رولاندو آرونز: المال ليس هدفي وأرغب في السير على نهج سترلينغ

عاد رولاندو آرونز بذهنه إلى بدايته مع نيوكاسل يونايتد منذ خمسة أعوام ماضية، وغطت وجهه ابتسامة عريضة، بينما كان يحكي قصة لا تحمل في حد ذاتها أهمية تذكر، تعود إلى مباراة على أرض استاد سانت جيمس بارك أمام مانشستر سيتي؛ لكنها تكشف كثيراً عن شخصيته المتواضعة التي لم تنل حقها من التقدير بعد.
وقال آرونز بنبرة تحمل بعض الخجل: «حاولت الحصول على قميص مهاجم سيتي سيرجيو أغويرو؛ لكن ماساديو هايدارا كان قد سبقني إليه بالفعل وطلبه منه. كنت أشعر بالخوف من أن أطلب من لاعبين الحصول على قمصانهم. ولم أكن أطلب هذا إلا من أولئك الذين تربطني بهم معرفة شخصية. لذا، فإن جميع القمصان الموجودة بحوزتي اليوم للاعبين أعرفهم بالفعل».
ونتيجة لذلك، فإنه لا يوجد بحوزة آرونز، الذي انضم إلى ويكومب واندررز المشارك في دوري الدرجة الثانية على سبيل الإعارة في سبتمبر (أيلول) بعد إقصائه عن تشكيل فريق نيوكاسل يونايتد المؤلف من 25 لاعباً والمشارك في بطولة الدوري الممتاز، سوى حفنة من القمصان المتبادلة، منها قمصان ارتداها بوبي ريد، الذي نشأ هو الآخر في إيستون داخل مدينة بريستول، وكذلك يانيك بولاسي، وزميله السابق إيفان توني وآدم آرمسترونغ ورحيم سترلينغ المولود هو أيضاً في منطقة كنغستون ويتطلع نحوه آرونز كمصدر إلهام له.
وقال آرونز: «إنه أشبه ببطل خارق اليوم، فقد نجح في بناء صورة إيجابية له وتعزيزها. وقد تحدثت إليه حول هذا الأمر، وقال إنه تعلم أن يتجاهل الجميع ويركز على نفسه وهذا ما أحاول عمله أنا أيضاً. إنه صاحب شخصية كبيرة ويعتبر نموذجاً كبيراً يحتذى به أمام كل صبي مثلي. لقد كان رحيم هنا ونجح، وذلك رغم أنه يكبرني بعام واحد فقط، ما يبدو جنونياً، ذلك أنه على أرض الواقع يبدو وكأنه كان في الحقل الكروي منذ 10 أعوام على الأقل».
يبدو آرونز شخصية مجاملة ولطيفة المعشر، وجرى لقاؤنا داخل ملعب تدريب ويكومب المتواضع، الذي يبعد كثيراً عن الأضواء والصخب المحيط ببطولة الدوري الممتاز وفعالياتها. واعترف آرونز بـأن مسيرته الكروية لا تسير على النهج الذي كان مخططاً له؛ لكنه يشعر بالطمأنينة والسعادة لمشاركته في اللعب، ويبدو واثقاً من قدرته على العودة إلى الدوري الممتاز. وأشار إلى أنه يستعين بشركة «ويسكاوت» المعنية بتحليل البيانات، للتعرف على معلومات تتعلق بأداء سترلينغ، مع العمل في الوقت ذاته على رفع مستوى أدائه لأقصى مستوى ممكن.
وقال: «أشاهد رحيم ودوغلاس كوستا وكيليان مبابي، وأشاهد كثيراً من اللاعبين يشاركون عبر مساحات واسعة ويسجلون أهدافاً. وأحرص على مشاهدة مقاطع في منزلي أو داخل ملعب التدريب، وأستعين بجهة لتحليل المباريات لتبعث إليَّ ببعض مقاطع، وتوضح لي ما أحتاج إلى تطويره في أدائي. وربما أستعين بمقطع لكريستيانو رونالدو وأتفحصه للتعرف على ما أحتاج إليه. بوجه عام، أعشق كرة القدم كثيراً وأحاول وأتعلم لأتقن اللعب».
في سن الخامسة، انتقل آرونز من جامايكا إلى إنجلترا، وقضى ثلاث سنوات في بريستول سيتي قبل أن يستغني عنه النادي في سن الـ16. وخاض آرونز اختبارات في آرسنال ووستهام يونايتد وكريستال بالاس وبرمنغهام، قبل أن يعرض عليه ليدز عقداً احترافياً. إلا أنه بعد ذلك، ظهر نيوكاسل يونايتد وعرض عليه الانضمام إليه، وبالفعل وقَّع آرونز عقد انضمامه للنادي بعد ساعة واحدة من التدريب. وقال إنه في بادئ الأمر، بدا هذا الانتقال أقرب إلى صدمة ثقافية، فقد كان يعيش بمفرده في عمر الـ18 عندما شارك في أول مباراة احترافية له والتقى نجل عمه، ماكس، مدافع نوريتش سيتي.
وابتسم آرونز وبدت نبرته صادقة للغاية وهي يحكي: «أحاول ضمان ألا يقع في الأحكام الرديئة والأخطاء ذاتها التي وقعت بها عندما كنت في مثل سنه. أحاول أن أدفعه لأن يحيا حياته الخاصة على النحو الصائب».
