من التاريخ: قناع فوكس

من التاريخ:  قناع فوكس
TT

من التاريخ: قناع فوكس

من التاريخ:  قناع فوكس

«تذكر تذكر الخامس من نوفمبر» هكذا يغني البريطانيون في مساء الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) لتذكير أنفسهم في احتفالية مهيبة في الميادين بأكبر عملية إرهابية حتى هذا التاريخ، وهي المعروفة بـ«مؤامرة البارود Gunpowder Plot» عندما حاول مجموعة من الكاثوليك تفجير مبنى البرلمان أثناء احتفالية افتتاح الملك لمجلس اللوردات في هذا اليوم. وحقيقية الأمر أن جذور هذه الواقعة ترجع إلى عام 1534 عندما أصر الملك هنري الثامن على الانفصال بالكنيسة في إنجلترا عن البابا لرفضه منح ملك إنجلترا إلغاء لزواجه من «كاثرين الأرجونية» ليتسنى له الزواج من محبوبته «آن بولين» خاصة مع وجود مشكلات مرتبطة بإيجاد ولي للعهد. وقد استمر استقلال الكنيسة الإنجليزية لفترة زمنية محددة حتى وفاة الملك هنري الثامن، ولكنها سرعان ما عادت لأحضان الكنيسة الكاثوليكية على أيدي خليفته، لتعود مرة أخرى للاستقلال مع الملكة إليزابيث الأولى في عام 1558، وقد استمر هذا الوضع المقلق داخليا خاصة مع بقاء نسبة غير قليلة من الشعب على مذهبه الكاثوليكي، وهو ما جعلهم عرضة للاضطهاد والتعذيب المستمر على أيدي حكم الملكة، ولكن بموتها وتولي الملك جيمس الأول زادت الآمال في احتواء هذا الاضطهاد، ولكن هذا لم يحدث خاصة مع شروعه في حظر المذهب الكاثوليكي في البلاد، وهو ما دفع مجموعة من الكاثوليك للسعي للتخلص من هذا الملك.
بدأ هذا المخطط على أيدي مجموعة تحت قيادة شخصية تدعى كاتسبي، الذي وضع مخططه لتفجير مبنى البرلمان عندما يقوم الملك بافتتاح جلسة مجلس اللوردات، وقد انضم لهذه المجموعة شخصية جيي فوكس بوصفه خبيرا في المفرقعات واستخدام البارود. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن المتآمرين فكروا بادئ الأمر في شق نفق تحت مبنى البرلمان من أجل الوصول إلى القبو تحت القاعة التي سيجتمع فيها الملك بما يمكنهم من تفجير تلك القاعة التي تضم الملك وكل رجال الدولة، وذلك في الوقت الذي سيسافر باقي المتآمرين إلى الشمال لتحريك الانتفاضة الكاثوليكية في البلاد، وترك الأمر إلى «فوكس» ليتولى عملية التفجير. وتختلف الروايات التاريخية في هذا الإطار بين رافض لهذه الفكرة لاستحالة شق هذا النفق، وأصحاب نظريات أخرى. وتُرجح الروايات الأخرى أن المخطط اعتمد على تأجير المتآمرين لتفجير قبو البرلمان، وتمكنوا من إدخال 36 برميلا من البارود تدريجيا على فترة زمنية ممتدة، خاصة أن المؤامرة بدأت قبل التاريخ المحدد لتنفيذها بأكثر من عام.
