«كوب 25» في مدريد... فرصة أخيرة لوقف الكارثة المناخية

دعوات لاتّخاذ تدابير سريعة للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض

سانشيز وغوتيريش يتوسّطان قادة مشاركين في قمة المناخ بمدريد أمس (أ.ب)
سانشيز وغوتيريش يتوسّطان قادة مشاركين في قمة المناخ بمدريد أمس (أ.ب)
TT

«كوب 25» في مدريد... فرصة أخيرة لوقف الكارثة المناخية

سانشيز وغوتيريش يتوسّطان قادة مشاركين في قمة المناخ بمدريد أمس (أ.ب)
سانشيز وغوتيريش يتوسّطان قادة مشاركين في قمة المناخ بمدريد أمس (أ.ب)

كُثّفت الدعوات أمس للعمل من أجل اتخاذ تدابير سريعة وقوية لإنقاذ البشرية التي تعاني من تبعات التغير المناخي، وذلك خلال افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة الخامس والعشرين للمناخ (كوب 25) في مدريد.
وانطلقت أعمال هذه القمّة في العاصمة الإسبانية، بعد أن اعتذرت الحكومة التشيلية عن استضافتها بسبب الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها البلاد منذ مطلع الشهر الماضي. وكانت الأمانة العامة للأمم المتحدة تميل، بعد اعتذار تشيلي عن تنظيم القمة، إلى عدم عقدها هذه السنة نظراً لعدم توفّر الأجواء الدولية اللازمة لإنجاحها، سيّما وأنها تتزامن مع مرحلة انتقالية بين اعتماد اتفاق باريس، الذي أُبرم بعد سنوات من التعثّر في العام 2015، والمباشرة بتنفيذه اعتباراً من العقد المقبل لوقف الارتفاع المضطرد في درجة حرارة الأرض والحد من تفاقم الكوارث المناخية.
لكن عندما سارعت مدريد إلى عرض استضافة القمّة في نفس المواعيد المقررة سابقاً، رأت بعض الأطراف الحريصة على التقدّم في ملفّ التغيّر المناخي المتعثّر منذ سنوات أن الظروف الدولية المعاكسة هي أيضا محفّز لعقدها في غياب قيادة دوليّة لهذا الملفّ الحسّاس وفي مرحلة من التأزم الشديد للتعاون المتعدد الأطراف. فالولايات المتحدة باشرت عملية انسحابها من اتفاق باريس، في الوقت الذي أعربت الصين عن عدم استعدادها لزيادة خططها الرامية للحد من انبعاثات غاز الدفيئة، بينما لم يقدّم الاتحاد الروسي إلى الأمم المتحدة أي خطط بعد في هذا الصدد، ولم تتوصّل الأطراف الرئيسية المعنيّة بعد إلى توافق بشأن شروط الحد المستهدف للانبعاثات في العام 2050.
وكان الهدف من وراء عقد هذه القمة في موعدها المحدد، عدم إعطاء الانطباع بأن عملية مكافحة التغيّر المناخي ليست في مرحلة احتضار، وأن الأحداث المناخية التي شهدها العالم منذ مطلع هذا العام «تستدعي مضاعفة الجهود وزيادة مستوى الطموحات»، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته الافتتاحية أمام القمة.
وتضمّ هذه القمّة، التي تُعرف أيضا بمؤتمر الأطراف، الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ التي أبرمت في العام 1992 وأقرت أن الغازات الدفيئة المنبعثة من الأنشطة اليومية التي يقوم بها الإنسان تساهم بنسبة عالية في ظاهرة التغيّر المناخي، وألزمت الدول الموّقعة عليها خفض هذه الانبعاثات. ويُذكر أن عقد القمة الذي كان مقرراً في تشيلي قبل اعتذارها، كان مفترضاً أن يكون في البرازيل التي قرّرت هي أيضا الاعتذار بعد فوز جايير بولسونارو برئاسة الجمهورية.
بعد إبرام الاتفاقية الإطارية، توصّلت الدول الأطراف إلى إقرار بروتوكول كيوتو في العام 1997، الذي ستبطل مفاعيله اعتباراً من العقد المقبل بعد أن يدخل حيّز التنفيذ اتفاق باريس الذي يلزم جميع الدول الموقّعة خفض انبعاثات غازات الدفيئة. ومن المفترض أن تؤدي هذه الالتزامات إلى تحقيق الهدف الرئيسي من اتفاق باريس، أي ألا يتجاوز متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية ما كان عليه قبل مرحلة الطفرة الصناعية بأكثر من درجتين، أو درجة ونصف إذا أمكن. وتجمع القرائن العلمية على أن هذا هو الحد اللازم الذي من شأنه أن يحول دون تداعيات كارثيّة لتغيّر المناخ.
