روسيا تطوّر شبكة رادار لحماية الحدود... وتزود أسطولها بـ«صواريخ خارقة»

قادرة على كشف أهداف على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر

بوتين أثناء ترؤسه اجتماعاً مع مسؤولين في وزارة الدفاع بسوتشي أمس (أ.ب)
بوتين أثناء ترؤسه اجتماعاً مع مسؤولين في وزارة الدفاع بسوتشي أمس (أ.ب)
TT

روسيا تطوّر شبكة رادار لحماية الحدود... وتزود أسطولها بـ«صواريخ خارقة»

بوتين أثناء ترؤسه اجتماعاً مع مسؤولين في وزارة الدفاع بسوتشي أمس (أ.ب)
بوتين أثناء ترؤسه اجتماعاً مع مسؤولين في وزارة الدفاع بسوتشي أمس (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها بدأت تطوير «شبكة رادار متكاملة» لنشرها على طول الحدود بهدف تتبع إطلاق الصواريخ والطائرات المقاتلة وغيرها من الأهداف الجوية بشكل مبكر. ولفتت إلى أن النظام الجديد سيكون بمقدوره مراقبة حركة الصواريخ وإقلاعات الطائرات على مسافة تصل إلى 3 آلاف كيلومتر، ما يضع ضمن نطاق المراقبة تحركات المقاتلات الأميركية والأنظمة الصاروخية المتنوعة من منطقة الخليج العربي والبحر المتوسط جنوبا إلى بحر البلطيق والبحر الأسود، فضلا عن حماية المناطق المحاذية للقطب الشمالي.
وجاء الكشف عن النظام الجديد في إطار تدشين أول وحدة من هذه المظلة الجوية الإلكترونية، التي نم نشرها في منطقة موردوفا (650 كيلومترا جنوب شرقي موسكو).
وأفادت الوزارة في بيان بأنه «سيتم إنشاء حقل رادار متكامل للكشف عن الأهداف الديناميكية الجوية، على غرار نظام الإنذار بالهجوم الصاروخي». ويستطيع النظام الجديد تتبع انطلاق الطائرات بشكل واسع، وكذلك تتبع إطلاق صواريخ كروز أو إطلاق أجسام تفوق سرعتها سرعة الصوت، على مسافة 3 آلاف كيلومتر من الحدود الغربية والجنوبية لروسيا، وبالتالي سيتم «توفير الوقت الكافي لصد هجمات محتملة والرد السريع عليها».
ويشمل النظام الجديد محطات خارجية أطلقت عليها تسمية «كونتينير» (الحاوية)، مهمتها استقبال إشارات الإنذار.
كما أُعلن أمس، عن وضع أول نظام من هذا الطراز في إطار الخدمة القتالية في موردوفا. فيما سيتم استكمال نشر هذه المحطات على طول المناطق الحدودية الروسية لاحقا. ووفقا لمعطيات، فإن النظام الجديد قادر على تتبع الإقلاع الجماعي للطائرات، وإطلاق الصواريخ. وينتظر أن تغطي المحطة التالية من هذا الطراز منطقة القطب الشمالي.
وأعلن كبير مصممي النظام الجديد، ميخائيل بيتروف، أنه قادر على اكتشاف طائرات تتمتع بميزات التخفي، لافتا إلى أن النظام الروسي «لن يترك أمام (إف 35) الأميركية أي فرصة للتخفي». ونقلت وكالة أنباء «تاس» عنه أن «الطائرات المزودة بتقنية التخفي، لن تكون بالنسبة إلينا غير مرئية... ومحطة رادارات كونتينير، لا ترى فقط هذه الطائرات على تخوم تصل إلى 3000 كيلومتر، بل وترافقها أيضا. هذا الأمر أصبح ممكنا بفضل نظام المحطة الجديد الذي يعمل وفق مبدأ انعكاس الإشارة في الغلاف الجوي الأيوني».
وشدد العالم الروسي على أن الرادار الجديد قادر على «رصد الإشارات المرتدة من أوروبا والخليج العربي والصين وكازاخستان وغيرها، وتلك المنبعثة من مراكز إرسال تبعد مسافات شاسعة عنه». وأكد بيتروف عدم وجود محطات رادار في العالم تماثل «كونتينير» الروسية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين كلها تعمل بنشاط لبناء محطات مماثلة للرادارات الروسية.
