تجار التجزئة الأميركيون يخوضون سباقاً بلا نهاية للحاق بـ«أمازون»

ارتفعت المبيعات... لكن هوامش الربح انخفضت

أحد مستودعات «أمازون»  (أ.ف.ب)
أحد مستودعات «أمازون» (أ.ف.ب)
TT

تجار التجزئة الأميركيون يخوضون سباقاً بلا نهاية للحاق بـ«أمازون»

أحد مستودعات «أمازون»  (أ.ف.ب)
أحد مستودعات «أمازون» (أ.ف.ب)

يبذل تجار التجزئة في الولايات المتحدة الأميركية كل ما في وسعهم لمواكبة موقع «أمازون» للتجارة الإلكترونية، حيث تقدم سلسلة «ماسيز» عرضاً لتسليم الطلبات في اليوم نفسه، مع إمكانية إعادة البضائع التي تم شراؤها عبر الإنترنت للمتاجر، فيما بدأت سلسلة «كولز» في عروض «الجمعة السوداء» الخاصة بها قبل الحدث بأكثر من أسبوع، أما سلسلة «نوردستروم»، فتقوم بتقديم المشروبات للزبائن في قسم الأحذية النسائية بمتاجرها.
وصحيح أن هذه الاستراتيجيات قد حققت نجاحاً على أحد المقاييس، حيث إنه بعد مرور سنوات على الوقت الذي بدا فيه الأمر وكأن «أمازون» ستقوم بابتلاع هذه الصناعة، فإن مبيعات العديد من السلاسل القديمة الكبيرة مثل «ماسيز» و«كولز» قد استقرت إلى حد كبير، ولكن قد تكون هذه الانتصارات قصيرة الأجل، وذلك لأن تجار التجزئة قد وقعوا على ما يبدو في سباق لا نهاية له مع «أمازون»، فكلما زادت نفقاتهم من أجل المنافسة، انخفضت أرباحهم، وحتى عندما ينجحون في جذب العملاء، فإن «أمازون» يقوم بتوفير طرق جديدة لتقديم البضائع الرخيصة بأقصى سرعة وسهولة.
وتتساءل المسؤولة عن الائتمان في مؤسسة «موديز للتصنيف الائتماني»، التي يركز عملها على تجار التجزئة، كريستينا بوني، عما إذا كان ما يجري هو «سباق تسلّح لن يتوقف أبداً»؟ قائلة إن «هذا الأمر سيتم تحديده لاحقاً».
وليست شركة «أمازون» وحدها هي التي هزت صناعة البيع بالتجزئة، التي تبلغ قيمتها 3.6 تريليون دولار تقريباً، بل هناك أيضاً العشرات من الشركات الناشئة، المدعومة من قبل مستثمرين من القطاع الخاص لا يهتمون بالأرباح الفورية، التي باتت تؤثر على بضائع المتاجر الكبرى، متجراً تلو الآخر.
وقد باتت تكاليف هذا السباق تؤثر على كثير من تجار التجزئة، وذلك حتى في الاقتصاد القوي نسبياً، الذي من المتوقع فيه أن ينفق المستهلكون ببذخ خلال موسم التسوق في العطلات، والذي بدأ مع «الجمعة السوداء»؛ ففي الأسبوع الماضي، أعلنت «كولز» أن أرباحها الربع سنوية قد انخفضت بنسبة 24 في المائة، وأن أرباح العام ستكون أقل مما كان متوقعاً في السابق. وقد أدت هذه الشركات الجديدة، التي تعمل على البيع عبر الإنترنت، في السنوات الأخيرة، إلى إغلاق المتاجر وإفلاس الشركات البارزة مثل «سيرز»، و«تويز آر آص»، و«بارنيز نيويورك»، كما أنها تضغط على دائرة أوسع من تجار التجزئة الذين نجحوا في التكيف بشكل جيد مع عصر التسوق عبر الإنترنت، وقد تكون النتيجة أن يجد الأميركيون أنفسهم أمام أماكن أقل متاحة للتسوق.

