مبعوث بوتين يؤكد للأسد دعم «استعادة كل الأراضي»

TT

مبعوث بوتين يؤكد للأسد دعم «استعادة كل الأراضي»

أكد الرئيس السوري بشار الأسد، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي المعني بشؤون سوريا ألكسندر لافرينتييف، خلال لقائهما في دمشق أمس «ضرورة استعادة السلطات في دمشق كل أراضي شمال شرقي البلاد».
وجاء ذلك بعد الإعلان عن اتفاق بين «قوات سوريا الديمقراطية» وروسيا لنشر قوات النظام في شمال شرقي البلاد، بدلاً من فصائل تدعمها أنقرة.
وذكرت الرئاسة السورية، في بيان، أن الأسد استقبل، الاثنين، لافرينتييف، وسيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي، وبحثوا «الأوضاع في سوريا، خصوصاً في إدلب، والاعتداءات المتكررة التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية المتمركزة فيها ضد المناطق السكنية المجاورة». وأشار البيان إلى أن الجانبين «أكدا على الموقف السوري الروسي المشترك في مواصلة مكافحة الإرهاب، ومنع تنظيماته من مواصلة استخدام أهالي المنطقة كدروع بشرية، بهدف تحويل إدلب إلى ملاذ دائم للإرهابيين».
كما تطرقت المحادثات إلى الأوضاع في شمال شرقي سوريا «وأكد الأسد ولافرينتييف أن استعادة الدولة السورية للسيطرة على كامل الأراضي والمدن، وعودة مؤسسات الدولة، هي العامل الأساسي في إعادة الاستقرار والأمان لأهالي تلك المنطقة، وعودتهم إلى الحياة الطبيعية».
وبحث الجانبان كذلك «آخر تطورات العملية السياسية، والتحضير للجولة المقبلة من محادثات آستانة»، حيث تم التوصل إلى «اتفاق حول أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين الجانبين، في مواجهة محاولات بعض الدول التدخل في العملية السياسية، وحرفها عن الهدف الأساسي منها، وهو تحقيق مصالح الشعب السوري في الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها». وكانت قوات النظام قد عززت نقاطها «من خلال دخول مواقع جديدة، وتثبيت وجودها في عدد من القرى» في شمال شرقي البلاد. وأفادت الوكالة السورية للأنباء (سانا) بدخول قوات الجيش صوامع عالية على أوتوستراد الحسكة - حلب الدولي، حيث ثبتت مجموعة من النقاط في القرى المحيطة لتعزيز «حالة الأمن»، وتسهيل «عودة الأهالي».
وأوضحت الوكالة أن صوامع عالية تمثل نقطة مهمة «والدخول إليها خطوة استراتيجية بالنسبة لتقدم الجيش، لكونها تشرف على مساحات واسعة من الطريق الدولي، وبالتالي تتيح القدرة على حمايتها، ما ينعكس إيجاباً على سهولة الحركة، بعد استكمال عمليات التقدم باتجاه القرى والمناطق الواقعة على الطريق الدولي، وفتح مجموعة من الطرق الموازية للطريق الدولي، عبر الدخول إلى قرى الكوزلية وتل اللبن وأم الخير، وصولاً إلى منطقة الصوامع».
وأعلن قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، التوصل إلى اتفاق مع روسيا «نص على دخول قواتها إلى بلدات عامودة وتل تمر وعين عيسى، شمال شرقي سوريا، لإرساء الاستقرار في المنطقة».
وقال عبدي، في تغريدة نشرها على حسابه في موقع «تويتر»، إن «قوات سوريا الديمقراطية» استقبلت قائد القوات الروسية العاملة في سوريا، العميد ألكساندر تشايكو، مشيراً إلى أن الاجتماع بين الطرفين كان «مثمراً للغاية»، وأضاف: «اتفقنا على نشر القوات الروسية في كل من عامودة وتل تمر وعين عيسى من أجل أمن واستقرار المنطقة، ونتطلع إلى بذل المزيد من الجهود المشتركة لمصلحة بلدينا».
وتوصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في سوتشي، إلى مذكرة تفاهم نصت على انسحاب الوحدات الكردية من الحدود السورية التركية نحو الجنوب إلى عمق 30 كيلومتراً، ودخول قوات حرس الحدود السورية والشرطة العسكرية الروسية إلى الأراضي المحاذية لمنطقة عملية «نبع السلام» التي لا تزال تحت سيطرة تركيا، والتشكيلات المسلحة السورية المتحالفة معها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.