء حميمون باعدت بينهما الظروف والأماكن، أو يعمل كتّاب وشعراء ومبدعون على تحويلها إلى مكاشفات قلبية ومعرفية عميقة، أو يلجأ إليها العشاق المتيمون ليعبّروا بواسطتها عن شغف أحدهم بالآخر، وليجعلوها بديلاً عما خسروه من نعيم الوصال وحرارة اللقاء الجسدي. وإذا كان كل هؤلاء الذين ذكرت، كما سواهم من البشر، قد دأبوا منذ قرون طويلة على تبادل الرسائل عبر وسائل متفاوتة التطور تتراوح بين الحمام الزاجل وشبكة الإنترنت، فإن اللافت في هذه الآونة هو حرص دور النشر العالمية على الاهتمام برسائل المفكرين والشعراء والمبدعين، وترجمتها إلى غير لغة من لغات العالم. وما يعطي لهذا النوع من الأدب أهميته هو أنه يمنحنا متعة الفضول والتسلل إلى اللحظات السرية والحميمة في حيوات الآخرين، خصوصاً أولئك المتوارين خلف أسمائهم اللامعة وإنجازاتهم العلمية والأدبية الكبرى. كما أن الطبيعة الشخصية للرسائل، وما تتميز به من تلقائية وبساطة وبوح صادق، تساعد القارئ على إنزال كاتبها من خانة الغموض والاستبعاد المتأتيين عن الشهرة، إلى خانة أخرى أكثر التصاقاً بحياة البشر العاديين ومكابداتهم وهواجسهم اليومية.
إننا ونحن نقرأ رسائل المشاهير، التي تم جمعها لاحقاً في كتب وإصدارات مختلفة، نشعر بسقوط ذلك الجدار الصلد الذي كان يفصلنا عنهم، وبأنهم، خارج ابتكاراتهم المختلفة، يشبهوننا تماماً في فرحهم وشقائهم وغيرتهم وسقوطهم في شرك الحب أو تحت غائلة الفقر والمرض. ولعل المتعة الاستثنائية التي يوفرها ذلك النوع الأدبي تتمثل في قدرته على الجمع بين فنون السرد والاعتراف والسيرة والمذكرات، وما يتخلل كل ذلك من بوح عفوي وتتبع لتفاصيل العيش ودقائقه وجزئياته. لقد مكنتنا بعض كتب الرسائل من «تجميع» الحياة المفككة لأصحابها، ووضعها في نصاب واحد. صحيح أن كل واحدة من الرسائل هي نتاج اللحظة العابرة وثمرتها، ولكنها تستطيع حين توضع في سياق متسلسل أن تقدم صورة متكاملة عن حياة كاتبها ومحطاتها وتحولاتها المختلفة. وهي تشكل من جهة ثانية إحدى الوثائق الأكثر أهمية عن أحوال المجتمع وثقافته وطرق عيشه، والشاهد الأصدق على العصر الذي تنتمي إليه.
ليس بالأمر المستغرب في هذه الحالة أن تقبل دور النشر العالمية، والعربية لاحقاً، على إصدار رسائل الأدباء والفنانين والعلماء وأهل السياسة والفكر في كتب مستقلة، وأن تشهد تلك الإصدارات قدراً من الرواج لا يقل عن ذلك الذي شهدته مثيلاتها من فنون السرد. ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أننا نقف إزاء نوعين من الإصدارات؛ أولهما يضم المراسلات المتبادلة بين طرفين اثنين يرتبطان بعلاقة حب، كما كان حال مي زيادة وجبران خليل جبران، أو يرتبطان بصداقة «متوترة» تتولى الرسائل إصلاحها وإعادتها إلى سيرتها الأولى، كتلك التي تبادلها محمود درويش وسميح القاسم في نهاية ثمانينات القرن الفائت. وقد تتم المراسلة بين أستاذ وتلميذه، كما كان شأن فرويد ويونغ، حيث لم تقتصر الرسائل التي تبادلاها على إظهار ما بينهما من مشاعر الود أو المنافسة الضمنية، بل تعدت ذلك إلى النقاشات المعمقة حول الكشوف المتصلة بعلم النفس وعوالم اللاوعي وغيرها. على أن العلاقة الوطيدة التي عبّر عنها فرويد مخاطباً تلميذه يونغ في إحدى الرسائل بقوله: «إذا كنتُ أنا موسى فأنت يوشع، وستكون لك الأرض الموعودة في الطب النفسي»، ما لبثت أن أخذت لاحقاً في التدهور بعد أن رفض التلميذ إلحاح أستاذه على انفراد الدافع الجنسي بتحديد عقد البشر وتوجيه سلوكياتهم المختلفة، ورأى أن ثمة عوامل أخرى تقف وراء سلوكيات البشر المرضية، فكتب يونغ مخاطباً أستاذه: «لن نحلّ الأسرار النهائية للعصاب والذهان من دون الاستعانة بالأساطير وتاريخ الحضارة، لأن علم الأجنة يسير جنباً إلى جنب مع علم الاجتماع المقارن». وإذا كان فرويد لم يتأخر كثيراً في الرد على تلميذه «العاق» بقوله في رسالة أخيرة له «أنا أعترف بكراهية قوية تجاه ابتكارك»، فإن رسائل العالمين المتبادلة قد تكفلت إلى حد بعيد بتقديم صورة بانورامية وافية عن فتوحات علم النفس وتأثيراته الهائلة على أدب القرن العشرين وفنونه المختلفة.
