حصيلة قتلى الاحتجاجات الإيرانية تفجّر سجالاً بين البرلمان والحكومة

حصيلة قتلى الاحتجاجات الإيرانية تفجّر سجالاً بين البرلمان والحكومة
TT

حصيلة قتلى الاحتجاجات الإيرانية تفجّر سجالاً بين البرلمان والحكومة

حصيلة قتلى الاحتجاجات الإيرانية تفجّر سجالاً بين البرلمان والحكومة

رفعت منظمة العفو الدولية، أمس، حصيلة قتلى الاحتجاجات في إيران إلى 208 أشخاص. وواصل نواب في البرلمان الإيراني الضغط على الحكومة، مطالبين بتشكيل لجنة تقصي حقائق بعد تقارير متضاربة عن سقوط عدد كبير من القتلى في الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في أنحاء البلاد بعد قرار مفاجئ بزيادة أسعار البنزين. وتفاعل الإيرانيون، أمس، مع تفاصيل جديدة، تنوقلت عن أحداث ميناء معشور في جنوب غربي البلاد وسط حملة اعتقالات بمختلف المناطق، في حين حذر وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، أمس، الأطراف السياسية الإيرانية من «التنافس السياسي» و«السعي لتسجيل مكاسب حزبية».
ورفعت منظمة العفو الدولية، أمس، إحصائية عدد القتلى للمرة الرابعة منذ رصد الاحتجاجات في منتصف الشهر الماضي. وقالت إن «208 قتلى على الأقل» حصيلة قمع الاحتجاجات في إيران، وذلك بعدما أعلنت الجمعة عن ارتفاع عدد القتلى من 143 إلى 161 شخصاً.
وقالت المنظمة التي مقرها في لندن، إن «الحصيلة الفعلية» للقمع «تتجاوز على الأرجح» 208 قتلى، موضحة أن هذا التقدير يستند إلى «معلومات ذات مصداقية» حصلت عليها من فرقها على الأرض.
وجاءت الإحصائية غداة تصريحات قائد «الحرس الثوري» في طهران محمد رضا يزدي، أشار فيها إلى «التحقق من القتلى»، وذلك رداً على سؤال حول إمكانية سقوط أبرياء بنيران قوات الأمن «عن طريق الخطأ» في الاحتجاجات.
وكان موقع «كلمة» المقرب من الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي نقل عن مصادر مطلعة، أن 366 شخصاً قتلوا بنيران قوات الأمن في الاحتجاجات، مشيراً إلى دفن 156 في مقبرة «بهشت زهرا» الواقعة جنوب طهران، ونقل 80 جثة إلى مدن في ضواحي طهران.
ودافع وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي عن أداء قوات الشرطة والأمن، وقال إن «الناس وجهوا رداً مناسباً على من قاموا بأعمال شريرة وتسببوا بمشكلات».
وطالب محمد رضا عارف، رئيس كتلة «الأمل» في البرلمان وأبرز النواب الإصلاحيين في البرلمان، الأجهزة المسؤولة بإعلان عدد القتلى بشفافية. ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن عارف قوله، إن «الاحتجاج السلمي حق طبيعي للمواطنين وفقاً للدستور» وحض الأجهزة الأمنية «على حفظ حياة المواطنين». ووجه النائب عن مدينة طهران، محمود صادقي تحذيراً إلى «المراجع المعنية» من أن نواب البرلمان «سيكونون مجبرين على تقديم إحصائية موثوقة إلى الناس ما لم تنشر إحصائية دقيقة عن عدد القتلى والجرحى والمعتقلين».
وكشفت عضو كتلة «الأمل» الإصلاحية، بروانة سلحشوري، أمس، عن سقوط قتلى «مراهقين» في الاحتجاجات، وجدّد دعوات سابقة للنواب بـ«لجنة تقصي حقائق»، وأشارت إلى «تضارب» و«إهمال» في إحصائية عدد القتلى بمختلف مناطق إيران. وقالت إن النواب «فكروا بآلية منذ الأيام الأولى للاحتجاجات للاطلاع على حقائق الأمور».
وأشارت النائبة إلى «حساسية الوضع في المدن» ولفتت إلى ضغوط شعبية يتعرض لها النواب في دوائرهم الانتخابية لمعرفة ما جرى خلال الأيام الثلاثة الأولى من إخماد الاحتجاجات.
وقالت سلحشوري لوكالة «ايلنا» العمالية، إن «البلد لا تمر بأوضاع جيدة»، وطالبت بـ«احترام الناس»، وحذرت من أن «تجاهل الناس خطير للغاية»، وأضافت: «صناع القرار ليس لديهم تواصل مع الناس منذ سنوات... ضحكات الرئيس روحاني جروح عميقة في قلب الناس».
بعد ساعات من تحذيرات وزير الداخلية، نقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن المدير العام لدائرة مكافحة الإرهاب في وزارة الاستخبارات الإيرانية، أنها اعتقلت «خلايا إرهابية عدة، خططت وقامت بدور مؤثر في التدمير والهجوم على المراكز الحساسة».
بدوره، انتقد النائب علي مطهري في تصريح لموقع «شفقنا» من «يخافون احتجاجات الناس»، وعزا «العنف في الاحتجاجات» إلى «اعتقال من يجتمعون سلمياً للاحتجاج»، داعياً إلى تحديد الموقف من الاحتجاج.
في الوقت نفسه، قالت وزارة الاستخبارات، إنها حملة اعتقالات استهدفت 79 شخصاً من «العناصر الرئيسية في الهجوم على المراكز العامة والخاصة ومقرات عسكرية وأخرى تابعة للشرطة» في محافظة الأحواز. وأشار بيان الوزارة إلى ضبط «13 أسلحة كلاشينكوف وأسلحة يدوية خفيفة وملابس عسكرية و...». ووجّهت وزارة الاستخبارات أصابع الاتهام إلى «دولة خليجية» بـ«التدريب والقيام بدور مهم في الهجوم على المراكز الحكومية»، وأشارت إلى اعتقال أحد أتباع تلك الدولة.
وجاء البيان بعد ساعات من ردود واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي على تسريب تفاصيل جديدة من أحداث ميناء معشور وبلدات مجاورة في جنوب الأحواز.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس شهادات ستة من شهود عيان بمدينة معشور التي شهدت الاحتجاجات الدموية.
وسجلت محافظة الأحواز، بحسب منظمة العفو الدولية، 40 قتيلاً أكثر في ميناء معشور وبلدة جراحي التي غيرت السلطات اسمها إلى اسم «تشمران»، في إشارة إلى القيادي الإيراني مصطفى تشمران الذي قتل في الأشهر الأولى من الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات.
ونقل الشهود الذين تحدثوا للصحيفة الأميركية تفاصيل من استخدام «الحرس الثوري» للرشاشات من طراز دوشكا، ودبابات، وحاملات جنود لفض المحتجين قرب أكبر منشأة للبتروكيمياويات في جنوب البلاد.
وقبل بيان الاستخبارات بيوم، نقلت وكالة «ايلنا» عن النائب علي ساري قوله «لا يمكن اتخاذ قرار لا يخدم مصلحة كثيرين، وفي الوقت نفسه نسلب حق الاحتجاج من الناس»، واعتبر تنظيم الوقفات الاحتجاجية أمراً «قانونياً»، رافضاً تسمية المحتجين بـ«مثيري الشغب».
وطلبت الخارجية الأفغانية توضيحاً من السلطات الإيرانية بعد إعلان مقتل تسعة أفغان في الاحتجاجات. وأفادت إذاعة «أوروبا الحرة» المعنية بالشؤون الأفغانية نقلاً عن المتحدث باسم الخارجية الأفغانية غران هيوا قوله لصحيفة أفغانية، إن تسعة مهاجرين أفغان قتلوا في الاحتجاجات الإيرانية، مشيراً إلى أن أسرة ثلاثة من القتلى تقدمت ببلاغ إلى الخارجية الأفغانية وطالبت بإعادة الجثث.
ونقلت الإذاعة عن رئيس المفوضية المستقلة للحقوق الإنسان في أفغانستان شكر الله مشكور قوله، إن المفوضية طلبت من الحكومة الأفغانية «متابعة القضية عبر المجاري الدبلوماسية».



إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)
صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)
صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من أحزاب بالمعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات الجارية مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني السجين عبد الله أوجلان في مسعى جديد لإنهاء الإرهاب وحل المشكلة الكردية في تركيا.

من ناحية أخرى، أجلت محكمة في إسطنبول، الأربعاء، النطق بالحكم في قضية يواجه فيها رئيس بلدية إسطنبول، المعارض، أكرم إمام أوغلو، حكماً بالحبس وحظر نشاطه السياسي إلى أبريل (نيسان) المقبل.

ورغم تأييد إردوغان المبادرة التي أطلقها حليفه في «تحالف الشعب»، رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للسماح لأوجلان بالحديث أمام البرلمان وإعلان حل حزب «العمال» الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته وانتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا مقابل النظر في إطلاق سراحه، لم يدل بتصريحات تعكس موقفه من الإفراج عن أوجلان بعد 25 عاماً أمضاها بسجن جزيرة إيمرالي ضمن عقوبة السجن مدى الحياة، لتأسسيه وقيادته منظمة إرهابية.

جانب من لقاء داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع حزب المستقبل التركي)

وقال رئيس حزب «المستقبل» المعارض، أحمد داود أوغلو، خلال كلمة بالبرلمان الأربعاء، جاءت بعد لقائه «وفد إيمرالي الجديد»، الذي يضم نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر وبروين بولدان والسياسي الكردي المخضرم، أحمد تورك، الاثنين: «هناك من يحاولون تعبئة الشارع وتأليب الأتراك ضد الأكراد والعرب، معتبراً أنهم يخدمون إسرائيل، لقد تكلم الجميع، لكن من يتحدث باسم الدولة هو الرئيس، وهو من سيتحمل عواقب الفشل الذي قد يحدث، وعليه أن يخرج ويشرح موقفه بوضوح».

