الرئيس البرازيلي الأسبق لولا يعود من السجن إلى المشهد السياسي «راديكالياً»

يعد بضخّ النشاط في عروق اليسار بعد نكسته التي حملت بولسونارو إلى سدّة الحكم

ديلما روسيف ولولا دا سيلفا يداً بيد لإعادة اليسار العمالي إلى الساحة السياسية البرازيلية (أ.ف.ب)
ديلما روسيف ولولا دا سيلفا يداً بيد لإعادة اليسار العمالي إلى الساحة السياسية البرازيلية (أ.ف.ب)
TT

الرئيس البرازيلي الأسبق لولا يعود من السجن إلى المشهد السياسي «راديكالياً»

ديلما روسيف ولولا دا سيلفا يداً بيد لإعادة اليسار العمالي إلى الساحة السياسية البرازيلية (أ.ف.ب)
ديلما روسيف ولولا دا سيلفا يداً بيد لإعادة اليسار العمالي إلى الساحة السياسية البرازيلية (أ.ف.ب)

لم ينتظر الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيغناسيو لولا طويلاً بعد خروجه من السجن مطالع الشهر الماضي، ليعلن عزمه على نهج استراتيجية يساريّة متشددة لمواجهة السياسة اليمينية المتطرفة لحكومة الرئيس الحالي جايير بولسونارو، مخيّباً بذلك آمال الكثيرين الذين كانوا يراهنون على جنوح حزب العمّال نحو الوسطية والاعتدال بعد الهزيمة التي مُني بها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وجاء إعلان لولا في الكلمة التي افتتح بها المؤتمر السنوي لحزب العمّال حيث، على غير عادته، ألقى خطاباً مكتوباً بعناية ختمه بقوله: «لا يعرفون ماذا ينتظرهم في مواجهة رجل مغروم بلغ الرابعة والسبعين»، على مرأى قيادات الحزب من خلَفه الرئيسة السابقة ديلما روسّيف إلى المرشّح السابق لرئاسة الجمهورية فرناندو حدّاد... وصديقته التي تصغره بأربعة وثلاثين عاماً، والتي تعرّف عليها خلال وجوده في السجن حيث كانت تتردد على زيارته خلال فترة اعتقاله.
ويأتي الإفراج عن لولا ليضخّ النشاط في عروق اليسار البرازيلي الذي دخل في سبات عميق منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي حملت جايير بولسونارو إلى سدّة الرئاسة وهيمنته على المسرح السياسي الذي انكفأت عنه الأحزاب والقوى اليسارية التي دعاها إلى تجديد نشاطها انطلاقاً من المبادئ الأساسية التي قامت عليها وناضلت من أجلها، قائلاً: «أولئك الذين يتوجّسون المواجهة، نقول لهم بكل ثقة وشجاعة: نحن نقيض بولسونارو، وليس مسموحاً لنا بأن نبقى في منتصف الطريق».
وكان لولا قد غادر السجن حيث أمضى 580 يوماً، بعد قرار المحكمة العليا الذي قضى ببقاء المتهمين الذين صدرت أحكام بحقّهم خارج السجن حتى استنفاد جميع المراحل الاستئنافية، وقال: «كنّا وسنبقى المعارضة في وجه حكومة بولسونارو التي تنهش حقوق العمّال وترفع معدّلات البطالة وتخفّض الحد الأدنى للأجور وتعيد شبح الجوع وتدمّر البيئة وتشيطن النساء والسود والمثليين وكلَّ من يتجرّأ على الاختلاف معها في الرأي».
ويتوقّع المراقبون فترة سياسية واجتماعية ساخنة خلال السنوات الثلاث المتبقّية من ولاية بولسونارو بعد عودة لولا إلى واجهة المشهد السياسي، وما أعلنه ردّاً على الانتقادات الشديدة التي وُجّهت إليه لنهجه سياسة راديكالية في السابق: «أجل، نحن راديكاليّون... راديكاليّون في دفاعنا عن السيادة الوطنية واستقلال قرارنا، وعن الجامعات الرسمية المجّانية، والتغطية الصحّية للجميع... وأعداءٌ لمن ينكر القرائن العلمية أو يتجاهلها».
ورغم أن الأحكام التي صدرت في حق لولا، وقضت بإيداعه السجن قبل أن يخرج بموجب قرار المحكمة العليا بانتظار نهاية إجراءات الاستئناف وصدور الأحكام النهائية، تمنعه من الترشّح مجدداً في الانتخابات الرئاسية أو الاشتراعية، فإن حزب العمّال يعقد الأمل في إلغائها استناداً إلى ما ثبت مؤخراً عن عدم حياد القاضي سرجيو مورو الذي نظر في تلك القضايا، والذي يتولّى اليوم منصب وزير العدل في حكومة بولسونارو.
لكن نهوض اليسار البرازيلي وعودته إلى المشهد السياسي بالقوّة نفسها التي تمتّع بها خلال السنوات الماضية دونهما عقبات عدة، من تقدّم لولا في السن بعد أن أشرف على الخامسة والسبعين، ومشاعر الرفض العميقة لحزب العمّال في المجتمع البرازيلي بعد فضائح الفساد التي طالته عندما كان في الحكم والتي كانت الرافعة الأساسية التي حملت بولسونارو إلى الرئاسة، إضافة إلى الملفّات القضائية الأخرى التي لن تبتّ بعد في حق لولا.
ورغم أن حزب العمّال ما زال يشكّل الكتلة الكبرى في البرلمان، فإنه يحتاج للفوز في الانتخابات إلى التحالف مع القوى الأخرى التي، رغم معارضتها الشديدة لبولسونارو، لا يبدي معظمها حماساً لخوض المعارك السياسية مح حزب لولا الذي فقد كثيرا من صدقيته في الفترة الأخيرة. وهذا ما دفع لولا لتوجيه كلامه إلى قيادات تلك الأحزاب التي كانت حاضرة في المؤتمر بقوله: «إنقاذ البلاد من الدمار مهمّة مستحيلة إذا اقتصرت على حزب واحد». لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كان حزب العمّال سيميل في سعيه وراء التحالفات الانتخابية إلى الوسط أو إلى الحزب الشيوعي وحزب الاشتراكية والحرّية.
ويرى المراقبون أن خطوة بولسونارو الأخيرة بالتخلّي عن الحزب الذي رشّحه إلى الانتخابات وتأسيسه حزبا جديدا يمينيا متطرّفا هو حزب «التحالف من أجل البرازيل»، من شأنها أن تصبّ في مصلحة اليسار، على الأقلّ في الانتخابات المحلّية المقبلة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، إذ من المرجّح ألا يكون حزب بولسونارو الجديد في جاهزيّة لخوض تلك الانتخابات. لم يوضح لولا بعد إذا كان ينوي الترشّح لانتخابات الرئاسة المقبلة في عام 2022، ويستبعد أن يفعل ذلك قبل معرفة مصير استئنافه الأحكام الصادرة بحقّه والقاضية بسجنه عشرين عاماً، والتي قال عنها «لأنني أومن بالله وبالقضاء في هذا البلد، سنهزم هذه المسرحية».
عندما يحين موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في البرازيل يكون لولا قد تجاوز السابعة والسبعين من العمر وهو ما زال يردد «أحمل سبعين عاماً من الخبرة، وثلاثين من الطاقة وعشرين من المثابرة».
لكن هذا الرجل الذي كان أوّل عامل يصل إلى رئاسة البرازيل في عام 2003 بعد أن فشل في محاولات ثلاث سابقة، هو الذي قال مؤخراً: «عندما يبدأ الزعيم يشعر بأنه لا غنى عنه، يبدأ طاغية صغير بالنموّ في داخله». رحّب بالرئيس الأرجنتيني الجديد... وجّه تحيّة إلى الذين يحتجّون في شوارع تشيلي وكولومبيا، وإلى البوليفيين... وخاطب المتشبّثين بالسلطة.



دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
TT

دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)

يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محادثات في دمشق اليوم (الخميس)، في اليوم الثاني من زيارته البارزة التي أكد خلالها دعم بلاده المتجدد لسوريا وتخللها توقيع مذكرة تفاهم لتعاون استراتيجي طويل المدى في مجالات عدّة بين البلدين.
وزيارة رئيسي إلى دمشق على رأس وفد وزاري رفيع هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، الذي قدّمته طهران لدمشق وساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية. وتأتي هذه الزيارة في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس (آذار) استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجَّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ عام 2011.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1654027328727711744
وبعدما أجرى محادثات سياسية موسّعة مع نظيره السوري بشار الأسد الأربعاء، يلتقي رئيسي في اليوم الثاني من زيارته وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية، ويزور المسجد الأموي في دمشق، على أن يشارك بعد الظهر في منتدى لرجال أعمال من البلدين.
وأشاد رئيسي الأربعاء بـ«الانتصار»، الذي حقّقته سوريا بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، «رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها، مؤكّداً أنّ العلاقة بين البلدين «ليست فقط علاقة سياسية ودبلوماسية، بل هي أيضاً علاقة عميقة واستراتيجية».
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لـ«خطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد»، التي تشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة. وقال رئيسي إنه «كما وقفت إيران إلى جانب سوريا حكومة وشعباً في مكافحة الإرهاب، فإنها ستقف إلى جانب أشقائها السوريين في مجال التنمية والتقدم في مرحلة إعادة الإعمار».
ومنذ سنوات النزاع الأولى أرسلت طهران إلى سوريا مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات «المتطرفة» والمعارضة، التي تصنّفها دمشق «إرهابية». وساهمت طهران في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله» اللبناني، للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019. وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير (شباط) 2019 والثانية في مايو (أيار) 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 سبتمبر (أيلول) 2010. قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع، الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب في نزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.