ولفت العالم الروسي إلى وجود محطة رادار واحدة مشابهة في أستراليا، لكنها «أقل قوة بكثير من الروسية». ووفقاً لأندريه ديمين، قائد جيش الدفاع الصاروخي الأول، فإنّه باستخدام النظام الجديد، سيتمكن الجيش من «مراقبة هجمات العدو المحتملة على أراضي البلاد في اتجاهي الفضاء الغربي والجنوبي. وستوفر (الحاوية) فرصة لرؤية إقلاع الطيران من مياه بحر البلطيق والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط، وسيسمح أيضاً بتسجيل الإقلاع للطائرات التكتيكية وإطلاق صواريخ كروز وإطلاق صواريخ تفوق سرعة الصوت».
ووفقا لمصادر عسكرية، فإن هذه النقلة ستفتح مجالات أوسع أمام أنظمة الدفاع الروسية التي كانت تعتمد حتى الآن على حقل رادار لنظام تحذير من هجوم صاروخي يحمل اسم «فورونيغ»، وكانت تتمثل مهمته الرئيسية في تتبع إطلاق الصواريخ الباليستية عبر الأراضي الروسية.
وقال مصدر عسكري لوسائل إعلام أمس، إن الحديث يدور حاليا عن «رادارات عابرة للأفق صممت لاستطلاع طويل المدى للمجال الجوي. إنها تكشف عن نوايا العدو قبل وقت طويل من تشكيل وسائل هجومه الجوي وشن هجوم أو القيام باستفزاز عبر معبر حدودي».
وزادت أن النظام سيكون قادرا على تتبع أكثر من 350 هدفاً معا، ويمكن للمحطة التعرف على المركبات ذات المحركات الخفيفة، وطائرات الطيران التكتيكية والاستراتيجية، والمقاتلات المعروفة باسم الشبح والقاذفات بعيدة المدى، وكذلك الطائرات التي تفوق سرعة الصوت.
في السياق، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الأسطول البحري الروسي بات يضم سفنا «مجهزة بأسلحة قادرة على تغيير الوضع جذريا في ساحة الحرب». وقال بوتين خلال اجتماع مخصص لبحث تطوير الأسطول البحري الحربي، إن «الأسطول الحربي الروسي، لعب تاريخيا دورا مهما في ضمان القدرات الدفاعية لبلدنا، وهو يحمي مصالح روسيا في المحيط العالمي، وله رصيد في الحفاظ على الاستقرار العسكري - السياسي». وأشار إلى أن «سفنا حديثة تدخل الخدمة الآن، وهي مجهزة بأسلحة خارقة»، لافتا إلى تجهيز الأسطول بـ«أقوى الصواريخ التي تم تطويرها وزيادة مداها ودقتها في إصابة الهدف». وأضاف بوتين أن فاعلية هذه الأسلحة قادرة على تغيير مجريات الحرب جذريا، وضمان تحييد أي عمل عدواني قد يستهدف روسيا.
وكان نائب وزير الدفاع الروسي، أليكسي كريفوروتشكو، قال في وقت سابق إن الخبراء «سيبدأون قريبا بتعديل عدد من السفن الحربية الصاروخية التابعة للأساطيل الروسية».
وأوضح أن الأسطول يعمل مع عدد من المؤسسات على استكمال توقيع اتفاقيات لتعديل وتحديث بعض السفن التابعة لأساطيل روسيا الحربية، والحديث يدور حاليا عن تزويد سفن حربية بمجموعات من المنظومات الصاروخية الضاربة «كمنظومة صواريخ (مالاخيت) المضادة للسفن وحاملات الطائرات، ومنظومة (أوران) للصواريخ المجنحة عالية الدقة، وستزيد قدرات هذه السفن في التعامل مع مختلف أنواع الأهداف البحرية والبرية وحتى الجوية».
في غضون ذلك، أعلن مصدر في المجمع الصناعي العسكري الروسي، أن موسكو تعمل على تطوير مشروع لتصميم وبناء حاملة طائرات قد تكلف موسكو ما بين 300 و400 مليار روبل (نحو 6 مليارات دولار أميركي). وأضاف المصدر أن حاملة الطائرات ستمتلك «وحدة طاقة نووية وإزاحة تصل إلى 65 - 70 ألف طن»، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الروسية تواصل دراسة هذه المشروع.
وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق أنها تدرس بناء أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، وسيبدأ العمل في المشروع في عام 2023، ويعد بحث وتطوير حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية جزءا من مشروع عسكري عملاق ينتهي في عام 2027.
وتمتلك البحرية الروسية حاملة طائرات واحدة، هي الطراد الثقيل «الأميرال كوزنيتسوف» التي شاركت في الحرب في سوريا، وهي الآن قيد الترميم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».