«تفتيش أميركي» لمنظومة صواريخ روسية يفتح ملف تمديد «ستارت 3»

الكرملين «ليس متشائماً» حيال احتمال ترتيب قمة تجمع بوتين وترمب

بوتين لدى زيارته فريق جودو في سان بطرسبورغ أمس (رويترز)
بوتين لدى زيارته فريق جودو في سان بطرسبورغ أمس (رويترز)
TT

«تفتيش أميركي» لمنظومة صواريخ روسية يفتح ملف تمديد «ستارت 3»

بوتين لدى زيارته فريق جودو في سان بطرسبورغ أمس (رويترز)
بوتين لدى زيارته فريق جودو في سان بطرسبورغ أمس (رويترز)

سارت موسكو وواشنطن خطوة نحو استئناف الحوارات على المستوى العسكري، بهدف تقريب المواقف حيال ملفات الأمن الاستراتيجي. وقام مفتشون أميركيون بجولة تفقدية هي الأولى من نوعها منذ توتر العلاقات بين البلدين، تم خلالها الاطّلاع على منظومة صواريخ «أفانغارد» النووية الروسية، في إطار تنفيذ البلدين معاهدة «ستارت 3» لتقليص الأسلحة النووية. وبرغم أن الزيارة حققت قفزة في جهود إحياء الحوارات بين البلدين، إلا أن موسكو ألمحت إلى أن الجانب الأميركي «ليس مستعدا بعد» لمناقشة تطوير التعاون بهدف تجديد المعاهدة الاستراتيجية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن مفتشين أميركيين اطّلعوا على نظام صواريخ «أفانغارد» المجنحة الفرط صوتية، وهي تعد أحدث المنظومات القادرة على حمل أسلحة نووية لدى روسيا، وجاءت الجولة التفقدية للمفتشين الأميركيين في إطار الالتزام ببنود معاهدة «ستارت 3» الموقعة بين البلدين لتقليص الأسلحة النووية الهجومية.
ولفت بيان الوزارة إلى أنه «في إطار تنفيذ المعاهدة المبرمة بين روسيا والولايات المتحدة لخفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها، أجرى فريق تفتيش أميركي في الفترة الممتدة من 24 إلى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 معاينة لنظام صواريخ (أفانغارد) المجنحة الفرط صوتية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت عدة أضعاف». وأشارت الوزارة إلى أهمية الزيارة في هذا التوقيت، كون هذه الصواريخ ستدخل الخدمة العسكرية في مواقع الجيش الروسي خلال الشهر المقبل. وشدّد البيان على أن الجانب الروسي عرض هذا النظام الصاروخي من أجل تأكيد الاستعداد للمساهمة في ضمان سلامة وفعالية معاهدة «ستارت 3».
وتُعدّ معاهدة خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، الموقّعة عام 2010، المعاهدة الوحيدة التي ما زالت سارية في إطار اتفاقات الحد من التسلح بين روسيا والولايات المتحدة، بعدما تخلى الطرفان عن اتفاقات مهمة أخرى في مجال تقليص الصواريخ النووية المتوسطة. لكن سريان المعاهدة ينتهي في فبراير (شباط) 2021، وأثيرت مخاوف من فشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق لتمديدها قبل حلول هذا الموعد. وفتحت زيارة المفتشين الأميركيين الحالية على أمل بإحياء المباحثات بين الطرفين في هذا المجال.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بعد لقائه بنظيره الصيني ما تشاوشيوي، إن موسكو مستعدة لمناقشة أي خيارات يمكن التفاهم بشأنها مع واشنطن، بما في ذلك حول تمديد المعاهدة لمدة خمس سنوات أو لفترة أقل من ذلك، بهدف توفير فرصة للمحافظة على المعاهدة كركن أساسي للأمن الاستراتيجي العالمي وإطلاق حوار شامل مع واشنطن في الوقت ذاته للتوصل إلى آليات جديدة مقبولة من كل الأطراف.
وأوضح ريابكوف أن موسكو «اقترحت على الولايات المتحدة تمديد الاتفاق لفترة ولاية مدتها خمس سنوات منصوص عليها، أو إذا كان هذا غير مريح لسبب ما بالنسبة للجانب الأميركي فيمكننا بحث التمديد لفترة محدودة والتي ربما لن تكون رسالة جيدة للمجتمع الدولي، لكن على الأقل ستكون أفضل من لا شيء».
ولفت نائب الوزير إلى وجود فجوة في الحوار الاستراتيجي بين موسكو وواشنطن، مشيرا إلى أنه «لم تعقد سوى دورتين عاديتين للجنة الاستشارية للمعاهدة، والجانب الروسي يرى أن الاجتماعات الإضافية ممكنة»، مضيفا أن «الولايات المتحدة ليست مستعدة بعد لسوء الحظ لمناقشة موضوعية حول هذه القضية».
وكانت واشنطن اقترحت إطلاق حوارات بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد، على أن يكون ثلاثيا ويشمل الصين بالإضافة إلى روسيا والولايات المتحدة لكن بكين رفضت هذه الفكرة، وتسعى موسكو إلى إحياء الحوارات مع واشنطن لتجنب بلوغ العام 2021 قبل التوصل إلى صيغة مشتركة متفق عليها.
في غضون ذلك، أكّد الكرملين أنه «ليس متشائما» حيال إمكانية ترتيب لقاء جديد يجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، لبحث الملفات الثنائية والدولية. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن الكرملين «لا يتفق مع أصحاب الرأي الذي يقر بأن موسكو متشائمة بشأن إمكانية عقد المزيد من اللقاءات بين الرئيسين».
اللافت أن هذا التعليق جاء ردا على تصريح دبلوماسي روسي أخير، رأى أن «اللقاءات بين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب تغدو بلا معنى» على خلفية تراكم الملفات الخلافية وفشل الطرفين في تقريب وجهات النظر حول المسائل المطروحة. وقال الدبلوماسي الروسي إنه «لا جدوى من عقد لقاءات قمة لأن يدي ترمب مكبلتان، حتى أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا». بينما قال بيسكوف، أمس، إنه «لا يتفق مع هذا الرأي».
على صعيد آخر، أعلنت هيئة الأمن الفيدرالي الروسي أن الكرملين سيكون مغلقا اليوم أمام الزوار، بسبب إجراء «تدريبات على مكافحة الإرهاب». ولم توضح الأجهزة المختصة طبيعة التدريبات التي تشمل قلعة الكرملين والمجمع الرئاسي داخلها وبعض المنشآت والمواقع المحيطة بها. لكن جهاز الحرس الفيدرالي الروسي المكلف بحماية الرئاسة، أشار إلى وضع قيود على وصول السياح إلى الأماكن المحيطة بالكرملين بما في ذلك الساحة الحمراء قرب الكرملين التي تعد من أبرز المعالم السياحية لموسكو.
وأشار الحرس الفيدرالي إلى أن التدريبات هي «مناورات سنوية عادية في الكرملين ومحيطه، في إطار مواجهة احتمال حدوث اختراق إرهابي وتشتمل على التعامل مع حوادث مثل اندلاع حرائق»، مشيرا إلى أنها تجري بمشاركة قوات الأمن وأجهزة حكومية أخرى.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».