الوقائع العلمية الأخيرة ترسم صورة قاتمة جداً للجهود التي تبذلها الدول من أجل محاربة تغيّر المناخ. وتفيد تقارير الوكالات الدولية المتخصصة، مثل منظمة الأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومجموعة الخبراء الدولية التابعة للأمم المتحدة، بأن تحقيق الأهداف التي حددّها اتفاق باريس يقتضي من الدول أن تضاعف خمس مرات الإجراءات المطبّقة لبلوغ هدف الدرجة والنصف، وثلاث مرات هدف الدرجتين. وقد وصف غوتيريش هذا الوضع في كلمته الافتتاحية، إذ قال: «نحن في حفرة عميقة، ومع ذلك نواصل الحفر في أعماقها عارفين أننا أشرفنا على فوات الأوان».
خبراء الأمم المتحدة يؤكدون أن هذه القمة ستكون اختباراً لصدقيّة الحكومات واستعدادها كي تقرن الأقوال بالأفعال، خاصة أنها تعلم أن الالتزامات المقطوعة في باريس ليست كافية، وأن تسارع التغيّرات المناخية يقتضي مضاعفة الجهود بسرعة. ويلاحظ الخبراء أن ما يبعث على بعض التفاؤل هو ازدياد الوعي في أوساط الرأي العام لخطورة الأزمة المناخية وضرورة الحزم في التصدّي لها. ويشيرون إلى القرار التاريخي الذي اتخذه البرلمان الأوروبي مؤخراً عندما أعلن حالة الطوارئ المناخية، ما يلزم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تطبيق إجراءات تكفل تحقيق الأهداف التي حددها اتفاق باريس. كما أن المبادرة التي أطلقها رئيس تشيلي سيباستيان بينييرا بعنوان «تحالف الطموح المناخي»، قد انضمّت إليها حتى الآن سبعون دولة التزمت زيادة جهودها لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، إضافة إلى أن 65 دولة قد تعهدت معادلة هذه الانبعاثات بما يمكن للطبيعة أن تستوعبه بحلول العام 2050.
وتجدر الإشارة إلى أن العبء الرئيسي في مكافحة تغيّر المناخ يقع على عاتق دول مجموعة العشرين التي تشكّل انبعاثاتها 78 في المائة من المجموع العالمي، خاصة أنها كانت المستفيدة الرئيسية من هذه الانبعاثات.
ويشارك في هذه القمّة، إلى جانب نحو خمسين من رؤساء الدول والحكومات، أكثر من 25 ألف شخص بين وزراء ومندوبين وخبراء دوليين، إضافة إلى آلاف الناشطين الشباب في مجال البيئة الذين باشروا تحركاتهم في شوارع العاصمة الإسبانية. ومن المنتظر أن تخرج مظاهرة حاشدة في مدريد يوم الجمعة المقبل، تقودها الناشطة السويدية المعروفة غريتا تونبرغ التي غادرت بلادها منذ أسابيع على متن زورق شراعي وينتظر أن تصل العاصمة البرتغالية لشبونة اليوم الثلاثاء، لتتوجّه بعد ذلك إلى مدريد.
أما الولايات المتحدة، التي أكدت للتو انسحابها من اتفاقية باريس حول المناخ العام المقبل، فاكتفت بإرسال دبلوماسية واحدة فقط. ولوحظت مشاركة رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي التي حضرت إلى مدريد الاثنين مع نحو 15 نائباً.
وقالت بيلوسي وسط التصفيق خلال مؤتمر صحافي: «ما زلنا هنا»، مشيرة إلى «المسؤولية المعنوية» تجاه الأجيال المقبلة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى الاتحاد الأوروبي الذي كان حضوره كثيفاً. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز «في وقت يتّسم بصمت البعض، لدى أوروبا الكثير لتقوله في هذا النضال». وأضاف «لأن مجتمعاتنا تطالب بذلك (...)، لكن أيضاً لأسباب متعلقة بالعدالة التاريخية: قادت أوروبا الثورة الصناعية والرأسمالية في زمن الوقود الأحفوري، ينبغي عليها أن تقود عملية خفض انبعاثات الكربون». ويأمل المدافعون عن البيئة في أن يتمكن قادة الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرون خلال قمتهم في 12 و13 ديسمبر (كانون الأول) من الاتفاق على هدف الوصول إلى حيادية الكربون بحلول عام 2050، لكن حتى في هذه الحالة، سيكون من الضروري الانتظار حتى عام 2020 حتى يقدم الاتحاد الأوروبي مراجعة لطموحاته على المدى القصير. وأكد رئيس المجلس الأوروبي الجديد شارل ميشال «أننا سنكون أبطال التحوّل الأخضر»، مضيفا «قمنا بالثورة الصناعية والثورة التكنولوجية، حان وقت الثورة الخضراء».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.