مشاكل متعددة الأوجه
ويقول محلل البيع بالتجزئة في شركة «يو بي إس» للشحن، جاي سول، إن «بعض تجار التجزئة قد باتوا في موقف صعب، فقد ارتفعت المبيعات ولكن هوامش الربح انخفضت».
ومن أبرز الشركات التي تعرضت لضربات قاسية هي الشركات الكبرى التي تبيع الملابس والإكسسوارات، مثل «نوردستروم»، حيث تتحمل هذه الشركات تكاليف مزدوجة لتشغيل عمليات التجارة الإلكترونية السريعة والفعالة، مع إبقاء متاجرهم مفتوحة بشكل جذاب للزبائن.
وفي الشهر الماضي، افتتح «نوردستروم» متجراً جديداً عملاقاً جنوب سنترال بارك، وهو أكبر مشروع استثماري في تاريخ الشركة البالغ 118 عاماً، وفي عطلة نهاية الأسبوع الذي تم افتتاح المتجر فيه، كانت الحشود ضخمة للغاية لدرجة أن المتسوقين الذين كانوا يرغبون في تجربة الأحذية كان عليهم أن يأخذوا رقماً لانتظار دورهم، كما لو كانوا في أحد مطاعم الوجبات السريعة.
ويمثل هذا المتجر العملاق، الذي يتكون من 7 طوابق، وهو أكبر من متجر «وولمارت سوبر سنتر»، إضافة لـ«نوردستروم للبيع بالتجزئة» في مانهاتن، مثل منافذ «نوردستروم راك»، وهو متجر لملابس الرجال، كما أنه يوفر فرصة لإرجاع السلع التي تم شراؤها عبر الإنترنت، ومع ذلك، فإن هامش الربح لـ«نوردستروم» يصل إلى ما يقرب من نصف ما كان عليه قبل 8 سنوات، وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الشركة أن هوامش الأرباح قد تحسنت بشكل طفيف في الربع الثالث من العام الحالي حيث عملت الشركة على تخفيض النفقات، وذلك رغم انخفاض المبيعات.
وفي محلات «كولز»، فإن استراتيجية الفوز بالعملاء كانت أقل براعة، ولكنها ليست أقل تكلفة، حيث تعمل سلسلة المتاجر الكبرى على زيادة الخصومات لزيادة المبيعات قبل موسم العطلات. وبسبب عدم قدرتها على التغلب على «أمازون»، فقد حاولت «كولز» الانضمام إليها، حيث باتت الأخيرة تقبل المرتجعات الخاصة بـ«أمازون» في كثير من متاجرها البالغ عددها 1100 متجر، فضلاً عن قيامها بتعبئة وشحن بضائع «أمازون» مجاناً، وذلك في محاولة لجعل المزيد من الناس يتجولون عبر أبواب متاجرها، ويصف الرئيس التنفيذي لـ«كولز» هذه الشراكة بأنها «المبادرة الأكبر خلال العام».
معركة غير عادلة
ولم تكن المنافسة مع «أمازون» معركة عادلة أبداً، فقد لاقت هذه العملاقة إعجاب المستثمرين على مدى عقود من الزمان، وذلك من خلال النمو السريع حتى لو كانت الشركة تخسر أموالاً على الشحن، وعلى بناء مستودعاتها وتطوير أدواتها، حيث تدير «أمازون» أيضاً شركة حوسبة سحابية تمكنها من زيادة الأرباح الإجمالية للشركة، وأعلنت «أمازون» أن أرباحها انخفضت في الربع الأخير من العام الحالي بنسبة 28 في المائة وذلك بسبب زيادة الإنفاق على مبادرات الشحن خلال يوم واحد.
وفي الفترة التي سبقت موسم العطلات، أصبحت «أمازون» أكثر عدوانية، حيث قامت بتوسيع قائمة السلع التي سيتم شحنها مجاناً، خلال يوم واحد لعملائها المشتركين في خدمة «برايم»، ووفقاً لتحليل «مورغان ستانلي»، فإنه عادة ما يكون ثمن المنتج الذي يستوفي شرط الشحن خلال يوم واحد هو 8.32 دولار، فيما تنفق «أمازون» 10.59 دولاراً على تنفيذه وشحنه، مما يعني أن الشركة تخسر أموالاً في كثير من المبيعات، ولكن أمازون تحقق هدفاً أكثر قيمة، وهو الضغط على تجار التجزئة الآخرين لتقديم المستوى نفسه من الراحة للعملاء لإبقائهم لديهم.
ويُعدّ البيع بالتجزئة صناعة ضخمة، ولذا فإنه لا يتم فيها الضغط على كل الشركات، فقد تطورت سلاسل كبيرة مثل «وولمارت» و«تارغت» من متاجر كبيرة إلى متاجر تجزئة، ونجحت في تقديم وسائل الراحة نفسها التي توفرها «أمازون»، مثل التسليم في خلال يوم واحد.
وقد نجحوا في التوسع بسبب بيعهم لمجموعة واسعة من المنتجات مثل المواد الغذائية والأدوات المنزلية التي يضطر العملاء إلى شرائها بشكل منتظم، كما أن الحجم الهائل من البضائع التي يشترونها يتيح لهم فرصة الضغط على مورديهم لخفض تكلفة السلع التي يبيعونها، مما يوفر لهم الأموال اللازمة للاستثمار في التجارة الإلكترونية.
ولكن لا تزال لدى «أمازون» معظم المزايا بالنسبة للعملاء، حيث تقوم الشركة ببناء أسطولها الخاص من الطائرات وشاحنات النقل والبريد السريع، بينما يتعين على تجار التجزئة الآخرين مواجهة ارتفاع الأسعار لشحن البضائع عبر شركات مثل «فيد إكس» أو «يو بي إس».

