موسكو تجدد الوساطة بين أنقرة ودمشق حول شرق الفرات

TT

موسكو تجدد الوساطة بين أنقرة ودمشق حول شرق الفرات

جددت موسكو أمس، دعوتها تركيا والحكومة السورية لفتح قنوات اتصال مباشرة. وقال نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إن بلاده «تدعم إمكانية عقد لقاء يجمع الطرفين»، لكنه ربط خطوة من هذا النوع بتوفر الرغبة عند أنقرة ودمشق.
وكانت موسكو أكدت في وقت سابق أنها تعمل على فتح قنوات الحوار بين دمشق وأنقرة، وأعلنت بعد بدء العملية العسكرية التركية في شمال سوريا «وجود قنوات اتصال فعلية على المستويات العسكرية والأمنية» من دون أن تعطي تفاصيل أوضح. وبرزت بعد ذلك تكهنات بأن موسكو تعمل بشكل هادئ على ترتيب لقاء مباشر يجمع ممثلين عن القيادتين في البلدين. وذهبت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان أبعد من ذلك، عندما أعلنت خلال زيارة إلى موسكو قبل أسابيع أن الطرفين السوري والتركي يستعدان لحضور لقاء في سوتشي تقوم موسكو بترتيبه. وهو أمر قوبل بنفي رسمي روسي، إذ أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد ذلك عدم وجود خطط لدى موسكو لترتيب هذا اللقاء في سوتشي. وفسر مراقبون تراجع اللهجة الروسية حول أهمية فتح قنوات الاتصال السورية - التركية بالتصريحات التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد ضد نظيره التركي رجب طيب إردوغان ووصفت في موسكو بأنها «صاخبة».
لكن بوغدانوف أعاد أمس فتح السجالات حول هذا الموضوع، عندما قال رداً على سؤال صحافي إن موسكو تدعم إمكانية عقد لقاء بين أنقرة ودمشق، وإن كان ترك الباب موارباً لأي احتمال من خلال تأكيده على أن موسكو «تدعم بالتأكيد، لكن هذا لا يعتمد فقط على رغبتنا، بل على استعداد الأطراف للقاء وإقامة حوار».
من جانب آخر، شدد بوغدانوف على أن تمركز التقنيات العسكرية الأميركية حول حقول النفط في شمال شرقي سوريا «يزيد من حدة التوتر». وزاد: «لا يمكننا أن نرحب بزج تقنيات جديدة، وهذا لن يؤدي إلا إلى تصعيد إضافي للتوتر».
وأشار بوغدانوف إلى أنه «ستتم مناقشة هذه المسألة خلال مباحثات آستانة المقبلة، لا سيما الوجود (الأميركي) غير الشرعي على الإطلاق، الذي لم ينطلق من أي قرارات دولية، أعني من مجلس الأمن الدولي، أو عبر طلب من الحكومة السورية الشرعية».
وجاء تعليق بوغدانوف بعدما نقلت وسائل إعلام أن الولايات المتحدة نشرت معدات عسكرية في منطقة الرميلان بمحافظة الحسكة بالقرب من حقول النفط في شمال شرقي سوريا. وتم نقل المعدات من موقع القوات المسلحة الأميركية في شمال محافظة الرقة وغرب محافظة الحسكة. إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام روسية أن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة التركية، ياشار غولر، بحث هاتفياً مع نظيره الروسي، فاليري غيراسيموف، تطور الأوضاع في سوريا. وقالت إنه تم خلال الاتصال بحث المستجدات الميدانية والعمل المشترك في مناطق الشمال السوري.
على صعيد آخر، أعلنت موسكو أن رئيس لجنة التحقيقات المركزية الروسية، ألكسندر باستريكين، قام بزيارة إلى دمشق بحث خلالها مع المسؤولين السوريين ملفات مكافحة الإرهاب، مع التركيز على التحقيقات التي تجريها موسكو ضد مسلحين استهدفوا منشآت عسكرية روسية في سوريا. وزار باستريكين لهذا الغرض قاعدة «حميميم».
وقالت الناطقة باسم لجنة التحقيقات سفيتلانا بيترينكو إن باستريكين أجرى خلال الزيارة مباحثات مع رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك، ووزير العدل السوري هشام الشعار.
وأفادت بأن الطرفين ركزا على العمل الكبير الذي تم تنفيذه في الآونة الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وأشادا بالخطوات المهمة التي تم تحقيقها على طريق تعزيز السلطة الشرعية. وأضافت المتحدثة أن الطرفين اتفقا على ضرورة «مواصلة تعزيز التعاون والتواصل المباشر بين هيئات حماية القانون في البلدين من أجل تقديم المساعدة المتبادلة في التحقيق في الجرائم التي تحمل طابعاً إرهابياً».
واقترح باستريكين على الوزير الشعار النظر في موضوع توسيع التعاون في مجال العلم والتعليم، بما في ذلك إعداد الكوادر في المؤسسات التعليمية التابعة للجنة التحقيقات الروسية.
وفي «حميميم»، شارك باستريكين في اجتماع عمل استمع خلاله إلى تقارير محققين بشأن «سير التحقيقات في الجرائم التي ارتكبت ضد العسكريين الروس في الأراضي السورية، وقدم رئيس لجنة التحقيقات الروسية توجيهات وتوصيات بشأن قضايا جنائية محددة».
إلى ذلك، طالبت النيابة الكازاخية أمس، بإصدار أحكام سجن قاسية بحق 14 مواطناً من كازاخستان كانوا ينتمون إلى تنظيم «داعش»، وتمت إعادتهم من سوريا أخيراً في إطار «عملية خاصة».
ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية أن الادعاء طالب بسجن المتهمين لفترات تتراوح بين 10 و17 عاماً، في إطار محاكمة تستمر في أحد السجون بضواحي العاصمة الكازاخية نور سلطان منذ 22 أكتوبر (تشرين الأول) وسط إجراءات أمنية مشددة.
ويواجه المتهمون الـ14 الذين قاتلوا، حسب رواية التحقيق، في صفوف «داعش» في سوريا، تهماً بالتورط في النشاط الإرهابي والتجنيد والترويج للإرهاب، إضافة إلى جرائم أخرى. وكان رئيس لجنة الأمن القومي في كازاخستان نورتاي أبيكايف قال في وقت سابق إن أكثر من 300 مواطن كازاخي ينشطون في صفوف تنظيم «داعش».
وأوضح خلال اجتماع لمجلس قادة أجهزة الأمن والخدمات المتخصصة لرابطة الدول المستقلة إن نصف الكازاخيين الذين يقاتلون مع «داعش» من النساء.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.