وعلى الرغم من دقة الترتيبات والتفاصيل الخاصة بالمخطط، فإنه فشل بأسرع مما كان متوقعا. وهنا يختلف المؤرخون أيضا حول السبب الحقيقي لإفشاء المخطط، فيرى فريق منهم أن السبب الرئيس كان رسالة وصلت إلى اللورد مونتيجل، أحد رجال الدولة الكاثوليك بالبلاط الملكي، تحذره من الذهاب إلى البرلمان في ذلك اليوم. ويقال إن الرجل كان ولاؤه للملك مطلقا، وبالتالي وجه الملك بقيام الحرس بتفتيش البرلمان تفتيشا كاملا، حيث جرى العثور على «فوكس» وهو بداخل المبنى يجهز الأخشاب تحت براميل البارود استعدادا لتفجيرها في الوقت المتفق عليه، ليلقى القبض عليه على الفور ويُرسل إلى سجن لندن حيث جرى تعذيبه بأمر مباشر من الملك للاعتراف بأعوانه، ولم يستطع الرجل تحمل التعذيب فأفشى السر بالكامل، وبدأت عملية مطاردة أعوانه الذين فروا إلى الشمال، وقد جرى إلقاء القبض عليهم بمن فيهم المنظم الأساسي للمؤامرة، وجرى إعدامهم بعد المحاكمة بتهمة الخيانة العظمى.
تشير بعض المصادر التاريخية إلى وجود عدد من النقاط التي قد تلقي بظلالها على هذه القصة كما يجري تداولها، وعلى رأسها أن تجارة البارود كانت حكرا على الدولة، ومن ثم، فإن حصول المتآمرين على هذا الكم من البارود يعد أمرا مشكوكا فيه، وهو ما يرجح وجود مشاركة من داخل البلاط الملكي في هذه المؤامرة؛ إما للتخلص من الملك، أو لكشف المؤامرة في الوقت المناسب حتى يمكن إيجاد سبب مباشر لمزيد من الاضطهاد للكاثوليكية في البلاد، بما يفتح المجال أمام تصفيتهم تماما خلال المرحلة التالية، وهو ما جرى بطبيعة الحال، خاصة بعد الحرب الأهلية البريطانية التي اندلعت بعدها بثلاث حقب تقريبا.. بينما يشكك فريق آخر من المؤرخين في الخطاب الموجه إلى اللورد مونتيجل ذاته، ويرون أنه مشكوك فيه من الأساس، وأن أحد الأسباب وراء كشف المخطط كان ازدياد عدد المشاركين في المؤامرة مع مرور الوقت بما سمح بإفشاء المخطط لكثرة العالمين به.
وأيا كانت الأسباب التي كشفت المؤامرة أو الحقائق المرتبطة بها، فإنه مما لا شك فيه أن هذه المؤامرة الإرهابية ثابتة في التاريخ، ويظل البريطانيون إلى يومنا هذا يحتفلون بذكراها كل عام.
تعد هذه الواقعة الشهيرة بكل المقاييس أكبر عمل إرهابي مخطط حتى تاريخه، فالعالم لم يعرف حتى هذا الوقت عملية إرهابية بهذا الحجم أو العمق، التي لو نجحت لكان لها دورها المتوقع في القضاء على كل رموز الدولة الإنجليزية بشكل يكاد يكون كاملا، وزيادة فرص تغيير الهوية الإنجليزية حتى يومنا هذا بإدخال العنصر الكاثوليكي مرة أخرى في المعادلة السياسية. كما أن هذه الواقعة بكل تأكيد تنفي مزاعم من يسعون لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، فمخططو هذه العملية الإرهابية التي لم تنجح كانوا من الكاثوليك، وكانت موجهة ضد ما يمثله النظام الإنجليزي وكنيسته، لتؤكد أن الإرهاب بحق ليس له دين أو هوية أو قومية، وأنه سلوك إنساني مستخدم منذ القدم. ولكن هذا ليس العنصر الغريب الوحيد هنا، فالمستغرب له أن شخصية جيي فوكس بدأت تظهر خلال السنوات القليلة الماضية كنوع من الرمز للثورة، خاصة بعد ظهور فيلم الخيال العلمي المستقبلي بإنتاج أميركي - ألماني بعنوان «في للانتقامV for Vendetta» الذي كان البطل يلبس فيه قناع جيي فوكس ليفجر حكومة النظام السياسي الشمولي في بريطانيا تأثرا بهذا الرجل..
ولكن السؤال المُحير الذي لم أجد له إجابة شافية حتى الآن هو: ما سبب انتشار هذا القناع في العديد من دول الشرق الأوسط؟!



دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو
TT

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. «عناد» الرئيس الجديد قاده، وعلى نحو مذهل، لإزاحة خصمه الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه حزب قويّ هيمن على السلطة قرابة 6 عقود مرّت على استقلال بوتسوانا. ويبدو أن وعورة طريق بوكو إلى الانتصار لن تحجب حقيقة أن وديعة الفقر والفساد والبطالة و«تمرّد الاستخبارات»، التي خلفها سلفه ماسيسي، ستكون أخطر الألغام التي تعترض مهمة بوكو، الذي دشّن مع بلاده تداولاً غير مسبوق للسلطة، في بلد حبيسة جغرافياً، اقترن فيها الفقر مع إنتاج الماس.

إلى جانب «العناد في ساحة القتال» والتواضع المُقترن بالثقة في النفس، يبدو أن رهان الانتصار للفقراء والطبقات الدنيا هو المحرّك الرئيسي في المسارات المتوقعة للرئيس البوتسواني الجديد دوما بوكو. وبالفعل، لم يبالغ الرئيس المنتخب في أول تصريحاته لوسائل الإعلام عندما خاطب شعبه قائلاً: «أتعهد بأنني سأبذل قصارى جهدي وعندما أفشل وأخطئ، سأتطلع إليكم للحصول على التوجيه».

هذه الكلمات قوبلت باهتمام واسع من جانب مراقبين، بعد أداء بوكو (54 سنة) اليمين الدستورية أمام حشد من آلاف من الأشخاص في الاستاد الوطني بالعاصمة خابوروني، في مراسم حضرها قادة مدغشقر، وناميبيا، وزامبيا وزيمبابوي، وبدأت معها التساؤلات عن مستقبل بوتسوانا.

من هو دوما بوكو؟

وُلد دوما جديون بوكو عام 1969، في قرية ماهالابي الصغيرة التي تبعد 200 كلم عن العاصمة خابوروني، وترعرع وسط أسرة متواضعة، لكن اللافت أنه كان «يتمتع بثقة عالية في النفس واحترام أهله وذويه في طفولته وصباه»، وفق كلام لأقاربه لوسائل إعلام محلية. وهذه الصفات الإيجابية المبكرة، اقترنت لدى الرئيس الجديد بـ«إيمان عميق بالعدالة»، وفق عمته، وربما أكسبته هذه الصفات ثقة زملاء الدراسة الذين انتخبوه رئيساً لاتحاد الطلاب في المدرسة الثانوية.

أكاديمياً، درس بوكو القانون في جامعة بوتسوانا، لكنه - بعكس أقرانه اليساريين في العالم - كان منفتحاً على إكمال دراسته القانونية في الولايات المتحدة، وبالذات في كلية الحقوق بجامعة هارفارد العريقة، حيث تشربت ميوله اليسارية بـ«أفكار ديمقراطية» انعكست على مستقبله السياسي. أما عن المشوار المهني، فقد ذاع صيت بوكو بوصفه أحد ألمع محامين بوتسوانا.

مشوار التغيير

نقطة التحول في رحلة الرئيس الجديد باتجاه القصر الرئاسي، بدأت بتوليه زعامة حزب «جبهة بوتسوانا الوطنية» عام 2010.

يومذاك، كانت «الجبهة» تتمسك بأفكار شيوعية تلاشت مع أفول شمس الإمبراطورية السوفياتية، إلا أن بوكو بحنكته وواقعيته، مال بها نحو اشتراكية «يسار الوسط». ولم يتوقف طموح بوكو عند هذه النقطة، بل خطا خطوة غير مسبوقة بتشكيله ائتلاف «مظلة التغيير الديمقراطي» عام 2012، وهو تحالف من الأحزاب المعارضة للحكومة بينها «الجبهة». وأطلق بهذا الائتلاف عملياً «شرارة» التغيير بعد إحباط طويل من هزائم المعارضة أمام الحزب الديمقراطي البوتسواني، المحافظ،، الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1966.

