مواجهة برية «نادرة» في دير الزور بين النظام و«داعش» يقودها «والي» المحافظة

الحكومة السورية تقيل اثنين من كبار مسؤولي الأمن في حمص

سوريون يتبضعون في سوق شعبية وسط دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون يتبضعون في سوق شعبية وسط دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

مواجهة برية «نادرة» في دير الزور بين النظام و«داعش» يقودها «والي» المحافظة

سوريون يتبضعون في سوق شعبية وسط دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون يتبضعون في سوق شعبية وسط دمشق أمس (إ.ب.أ)

اشتبكت قوات النظام السوري، أمس، وفي مواجهة برية «نادرة»، مع مقاتلي «داعش» في محافظة دير الزور شرقي البلاد، في محاولة لاقتحام إحدى المناطق لقطع خطوط الإمداد بشكل كامل عن التنظيم الذي يسيطر على معظم أراضي المحافظة. بينما أقال النظام اثنين من كبار مسؤولي الأمن على خلفية التفجيرين اللذين استهدفا مدينة حمص مطلع الشهر الحالي مما أدى لمقتل 41 طفلا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهة برية «نادرة» وقعت أمس بين مقاتلي «داعش» وقوات النظام التي نفذت محاولة لاقتحام منطقة حويجة صكر لقطع خطوط الإمداد بشكل كامل على التنظيم، لافتا إلى أن «والي دير الزور عن (داعش) كان يقود المواجهة التي أسفرت عن مقتل 10 جنود سوريين».
وأوضح المرصد أن الاشتباكات اندلعت على مقربة من قاعدة عسكرية هي آخر قاعدة رئيسة تسيطر عليها القوات السورية في المحافظة، لافتا إلى أن «داعش» ومقاتلي لواء إسلامي مبايع له، تمكنوا من سحب جثث 5 عناصر لقوات النظام سقطوا خلال المعركة أحدهم ضابط برتبة مقدم.
وتبعت المواجهة البرية غارات شنها الطيران الحربي على أكثر من موقع في منطقة حويجة. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وحدة من القوات المسلحة «أوقعت بعدد من إرهابيي تنظيم دولة العراق والشام قتلى ومصابين ودمرت عددا من آلياتهم وأسلحتهم في منطقة حويجة صكر في الطرف الشمالي لمدينة دير الزور».
وفي تطور لافت، أقال نظام الرئيس السوري بشار السوري اثنين من كبار مسؤولي الأمن استجابة لاحتجاجات سكان موالين للنظام أغضبهم مقتل 41 طفلا في تفجيرين انتحاريين في مدينة حمص مطلع الشهر.
وقال المرصد إنه جرت إقالة اللواء أحمد جميل رئيس اللجنة الأمنية في حمص والعميد عبد الكريم سلوم رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة من منصبيهما دون أي تفسير رسمي.
وعد مدير المرصد أن «رحيل هاتين الشخصيتين ربما يشير إلى تغييرات أخرى في طاقم كبار موظفي الحكومة»، لافتا إلى أن «الحكومة تفكر في إقالة محافظ حمص طلال البرازي ولونا الشبل المستشارة الإعلامية للأسد».
وفي ريف حماه، قال ناشطون إن الفصائل المقاتلة في مدينة مورك وبينها «جبهة النصرة» وكتائب «أحرار الشام»، استعادوا أمس السيطرة على كتيبة الدبابات شمالي المدينة التي تتعرض منذ أشهر لحملة عسكرية أحدثت فيها تدميرا واسعا، وتحدثوا عن استعادة قوات المعارضة أيضا حاجز الكسارة قرب مورك، وعن تدمير آلية عسكرية للقوات النظامية السورية في تلك المنطقة.
في المقابل، قال مدير المرصد لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري كان بالأمس «قاب قوسين من استعادة السيطرة على مورك، لكنه فشل».
وقتل ما لا يقل عن 12 شخصا؛ بينهم مواطنتان و3 أطفال، جراء قصف للطيران الحربي على مناطق في بلدة عين ترما، في ريف دمشق، فيما أفاد المرصد بـ«اشتباكات عنيفة» دارت بين فصائل معارضة بينها «جبهة النصرة» وقوات النظام في حي جوبر شرقي العاصمة. وقالت لجان التنسيق المحلية إن الاشتباكات في الحي ترافقت مع 9 غارات شنها الطيران الحربي السوري. وبالتزامن، تعرضت بلدات زبدين وحمورية ودوما في الغوطة الشرقية لسلسلة غارات أوقعت قتلى وجرحى بينهم أطفال، وفقا لشبكة «شام» ولجان التنسيق.
وفي ريف إدلب، قال ناشطون إن «الجبهة الإسلامية» بالاشتراك مع «الفرقة 13» نسفتا حاجزي الدحروج والحبوش في معسكر الحامدية، وذلك عبر حفر نفقين تحت الأرض وتفخيخهما وتفجيرهما بعشرات الكيلو غرامات من المتفجرات. وتوقع الناشطون أن يكون عشرات قضوا خلال العملية. وأفادت لجان التنسيق المحلية بقصف مسلحي الجيش الحر معسكر القرميد وحاجزي الزعلانة والضبعان.
وبالتزامن، أعلنت فصائل سورية عن بدء معركة جديدة أطلقت عليها «القصاص العادل» للسيطرة على مزيد من المناطق في محافظة القنيطرة من أجل فتح طريق إلى ريف دمشق الغربي. وكانت «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» سيطرت قبل أسابيع على أجزاء مهمة من ريف القنيطرة الأوسط والجنوبي، فيما تمكنت أخيرا من السيطرة على تل الحارة الاستراتيجي بين محافظتي القنيطرة ودرعا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.