بابا جان ووفد إيمرالي (موقع حزب الديمقراطية والتقدم)

بدوره، أكد رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، الذي التقى وفد إيمرالي بمقر حزبه، الثلاثاء، ضرورة الإعلان عن خريطة طريق للعملية الجارية حالياً، قائلاً: «نعلم أن البرلمان هو مكان الحل، لكن عندما نأخذ في الاعتبار نظام إدارة البلاد، يحتاج إردوغان إلى توضيح وجهة نظره».

جولة «وفد إيمرالي»

واختتم «وفد إيمرالي»، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما دار في اللقاء، والتصور المطروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال» الكردستاني.

لقاء وفد إيمرالي مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش الخميس الماضي (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيس حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

الرئيسان المشاركان السابقان لحزب «الشعوب الديمقراطية» صلاح الدين دميرطاش وفيجن يوكسكداغ (أرشيفية)

وأعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الأربعاء، أن «وفد إيمرالي» سيلتقي، السبت، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، في محبسه في ولاية أدرنه، (غرب تركيا)، والرئيسة المشاركة السابقة للحزب، فيجن يوكسكداغ، في سجن كانديرا بولاية كوجا إيلي، بشمال غربي تركيا، الأحد، في إطار عرض ما دار خلال اللقاء مع أوجلان، والخطوات التي ستتخذ لاحقاً في إطار العملية الجديدة، والتي قد تتضمن لقاءات جديدة مع أوجلان.

ويقبع دميرطاش ويوكسكداغ في السجن بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، والاتصال مع منظمة إرهابية (حزب «العمال» الكردستاني).

صدام بين القوميين

ونشب صدام بين أحزاب الجناح القومي في تركيا حول اللقاءات مع أوجلان ودعوته إلى البرلمان واحتمال إطلاق سراحه، ووقع تراشق بين رئيس حزبي «الحركة القومية» دولت بهشلي، ورئيس حزب «الجيد» مساوات درويش أوغلو، الذي رفض الحوار مع أوجلان ووصفه بـ«خطة الخيانة» ورفض استقبال «وفد إيمرالي».

بهشلي خلال لقاء مع وفد إيمرالي الخميس الماضي (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبعدما هاجم بهشلي درويش أوغلو بطريقة مبطنة في البرلمان، الثلاثاء، رد الأخير قائلاً: «نحن نعرف جيداً من يديرك كما تدار الكرة».

واتهم رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، بهشلي بأنه يرتكب جريمة ضد الدولة والأمة التركية، ويحاول تركيع تركيا أمام منظمة إرهابية (العمال الكردستاني).

وانتقد الأمين العام لحزب «الحركة القومية»، عصمت بويوكتامان، درويش أوغلو، قائلاً «إن تعبيراته (الفاحشة) تعني أنه لا يستطيع أن يضبط فمه عندما ينقطع الخيط ويدرك أنه سيخسر».

كما رد على تصريحات أوزداغ قائلاً: «لا أحد يستطيع إخضاع الدولة التركية، ويجب على أوزداغ أن يعرف ذلك جيداً، أينما كان السيد دولت بهشلي، فإن الخيانة والاستسلام غير واردين».

في السياق ذاته، أكد نائب رئيس حزب «الحركة القومية»، فيتي يلدز، أن «هناك شرطاً واحداً لكي يستفيد أوجلان من (الحق في الأمل) في إطلاق سراحه، وهو أن يصدر تقرير عن الطب الشرعي يؤكد أنه مريض وغير قادر على تلبية احتياجاته الخاصة».

محاكمة إمام اوغلو

على صعيد آخر، أجلت محكمة في إسطنبول جلسة النطق بالحكم في قضية اتهم فيها رئيس بلدية إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، أكرم إمام أوغلو، بـ«التزوير في المناقصات» خلال فترة رئاسته لبلدية «بيلك دوزو» في إسطنبول، قبل فوزه برئاسة بلديتها الكبرى في عام 2019.

أكرم إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وكان المدعي العام طالب بحبس إمام أوغلو لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات، وحظر نشاطه السياسي لمدة مماثلة للحكم، لكنه طلب الحصول على وقت إضافي في الجلسة الثامنة التي عقدت، الأربعاء، وكان مقرراً أن يقدم فيها مذكرة تتضمن رأيه، وقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 11 أبريل المقبل.

وقبل انعقاد الجلسة قال محامي إمام أوغلو، كمال بولاط، إن تقرير الخبراء في الملف وقرار مجلس الدولة الصادر فيها، يوضحان أنه لا يمكن اتخاذ قرار آخر غير البراءة.