طوال 12 سنة، لعب المحامي اليساري الديمقراطي بوكو دوراً حاسماً في قيادة الائتلاف، ولم ييأس أو يستسلم أو يقدم تنازلات على الرغم من الهزائم التي لحقت بالائتلاف.

وفي غمار حملة الدعاية بانتخابات الرئاسة البوتسوانية الأخيرة، كان المحللون ووسائل الإعلام منشغلين بانعكاسات خلاف قديم بين الرئيس (السابق) ماسيسي وسلفه الرئيس الأسبق إيان خاما، في حين ركّز بوكو طوال حملته على استقطاب شرائح من الطبقات الدُّنيا في بلد يفترسه الفقر والبطالة، وشدّدت تعهدات حملته الانتخابية عن دفاع قوي عن الطبقات الاقتصادية الدنيا في المجتمع وتعاطف بالغ معها.

ووفق كلام الصحافي إنوسنت سيلاتلهوا لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) كان بوكو «يناشد أنصاره الاقتراب من الناس والاستماع إلى شكاواهم». وبجانب أن أسلوب الرئيس الجديد - الذي استبعد الترشح لعضوية البرلمان) - كان «جذاباً وودوداً دائماً» مع الفقراء وطبقات الشباب، حسب سيلاتلهوا، فإن عاملاً آخر رجَّح كفّته وأوصله إلى سدة السلطة هو عودة الرئيس الأسبق خاما إلى بوتسوانا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي من منفاه في جنوب أفريقيا، ليقود حملة إزاحة غريمه ماسيسي عبر صناديق الاقتراع.

انتصار مفاجئ

مع انقشاع غبار الحملات الانتخابية، لم يتوقع أكثر المتفائلين فوز ائتلاف بوكو اليساري «مظلة التغيير الديمقراطي» بالغالبية المطلقة في صناديق الاقتراع، وحصوله على 36 مقعداً برلماناً في انتخابات 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة بأربعة مقاعد فقط للحزب الديمقراطي. وبالتالي، وفق دستور بوتسوانا، يحق للحزب الذي يسيطر على البرلمان اختيار الرئيس وتشكيل حكومة جديدة. ولقد خاضت 6 أحزاب الانتخابات، وتقدم أربعة منها بمرشحين لرئاسة الجمهورية، في حين سعى ماسيسي لإعادة انتخابه لولاية ثانية رئيساً للدولة.

تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة

مستويات عالية جداً من البطالة نسبتها 27.6 % فضلاً

عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 %

وبقدر ما كانت هذه الهزيمة صادمة للحزب الديمقراطي والرئيس السابق ماسيسي - الذي سارع بالاعتراف بالهزيمة في حفل التنصيب - فإنها فاجأت أيضاً بوكو نفسه، الذي اعترف بأنه فوجئ بالأرقام.

تعزيز العدالة الاجتماعية

لعل بين «أسرار» نجاح بوكو، التي رصدها ديفيد سيبودوبودو، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة بوتسوانا، «بروزه زعيماً حريصة على تعزيز العدالة الاجتماعية». وفي مسار موازٍ رفعت أسهمه خبرته الحقوقية وخاصة حقوق قبيلة الباساروا (السان)، وهم السكان الأصليون في بوتسوانا، وفق موقع «أول أفريكا». هذا الأسبوع، دخلت وعود الرئيس الجديد محك التجربة في مواجهة مرحلة بلد يعاني مرحلة «شكوك اقتصادية»؛ إذ تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، مستويات عالية جداً من البطالة تبلغ 27.6 في المائة، فضلاً عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 في المائة، وفق أرقام رسمية واستطلاعات رأي. وخلص استطلاع حديث أجرته مؤسسة «أفروباروميتر» إلى أن البطالة هي مصدر القلق «الأكثر إلحاحاً» للمواطنين مقارنة بالقضايا الأخرى.

