نجوى نجار: «بين الجنة والأرض» يروي حكايات منسيي الجولان وفلسطين

الفيلم نال «جائزة نجيب محفوظ» في «القاهرة السينمائي»

نجوى نجار خلال تسلمها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي (الشرق الأوسط)
نجوى نجار خلال تسلمها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي (الشرق الأوسط)
TT

نجوى نجار: «بين الجنة والأرض» يروي حكايات منسيي الجولان وفلسطين

نجوى نجار خلال تسلمها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي (الشرق الأوسط)
نجوى نجار خلال تسلمها جائزة مهرجان القاهرة السينمائي (الشرق الأوسط)

لفت الفيلم الفلسطيني، «بين الجنة والأرض»، الأنظار إليه بعد فوزه بـ{جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو» في «المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي»، في دورته الـ41 التي شهدت عرضه الأول عالمياً، وهو ما اعتبرته المخرجة الفلسطينية نجوى نجار بمثابة تكليل لجهود كل العاملين بالفيلم.
وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، قالت إنها «سعيدة بردود الفعل التي نالها الفيلم بالقاهرة، وبجائزة (أفضل سيناريو) بالمهرجان».
وقوبل الفيلم باحتفاء كبير عند عرضه في «مهرجان القاهرة»، وهو من بطولة منى حوا وفراس نصار، وهو ثالث الأعمال الروائية للمخرجة نجار بعد فيلمي «المر والرمان» 2008، و«عيون الحرامية» 2014 الذي ترشح لتمثيل فلسطين في جائزة «أوسكار».
وفي «بين الجنة والأرض»، كما في أفلام نجار كافة، يظل الهمّ الفلسطيني حاضراً، وإن جاء بشكل مغاير. وعن التقاط فكرة الفيلم، قالت نجوى إن «الفكرة بدأت في حيفا داخل محل فلافل، بعدما حدثني صاحب المحل عن مشكلة ابنه الذي لم يستطع الحصول على تصريح بالسفر لدراسة السينما في لندن، لأنه ينتمي لقرية أكريت التي تبعد ثلاثة كيلومتر عن الحدود اللبنانية في فلسطين المحتلة، وحينما بحثنا عنها، عبر خرائط (غوغل)، لم نجدها، ثم ركبتُ سيارتي لأبحث عنها، ورأيت فيها ما يجذبني، وظللتُ أفكر في ذلك، وأسأل زوجي المنتج هاني قرط: كيف نحول القصة إلى فيلم؟ لقد أردت أن أحكي عن هؤلاء المنسيين في فلسطين التاريخية أو السوريين في الجولان المحتلة، من خلال قصة حب وقصة أرض وواقع سياسي مختلف».
وتؤكد نجار أنها تتحدث إلى الناس، وتبحث قبل مرحلة كتابة سيناريوهات أفلامها: «لذا أذهب أنا وزوجي إلى مختلف الأماكن، ثم أكتب تصوري على الورق، قبل الابتعاد قليلاً لأترك السيناريو يتنفس؛ فأنا أعامله ككائن حي، ثم أعود إليه بروح متجددة، وقد استغرق الفيلم ما بين الكتابة والتحضير والتصوير نحو ثلاث سنوات».
وحول هذا الطرح المغاير للقضية الفلسطينية، من خلال مشكلة اجتماعية، تقول نجوى إن «القضية لها أوجه عدة، لكن ما يهمني في هذه الفترة هو أن نتجه للداخل أكثر. لي أصدقاء أعزاء يعيشون في حيفا ويافا، نحن كفلسطينيين لم نختر الاحتلال، لم نختر النكسة، ولا النكبة، نحن نعيش واقعاً مختلفاً، فالفيلم يلقي الضوء على حياة مليونَي شخص في الداخل صاروا مفصولين تماماً عن الأمة العربية بسبب (الباسبور) الإسرائيلي، وهم الأكثر تمسكاً بعروبتهم».
وتوضح أن «قصة الفيلم إنسانية، فما نشاهده يومياً في الأراضي المحتلة يكسر قلبي عما يصير في بلدي، قد يكون هناك من يعيش حياة مريحة مثل بطل الفيلم، لكنه لديه وجه آخر للمعاناة حين اغتيل الأب والأم وهو طفل صغير، كما أن الفيلم ينقل صورة مختلفة للغرب، ليدركوا أن هناك بيوتاً وعائلات في الناصرة وحيفا لديهم مآسٍ أيضاً».
ومثلما واجه بطل الفيلم معاناة في دخول الأراضي المحتلة، واجه الفيلم أيضاً معاناة لا تقل عنها، وهو ما تؤكده المخرجة قائلة: «واجهنا صعوبات كبيرة، لأننا لا نطلب تصاريح من جهات معينة، لكن الأمر لم يخلُ من أزمات؛ فقد تعرض بعض العاملين بالفيلم للسجن لأسباب مختلفة».
في الفيلم، تطرح المخرجة حكاية عن الأم العراقية اليهودية التي يخوض البطل رحلة بحث عنها، حتى يلتقيها في دار للمسنين للوصول إلى هويته، وعما أرادته بهذه الشخصية، تقول نجوى نجار: «لقد أردتُ أن أضع فاصلاً بين الديانة والصهيونية، فجاليات يهودية عدة كانت تعيش في المدن العربية، مثل أهلها، إذ إن الأرض لا بد من أن تحوي جميع الشعوب بعيداً عن الديانات، لكن حين تصير الديانة سياسية فهذه هي العنصرية التي نواجهها في إسرائيل، لقد أخذوا ثمانية آلاف طفل عربي يهودي لكي يقوموا بتنشئتهم على فكرهم مع عائلات أشكيناز في أوروبا».
تنجح نجار في اختيار أبطالها الذين تعول عليهم كثيراً في توصيل رسالتها. وعن اختيارات الممثلين تقول: «اعتمدتُ على ممثلين ينتمون لفلسطين، وبحثتُ عمن يشبه الحكاية؛ فاخترت منى وفراس لدور سلمى وتامر، وكذلك بقية الممثلين الذين بذلوا جهداً كبيراً، وأعتز بهم جميعاً».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».