معاناة طويلة
وقد ظلت سلسلة متاجر «ماسيز» في هذه الحلقة لسنوات، حيث تأسست في الخمسينات من القرن الماضي، واستغرقت عملية توسيع نطاق الشركة وافتتاح سلاسل المتاجر الإقليمية، وبناء متاجر جديدة في مراكز التسوق، أجيال كثيرة متعاقبة، وفي مواجهة ضغوط التجارة الإلكترونية، وبعد ملاحظتها لتقلص عدد العملاء في مراكز التسوق، قضت «ماسيز» السنوات القليلة الماضية في تفكيك تلك الإمبراطورية، حيث باعت بعض متاجرها الأكثر شهرة لجمع الأموال لإعادة استثمارها في أعمالها عبر الإنترنت، ولتحديث متاجرها المتبقية.
وبعد 3 سنوات متتالية من الخسائر، انتعشت مبيعات «ماسيز»، في العام الماضي، لكن من المتوقع أن ينخفض هامش التشغيل إلى 5 في المائة هذا العام عن المستوى المرتفع الذي بلغ 10.2 في المائة في عام 2014. وذلك وفقاً لـ«كابيتال آي كيو»، وقبل أيام، أعلنت «ماسيز» عن تراجع مبيعاتها في الربع الأخير من العام الحالي، بشكل أكبر مما كان متوقعاً، مما دفع أسهم الشركة إلى أدنى سعر لها منذ عقد.
وقال الرئيس التنفيذي السابق لـ«ماسيز»، تيري لوندغرين، في مقابلة إن «الشركة قد باتت تتنافس مع نموذج مختلف اليوم»، مشيراً إلى أعمال «أمازون» بعيداً عن بيع سلع، مثل الأحذية والقمصان، وأضاف: «فالواقع اليوم هو أننا ننافس تاجر تجزئة يقوم بخفض السعر عن قصد، كما أنه ليس مهتماً بكسب المال في كل سلعة يبيعها».
وتابع لوندغرين: «الصفقة المثالية بالنسبة لسلاسل البيع بالتجزئة الرئيسية اليوم هي العميل الذي يتصفح الإنترنت ثم يزور المتجر لشراء السلع الفعلية أو تسلمها بعد حجزها عبر الإنترنت، فهذا يلغي تكاليف الشحن، ويقلل من فرصة إعادة السلع، وذلك لأن العميل يكون قد جرب السلعة بنفسه». بالإضافة إلى ذلك، فإنه عادة ما ينتهي الأمر بالعملاء إلى إنفاق المزيد من الأموال بعد زيارة المتاجر، مشيراً إلى أنه عندما كان يقود «ماسيز»، كان العملاء الذين قاموا بالطلب عبر الإنترنت ينفقون 25 في المائة إضافية عند الذهاب للمتجر، مؤكداً أنه أراد مواصلة تشجيع هذا النوع من المعاملات.