الأرقام السابقة تصطدم بوعود أعلنها بوكو برفع الراتب الأساسي وعلاوات الطلاب ومعاشات الشيخوخة، والاهتمام بشريحة الشباب، علماً بأن نحو 70 في المائة من سكان البلاد دون سن الـ35 سنة. ويتمثل التحدي الأكبر بتعهد الرئيس بـ«تنويع الاقتصاد» الذي يعتمد في 90 في المائة من صادراته على الماس. لذا؛ قال الباحث سيبودوبودو لموقع «أول أفريكا» شارحاً: «حكومة بوكو في حاجة إلى تحويل الاقتصاد بحيث يخلق فرص العمل، وهذا أمر صعب في خضم ركود سوق الماس، أكبر مصدر للدخل في البلاد». في المقابل، يرى المحلل السياسي ليسولي ماتشاشا أن الرئيس بوكو «شغوف بالمعرفة والتعليم، ولديه دائماً فهم جيد للشؤون والقضايا الداخلية الجارية في بوتسوانا... وكذلك فهو جاد في إصلاح البلاد».

... الدافع الحقوقي

وفي موازاة الهاجس الاقتصادي، يبدو أن الدافع الحقوقي سيشكل عنصراً مهماً في أجندة بوكو الرئاسية؛ إذ عبر في مقابلة مع «بي بي سي» عن عزمه منح إقامة مؤقَّتة وتصاريح عمل لآلاف المهاجرين الذين وصلوا خلال السنوات الأخيرة بشكل غير نظامي إلى البلاد من الجارة زيمبابوي. وفي معرض تبريره هذا القرار، أوضح بوكو: «إن المهاجرين يأتون من دون وثائق؛ ولذا فإنَّ حصولهم على الخدمات محدود، وما يفعلونه بعد ذلك هو العيش خارج القانون وارتكاب الجرائم». ثم تابع مستدركاً: «ما يجب علينا فعله هو تسوية أوضاعهم».

ترويض مديرية الاستخبارات

لكن، ربما تكون المهمة الأصعب للرئيس الجديد هي ترويض «مديرية الاستخبارات والأمن»، التي يرى البعض أنها تتعامل وكأنها «فوق القانون أو هي قانون في حد ذاتها».

وهنا يشير الباحث سيبودوبودو إلى تقارير تفيد بأن الاستخبارات عرقلت التحقيقات التي تجريها «مديرية مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية» في قضايا فساد، تتمثل في تربّح بعض أقارب الرئيس السابق من المناقصات الحكومية، وأنباء عن انخراط الجهاز الاستخباراتي في أدوار خارج نطاق صلاحياته، وتضارب عمله مع الشرطة ومديرية الفساد. «وبناءً على ذلك قد تبدو مهمة بوكو صعبة في إعادة ترتيب مؤسسات الدولية السيادية، علماً بأن (مديرية الاستخبارات والأمن) كانت مركز تناحر بين الرئيس السابق وسلفه إيان خاما، كما أن المؤسسات التي كان من المفترض أن توفر المساءلة، مثل (مديرية مكافحة الفساد) والسلطة القضائية، جرى إضعافها أو تعريضها للخطر في ظل صمت الرئيس السابق».أخيراً، من غير المستبعد أن يفرض سؤال محاكمات النظام السابق نفسه على أجندة أولويات الرئيس الجديد، وفق متابعين جيدي الاطلاع، مع الرئيس السابق الذي لم يتردد في الإقرار بهزيمته. بل، وأعلن، أثناء تسليم السلطة، مجدداً أن على حزبه «التعلم الآن كيف يكون أقلية معارضة».