مراقبون: اعتراف القرضاوي بأصول البغدادي «الإخوانية» يرسخ مفاهيم «مصادر العنف»

قالوا إن الجماعة «رحم التطرف».. و«أبوها الروحي» ورطها دون أن يدري

القرضاوي
القرضاوي
TT

مراقبون: اعتراف القرضاوي بأصول البغدادي «الإخوانية» يرسخ مفاهيم «مصادر العنف»

القرضاوي
القرضاوي

رغم أن الشيخ يوسف القرضاوي كان يحاول النأي بجماعة الإخوان المسلمين عما يوجه لها من اتهامات بالضلوع في الإرهاب، فإن القرضاوي، الذي يعد الأب الروحي للجماعة، تسبب في توريط التنظيم في تأكيد ما ذهب إليه كثير من الخبراء والسياسيين من أن «الإخوان» هي منبع التطرف والإرهاب في المنطقة.
وقال القرضاوي، في مقطع مصور جرى بثه خلال الساعات الماضية على موقع «يوتيوب»، إن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي كان في سن الشباب من «الإخوان المسلمين»، لكنه كان يميل إلى القيادة، وأغراه «داعش» بالقيادة بعد خروجه من السجن.
ويرى مراقبون مختصون في شؤون الجماعات الإسلامية أن القرضاوي كان يحاول النأي بجماعته بعيدا عن اتهامها بالتواصل مع تنظيم داعش وغيره من الحركات المتطرفة، وذلك عبر التبرؤ من تصرفات التنظيم الإرهابي، إلا أنه أوقع الجماعة في ورطة أخرى، باعترافه أن البغدادي كان عضوا بالتنظيم في ما مضى. ويشير المراقبون في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اعتراف القرضاوي ليس فيه جديد في حد ذاته، إذ إن فحواه يتفق تماما مع ما يؤكده كل الباحثين في شؤون الإرهاب والحركات الأصولية؛ إلا أن أهميته، وما فجر المفاجأة، تنبع من كونه أبرز اعتراف من أحد رؤوس الجماعة بأنهم منبع الإرهاب»، متابعين أن «فكر الجماعة هو البوابة الرئيسة التي ولجها كل من خاض في التطرف لاحقا، وقلما وجدنا أحد قادة الإرهاب ليس من خريجي عباءة (الإخوان)».
وبدوره، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، أمس، في بيان رسمي إن «اعتراف القرضاوي بأن أبو بكر البغدادي، زعيم ما يسمى (داعش)، كان من المنتمين لجماعة الإخوان، يؤكد ما ذكرناه مرارا من أن جماعة الإخوان هي الأب الروحي لكل تلك الجماعات المتطرفة، والمنبع الرئيس الذي خرجت منه تلك الجماعات الإرهابية».
وتأتي تلك التطورات في وقت شهدت فيه القاهرة أمس إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، تقضي باعتبار اتحاد علماء المسلمين، الذي يترأسه القرضاوي، تنظيما إرهابيا. وصرح الكاتب الصحافي محمود نفادي، مقيم الدعوى وكيل مؤسسي حزب «إحنا الشعب»، بأن عريضة الدعوى استندت إلى أن «اتحاد القرضاوي أحد أفرع جماعة الإخوان الإرهابية، والتشكيل الأخير له ضم الإرهابيين صفوت حجازي وصلاح سلطان، مما يؤكد أن هذا الاتحاد تنظيم إرهابي».
وقال نفادي، في تصريحات إعلامية، إنه «علاوة على ذلك، فإن بيانات هذا الاتحاد تحرض على الإرهاب وقتل رجال الجيش والشرطة، ورئيس الاتحاد القرضاوي نفسه متهم في عدة قضايا إرهابية وهارب خارج مصر واسمه موضوع على قوائم الترقب والوصول».
وعلى صعيد ذي صلة، أمر المستشار هشام بركات، النائب العام المصري، بإحالة السفير محمد رفاعة الطهطاوي، الرئيس السابق لديوان الرئاسة المصرية في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، ورفاعي أحمد رفاعي (محام)، إلى محكمة الجنايات، وذلك «لاستغلال الأول لسلطات منصبه بتعيين الثاني، وهو أحد العناصر الإرهابية المحكوم عليها في قضايا سابقة تضمنت ارتكابه لجرائم إرهابية بحق المواطنين والممتلكات في التسعينات». واعترف الطهطاوي، خلال تحقيقات النيابة العامة، بصلته برفاعي. وأمر النائب العام بحبسهما احتياطيا على ذمة القضية، وإحالتهما إلى المحاكمة الجنائية العاجلة.
وكشفت التحقيقات أن رفاعي «من العناصر الإرهابية الخطرة»، إذ سبق اتهامه في القضية رقم 863 لسنة 1995 جنايات القاهرة، والمعروفة إعلاميا بقضية حرق «نوادي الفيديو»، وأنه عوقب بالأشغال الشاقة لمدة 15 عاما ونفذ العقوبة بالفعل في القضية المذكورة، عن اتهامات تتعلق بارتكابه لجرائم الانضمام إلى جماعة إرهابية، والحريق العمد، وإتلاف السيارات وحيازة سلاح ناري وذخائر وأسلحة بيضاء، والتعدي على أحد المواطنين باستخدام سكين، وحيازة مطبوعات تتضمن ترويجا لأغراض جماعة إرهابية.
وتبين من التحقيقات أن الطهطاوي استغل منصبه كرئيس للديوان الرئاسي، وأصدر تعليماته بتعيين المتهم الثاني بمؤسسة الرئاسة كـ«خبير وطني بالإدارة المركزية للعلاقات العامة برئاسة الجمهورية»، دون إجراء التحريات اللازمة لشغل تلك الوظيفة المهمة، وذلك بالمخالفة لأحكام للقواعد المتبعة في ذلك.
ويعلق مراقبون على تلك الواقعة بأنه «إذا ما كانت الجماعة دائما هي البوتقة التي أفرزت العديد من عناصر الإرهاب في المنطقة، فليس بغريب أن تستعين بعناصر إرهابية للتعاون معها، خاصة وقت سيطرتها على الحكم في مصر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.