مجلس الأمن الدولي يشارك 13 دولة عربية لتحديث استراتيجية مكافحة الإرهاب

بن رقوش: لتوصيات قابلة للتطبيق.. والظاهرة أصبحت عالمية

مجلس الأمن الدولي يشارك 13 دولة عربية لتحديث استراتيجية مكافحة الإرهاب
TT

مجلس الأمن الدولي يشارك 13 دولة عربية لتحديث استراتيجية مكافحة الإرهاب

مجلس الأمن الدولي يشارك 13 دولة عربية لتحديث استراتيجية مكافحة الإرهاب

في إطار الخطة الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب، أجمعت 13 دولة عربية أمس على أن ظاهرة الإرهاب أصبحت تهدد أمن وسلامة دول العالم بأسره، وذلك عبر لجوء أفراد أو جماعات يتخذون من القتل بأبشع صوره سلاحا لزعزعة أمن واستقرار المجتمع الدولي.
جاء ذلك في الوقت الذي بدأت فيه أعمال الملتقى الدولي الذي تنفذه جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالتعاون مع منظمة (إيسيسكو)، وبدعم مباشر من مجلس الأمن الدولي، وبمشاركة 100 متخصص من وزارات الداخلية، والعدل، والإعلام، والخبراء في مكافحة الإرهاب من 13 دولة عربية في العاصمة المغربية الرباط.
من جهته، أكد الدكتور جمعان بن رقوش، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الذي كان موجودا في العاصمة المغربية عبر اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، أن الإرهاب أصبح يشكل معول هدم يقوض بناء التنمية في أي مجتمع بشري، مشيرا إلى أن هذا التجمع العربي الذي تستضيفه الرباط جاء للوقوف على أثر الإرهاب في الأمن والسلم العالمي، حيث انطلقت أمس أولى فعالياته، بمشاركة خبراء من مجلس الأمن، وعدد من المنظمات الدولية والعربية، ووزارات الداخلية والعدل في الدول العربية، وغيرها من الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب.
وأضاف بن رقوش: «ستناقش الدول المشاركة عددا من الموضوعات والمحاور والتجارب الدولية في مكافحة الإرهاب، ونتطلع من خلال ما سيتناوله المشاركون للوصول إلى توصيات فاعلة وقابلة للتطبيق في مجال مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، ولا شك أن مجموعة الخبراء الذين قدموا أبحاثا علمية في هذا الملتقى ثرية بمحتواها العلمي، ستشكل إضافة جيدة تصب في وعاء مكافحة الإرهاب، وتدعم الجهود المميزة التي يقوم بها رجال مكافحة الإرهاب، ولا شك أيضا أن السعودية لها باع طويل في مكافحة الإرهاب على المستويين المحلي والدولي».
وعد رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، وهي الجهة المنظمة للملتقى، أن إنشاء مركز مكافحة الإرهاب ودعمه دعما ماديا سخيا من قبل خادم الحرمين الشريفين، يشكل الصورة المشرقة للدعم السعودي لجهود مكافحة الإرهاب على مستوى العالم، مدركة بذلك أن الإرهاب لا وطن ولا دين له يضرب بأطنابه متى وجد البيئة الحاضنة، ويندحر ويتلاشى عندما يجد المناهضة والحرب عليه، مشيرا إلى السعي العالمي لدعم الجهود الميدانية والفكرية المناهضة للأنشطة الإرهابية وفكرها، متطلعا إلى أن يخرج هذا التجمع الدولي بعدد من التوصيات التي من شأنها المساهمة في دحر الإرهاب بجميع أشكاله.
إلى جانبه، قال الدكتور عبد العزيز التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو): «إن هذا الملتقى العلمي المهم يتناول موضوعا شائكا يحظى باهتمام بالغ من قبل المجتمع الدولي، في ظل ما يعرفه العالم اليوم من عدم استقرار، بسبب تنامي ظاهرة الإرهاب التي أصبحت تهدد أمن وسلامة المجتمع الدولي بكامله»، مؤكدا استعداد الـ«إيسيسكو» وفي إطار اختصاصها للتعاون مع الجامعة لتنفيذ القرارات والتوصيات التي سيتمخض عنها الملتقى، انطلاقا من الأهداف الرامية إلى دعم التفاهم بين الشعوب، والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل، لا سيما عن طريق التربية والعلوم والثقافة، والاتصال، والتعريف بالصورة الصحيحة للإسلام، وتشجيع الحوار بين الحضارات.
وسيناقش الملتقى خلال الأيام المقبلة محور (آثار الإرهاب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية)، ومحور (وسائل المكافحة الوطنية والإقليمية والدولية)، و(تقييم الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب)، وستقدم الكثير من الأوراق العلمية حول هذه المحاور من أهمها: «السياسات الوطنية والإقليمية والأممية في مكافحة الإرهاب»، كما ستعقد مائدة مستديرة حول تجارب الدول في مواجهة الجرائم المستجدة والمستحدثة، بالإضافة إلى الجلسة الختامية التي ستناقش التوصيات العلمية التي توصل إليها الملتقى.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.