وأضاف: «كل شيء في الحياة عبارة عن تجارب وأخطاء، وفي مثل هذه السن لا أشعر بأن في مقدوري تحمل تكاليف هذه الأخطاء. أحياناً تعمي الأضواء بصيرة الإنسان. لقد نشأت فقيراً للغاية، وبين عشية وضحاها وجدت الجميع من حولي يحبونني، وأصبح بحوزتي مال أكثر بعض الشيء، وأصبحت أنعم بالحرية. وإذا لم تكن تعلم كيفية التعامل مع هذا الوضع، فإنه قد يجعلك ناجحاً أو يدمرك. بالتأكيد كان من الصعب التعامل مع الأضواء. وأشعر بالامتنان لأنني تجاوزت كل ما مررت به، فقد كانت فترة صعبة للغاية».
جدير بالذكر أن آرونز أكمل عامه الـ24 قبل أسبوع، ورغم العقبات التي واجهها في طريقه منذ البداية؛ خصوصاً اتهامه في شجار بإحدى الحانات، وتعرضه لتمزق في الرباط الصليبي الداخلي، فإن لاعب الجناح نجح في تركيز اهتمامه على الصورة الأكبر، وبدا مدركاً تماماً كيف أن الأمور بمقدورها أن تتبدل بين عشية وضحاها.
وقال: «لعبت أمام دانييل جيمس خلال بدايتي الأولى مع شيفيلد وينزداي (كان معاراً ويلعب أمام سوانزي سيتي) والآن أصبح هو في صفوف مانشستر يونايتد. سيكون من الصعب محاولة تخمين ما كان يمكن أن يحدث آنذاك، وإنما يتعين على المرء المضي قدماً فحسب؛ لأنه لا يعلم على وجه اليقين ما سيحدث لاحقاً».
واعترف آرونز بأن إلقاء القبض عليه من داخل نيوكاسل يونايتد منذ ثلاث سنوات لم يساعد في بناء صورة إيجابية له، وقال إن هناك وجهة نظر ظالمة منتشرة عنه. وأضاف: «سمعت أن أندية رفضت ضمي إليها بسبب ما سمعته من هذا أو ذاك. ولهذه الأسباب، اضطررت إلى الانتقال على سبيل الإعارة لأندية أخرى ومحاولة خوض مباريات وفعل ما يتعين عليَّ فعله. لقد كانت 18 شهراً عصيبة أو ربما كانا عامين منذ انتقالي الأول على سبيل الإعارة؛ لكنني تعلمت خلالهما الكثير. وربما يبدو هذا غريباً لأنني لا أعتقد أنني فعلت أي شيء يستحق هذه السمعة أو الكلمات التي يتفوه بها الناس عني؛ لكن السبيل الوحيد الذي يمكنني تصحيح هذا الأمر من خلاله هو اللعب بشكل جيد وتسجيل أهداف».
هذا تحديداً ما يفعله آرونز مع ويكومب، الذي سجل آرونز أهدافاً لصالحه في آخر مباراتين له في صفوفه، ومن المقرر أن يبقى حتى يناير (كانون الثاني) على الأقل، في خطوة جريئة أخرى بعد انتقاله على سبيل الإعارة إلى هيلاس فيرونا في الدوري الإيطالي الممتاز؛ حيث التقى من جديد بفابيو بتشيا، مساعد المدرب في نيوكاسل يونايتد تحت قيادة رافاييل بينيتيز. خلال تلك الفترة، شارك آرونز أمام يوفنتوس وإنترناسيونالي وميلان على أرض استاد سان سيرو.
وقال: «لست خائفاً من المخاطرة، كان يمكن أن أقول لنفسي: (هل تعرف هذا؟ ولست بحاجة إلى أن أتعب نفسي في هذا، وسأظل مع فريق أقل عن 23 عاماً لأستمتع بوقتي فحسب وأجني المال)؛ لكنني لست هذا الشخص. أنا لا ألعب الكرة من أجل المال، وإنما أرغب في أن أكون لاعباً كبيراً. على المدى الطويل، أرغب في المشاركة في الدوري الممتاز، وإذا تحقق ذلك وأنا في صفوف نيوكاسل يونايتد، فإن هذا سيكون أمراً رائعاً لي؛ لأنه المكان الذي شهد انطلاقتي. إنه نادٍ عظيم وأعشقه، ويحظى بجماهير رائعة».
فيما يخص بينيتيز، قال آرونز إن المدرب الإسباني كان «من الصعب للغاية قراءة أفكاره»، لكنه يقر بمسؤوليته عن التعثرات التي تعرض لها داخل نيوكاسل، رغم أنه تألم كثيراً بسبب استبعاده من جانب المدرب الحالي ستيف بروس.
وقال: «شعرت بصدمة وخيبة أمل كبرى؛ لأني شاركت في التشكيل الأساسي خلال مباريات الاستعداد للموسم الجديد، اعتقدت أنه على أدنى تقدير سأشارك في الفريق. كانت فترة عصيبة ومحبطة؛ لكن المسؤول هنا (غاريث أينورث) اتصل بوكيل أعمالي، وأخبرني وكيل أعمالي أنه تحدث إليه (أينورث) واستمع له حتى النهاية. ويتعين عليَّ تقديم أداء جيد هنا، فهذه خطوة انتقال بالغة الأهمية. وآمل أنه بحلول يناير، سأنظر إلى خطوة الانتقال على سبيل الإعارة هذه، وأشعر بسعادة بالغة من اتخاذي لها».