رأس المال المغامر
ثم هناك العشرات من الشركات الناشئة الناجحة في مجال التجارة الإلكترونية، التي تم بناؤها من خلال التسويق الذكي على مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«إنستاغرام»، التي تمارس ضغوطاً أيضاً على المتاجر الكبرى، وفي كثير من الأحيان، يتم تأسيس هذه الشركات لبيع منتج واحد فقط، وشحنها مباشرة إلى المستهلكين، وهؤلاء لديهم عدد قليل فقط من المتاجر، إن وجدت، ويشمل ذلك شركة «أواي» للحقائب، وشركة «أولبيردز» للأحذية، وشركة «إيفرلين» للملابس، وشركة «بروكلينن» لأغطية الأسرة، وتركز كثير من هذه الشركات، المدعومة برأس المال المغامر، على النمو فقط ولا تهتم بجني الأموال على المدى القصير.
ويقول الرئيس المشارك لقسم تجارة التجزئة في شركة الاستشارات «أليكس بارتنترز»، غويل باينز، إن «الشركات التقليدية التي تتمسك بمقاييس الربح والخسارة التقليدية، خصوصاً الشركات العامة، تتعرض للضربات من قبل كثير من الشركات المدعومة برأس مال مغامر، التي تتعامل بشكل مباشر مع المستهلك، حيث لم يتم تأسيس هذه الشركات بناء على نموذج الربح في الوقت الحالي». وأضاف باينز: «لا يوجد أي تحديد للمدة اللازمة لجفاف تدفقات رأس المال لهؤلاء المنافسين الذين يكسبون كل يوم أفضل العملاء لدى المتاجر الكبرى».
- خدمة «نيويورك تايمز»



أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
TT

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولاً غنية أخرى، خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035. وفق وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة، لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد المقبل. ولا بد من حدوث توافق بين المفاوضين من أجل اعتماد أي اتفاق.

جاء هذا التحول في المواقف بعد أن رفضت الدول النامية يوم الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول النامية في مؤتمر (كوب29) قد أُبلغت بالموقف الجديد للدول الغنية، ولم يتضح كذلك ما إذا كان الموقف كافياً للفوز بدعم الدول النامية.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات المغلقة إن الاتحاد الأوروبي أبدى موافقته على قبول المبلغ الأعلى. وذكر مصدران أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وافقت أيضاً.

وأحجم المتحدثان باسم المفوضية الأوروبية والحكومة الأسترالية عن التعليق على المفاوضات. ولم يرد وفد الولايات المتحدة في المؤتمر أو وزارة الطاقة البريطانية بعد على طلب للتعليق.

وتترقب الوفود المشاركة في (كوب29) في باكو بأذربيجان مسودة جديدة لاتفاق عالمي بشأن تمويل المناخ يوم السبت، بعد أن واصل المفاوضون العمل خلال ساعات الليل.

وكشفت محادثات (كوب29) عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية التي تعاني من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتطورة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.