«أوقاف} مصر تعلن تحركات «غير مسبوقة» لتجديد الخطاب الديني

TT

«أوقاف} مصر تعلن تحركات «غير مسبوقة» لتجديد الخطاب الديني

أكدت وزارة الأوقاف في مصر أن «البلاد تشهد تحركات غير مسبوقة في تجديد الخطاب الديني، وخلال الـ10 قرون الأخيرة لم تشهد حركة التجديد الديني حركة جادة وواقعية مثل ما شهدته خلال السنوات الأخيرة». في حين طالب الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بـ«إعادة بعث الصالونات الثقافية وإحيائها من جديد في المؤسسات الوطنية وبصفة شهرية، حتى يجد الشباب مواردهم الثقافية في النور، ولا يبحثون عنها في الظلام، فيكونون عرضة لأن تستغلهم الجماعات المتطرفة عبر نشر أفكارها المتشددة».
وحذر وزير الأوقاف من أن «جميع قيادات الجماعات الإرهابية المتطرفة استعانت بـ(الشباب المهمشين) من الطبقات الفقيرة، لتفجير أنفسهم بـ(الأحزمة الناسفة)، للوصول إلى الحور العين في الجنة، بينما تسعى هذه القيادات للحصول على جنسيات الدول الغربية، التي يكفّرونها، لهم ولأبنائهم»، مضيفاً: «من هنا لا بد أن نعمل على إبراز الخطاب العقلي والمنطقي لدى هؤلاء الشباب، ليُعملوا عقلهم في هذه الفكرة»، متسائلاً: «لماذا لا يفجّر هؤلاء القيادات (أي قيادات الجماعات الإرهابية) أنفسهم أو أبناءهم، للوصول إلى الجنة، بدلاً من تحريض الغير؟».
وطالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطلع الشهر الماضي، بعقد مؤتمر للنقاش في «الشأن العام» المصري من المنظور الديني أو الثقافي أو الفكري أو الاجتماعي أو السياسي.
وأكد الدكتور جمعة خلال فعاليات «الجلسة التحضيرية الثالثة لمؤتمر الشأن العام»، التي انعقدت الليلة قبل الماضية بمؤسسة «دار الهلال» الصحافية في القاهرة، أن «حركة التجديد الديني تشهد حركة جادة ونقلة نوعية، وذلك بفضل الله عز وجل، ثم بدعم الرئيس السيسي لمسارات التجديد في مختلف المجالات، وأصبح لدينا نسق معرفي في طريقة التفكير، وفي البحث والتأليف، وطرائق التدريب... ودورنا أن نحول هذا النسق من ثقافة النخبة والفرد إلى ثقافة المجتمع».
كان السيسي قد دعا لتجديد الخطاب الديني في أكثر من مناسبة لمواجهة التطرف والطائفية، وذلك في وقت تعاني فيه مصر والمنطقة العربية من تصاعد هجمات «المتشددين»... آخرها دعوته إلى «(إجراءات ملموسة) في إطار المساعي لـ(إصلاح الخطاب الديني)، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ(الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة)». وقبلها مناشدته في مؤتمر الشباب الخامس في جلسة «اسأل الرئيس»، المسؤولين في مصر سرعة الانتهاء من تصحيح المفاهيم. وقال السيسي حينها: «لماذا لا تعيش المذاهب الدينية بعضها مع بعض؟»، مضيفاً: «أعتقد أن سبب القتال في المنطقة نتيجة عدم تجديد الخطاب الديني والتفاهم الفكري».
وعُقدت فعاليات الجلسة التحضيرية لمؤتمر الشأن العام، بعنوان «دور الشباب في مناقشة قضايا الوطن وتأثير (السوشيال ميديا) في توجيه الرأي العام»، وأدارها الكاتب الصحافي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة.
وتؤكد «الأوقاف» أنها «تُعدّ الأئمة والدعاة إعداداً ثقافياً عصرياً بأبعاد تاريخية واجتماعية وثقافية، حتى يتمكن الداعية من تصحيح المفاهيم الخاطئة، ومحاربة الأفكار المتطرفة».
وأشار الوزير جمعة، إلى أن «هناك تعاوناً قوياً ومتكاملاً بين وزارة الأوقاف ومؤسسات الدولة التربوية والتعليمية والتثقيفية غير مسبوق، فنعمل بروح الفريق الواحد مع وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة، والشباب والرياضة، والمؤسسات الإعلامية، وبروح وطنية غير مسبوقة، ونحتاج إلى جهد أكبر لنتحول من ثقافة النخبة إلى ثقافة المجتمع».
في هذا الصدد عُقدت بأكاديمية الأوقاف، أمس، فعاليات الدورة التدريبية المشتركة الثانية لرفع مهارات معلمي التربية الدينية الإسلامية بالمدارس في مصر، لمناقشة قضايا حماية دور العبادة، وبناء الشخصية الوطنية، وفقه الدولة وفقه الجماعة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».