أما رسائل الشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث، التي تم نقلها مؤخراً إلى العربية، فتكاد تختزل بالكامل قصة حياتها القصيرة التي لم تتجاوز الأعوام الثلاثين. فمنذ سن العاشرة وحتى اللحظة التي سبقت انتحارها بقليل، تبعث بلاث إلى أمها وأخيها وزملائها في الدراسة ومعالجتها النفسية وآخرين غيرهم، برسائل متلاحقة تبدو أشبه بتقارير مفصلة عن طفولتها ومراهقتها وشبابها وتحولات تجربتها الشعرية، وعن معاناتها القاسية مع مرض الاكتئاب، وعن علاقاتها العاطفية المبكرة وصولاً إلى تعرفها بالشاعر البريطاني تيد هيوز، الذي رسمت له صورة معقدة تتراوح بين الانبهار بسطوته وحضوره الساحر، وبين الاستشعار الحدسي بمصيرها القاتم. ففي رسالة إلى أمها تقول بلاث: «الشيء الأكثر تدميراً هو أنني واقعة في حب غامر، الأمر الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى ضرر كبير: التقيت بأعظم رجل في العالم، خريج كامبريدج سابق، شاعر لامع كنت أحب عمله قبل أن ـلتقي به، بجسد ضخم ومعافى، نصف فرنسي ونصف آيرلندي، بصوت يشبه الرعد الإلهي، مغنّ، راوٍ، أسد، ومرتحل لا يتوقف أبداً».
وإذ تكتشف بلاث خيانة هيوز لها بعد فترة قليلة من اقترانها به، تعكس رسائلها عنه نوعاً من الصراع المأساوي بين حبها له وبين شعورها الراسخ بأنه يعمل على إذلالها، وسحقها، ودفعها إلى الانتحار. فهي تقول في رسالة إلى أمها: «إنه مصاص دماء، لقد دمر وقتل كل شيء في حياتي». ولا يملك القارئ من خلال الرسائل المنشورة سوى التعاطف الكامل مع الزوجة الضحية، وهي تقرر النأي بطفليها الصغيرين عن البيت الزوجي الذي تحول إلى جحيم. كما أن انتحار الشاعرة اللاحق سيُلحق أشد الضرر بصورة الزوج النزق والمزهو بوسامته، خصوصاً أننا لم نقرأ للشاعر الواقع في غرام امرأة أخرى، ما يفسر تماديه في سلوكه العدائي الذي قاد إلى إحدى أجمل أيقونات الشعر في القرن العشرين إلى مصيرها المأساوي. وسيكون علينا أن ننتظر أعواماً طويلة قبل أن يقدّم هيوز إلى زوجته الراحلة، كما إلى العالم، اعتذاره المفعم بالندامة والأسى، عبر مجموعة شعرية متميزة حملت عنوان «رسائل عيد الميلاد».
لن يتسع المجال في هذه المقالة للتحدث عن رسائل فرانز كافكا إلى ميلينا، أو رسائل أوسكار وايلد إلى اللورد ألفرد دوغلاس، وهو الذي قاده نزوعه المثلي إلى السجن، أو رسائل مارسيل بروست إلى العديد من أصدقائه ومعاصريه. لكن الحقيقة التي لا بد من قولها هي أن التقنيات الحديثة التي سهّلت على البشر سبل التواصل والمراسلة السريعة، حرمتهم بالمقابل من المتع الحسية والروحية التي وفرها لهم صرير الأوراق ورائحة الحبر وحدب الأصابع على القلم. وحرمتهم أيضاً من طقوس إيداع الرسائل في صناديقها المعتمة مصحوبة بمشاعر الرجاء أو الخوف. وحرمتهم من تلك اللهفة العارمة التي يفتحون بها صناديق بريدهم، التي لم تعد تضم بين جنباتها كنوز الحياة الأغلى وذهب القلوب المدوّن على الورق.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».