دعّم حزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، المرشحان للانضمام إلى الائتلاف الحاكم بزعامة حركة النهضة (إسلامية)، حظوظهما في جلسات التفاوض التي يجريها الرئيس المكلف الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة التونسية المقبلة، وذلك بتوصلهما إلى اتفاق يقضي بتشكيل كتلة مشتركة وموحدة بين الحزبين داخل البرلمان، أُطلق عليها اسم «الكتلة الديمقراطية»، وهو ما سينعكس لاحقاً على جلسة التصويت لنيل ثقة البرلمان في حال تشكيل الحكومة، التي تتزعمها حركة النهضة.
ومن المنتظر أن تكون هذه الكتلة في المرتبة الثانية خلف حركة النهضة (52 مقعداً برلمانياً)، وذلك بتوفرها على نحو 40 نائباً برلمانياً، على أن يكون الحزبان بصفة أولية إما في الحكم معاً، أو في المعارضة معاً. غير أن مراقبين يرون أن الحزبين غير متفقين في هذا المجال؛ إذ إن «حركة الشعب» اشترطت «إعلاناً سياسياً» يتضمن مواقف الحكومة من بعض الملفات السياسية والأمنية الشائكة للمشاركة في جلسات التفاوض الخاصة ببرنامج الحكومة، أما «التيار الديمقراطي» فقد اشترط الحصول على ثلاث وزارات، وهي العدل والداخلية والإصلاح الإداري للمشاركة في الحكومة؛ وهو ما يجعل الخلاف بينهما بادياً للعيان.
غير أن نجاح الحزبين في خلق تكتل برلماني قوي، يفوق كتلة حزب «قلب تونس»، سيكون مؤثراً على المفاوضات التي سيقودانها مع رئيس الحكومة المكلف؛ إذ ستتخذ منحى مختلفاً بفضل الوزن البرلماني لهذه الكتلة، وإمكانية تأثيرها على صلابة الحزام السياسي الداعم للحكومة.
وباحتساب عدد نواب كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ونواب حركة الشعب (15 نائباً) وبعض النواب المستقلين، فإن عدد أعضاء «الكتلة الديمقراطية» سيصل إلى 40 نائباً، وهو ما يمكنها من احتلال القوة الثانية في البرلمان بعد حركة النهضة.
وفي هذا الشأن، أكد خالد الكريشي، قيادي «حركة الشعب» على وجود انسجام ونقاط تقارب كبيرة بين «حركة الشعب» و«حزب التيار الديمقراطي»، خاصة فيما يتعلق بالأولويات الاقتصادية والاجتماعية وأغلب الملفات الكبرى، مشيراً إلى ضرورة توحيد العمل داخل الكتلة البرلمانية المنتظرة.
وبخصوص الانضمام إلى الائتلاف الحاكم وإمكانية وجود حزب من الحزبين في المعارضة، والآخر في الحكم، قال الكريشي: «هناك شبه اتفاق بين الكتلتين: إما المشاركة معاً في الحكم، أو اختيار صف المعارضة معاً».
وعلى صعيد المفاوضات التي يخوضها رئيس الحكومة المكلف، فقد التقى الجملي أمس شخصيات سياسية ووطنية عدة، من بينها الحبيب خضر، قيادي حركة النهضة والمقرر العام السابق للدستور، ومنصور معلي، وزير التخطيط والمالية الأسبق، وعبّر عن التزامه بتشكيل الحكومة الجديدة قبل انتهاء مدة شهر، التي يحدّدها الدستور، والتي تنتهي منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ولئن أحرزت المفاوضات المتعلقة بهيكلة الحكومة وبرنامجها بعض التقدم، فإنه لم يتم حتى الآن الشروع في التشاور حول الحقائب الوزارية، وهو ما سيكون محل مشاورات عسيرة؛ وذلك بسبب محاولة كل طرف سياسي البحث عن تموقع أفضل داخل منظومة الحكم.
ولم تخل هذه المشاورات من محاولات التشكيك في طريقة إداراتها والنتائج المنتظرة منها؛ إذ وجه حزب العمال اليساري، الذي يتزعمه حمة الهمامي، انتقادات تتعلق بسير المفاوضات الدائرة حالياً حول تشكيل الحكومة المقبلة، معتبراً أن اللقاءات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف هي بمثابة «مسرحيات وذر للرماد على العيون»، مؤكداً أن الخيارات الاجتماعية والاقتصادية «جاهزة ومبرمجة».
في هذا السياق، قال لطفي المرايحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، بعد لقائه مع الحبيب الجملي: «كان الله في عوننا وعون تونس»، وانتقد بشدة طريقة إدارة الحوار السياسي، معتبراً أن رئيس الحكومة المكلف «لا يحمل أي رؤية مستقبلية، وهو فقط يستمع إلى برامج وتوجهات الأحزاب السياسية»، على حد تعبيره.
وتابع المرايحي موضحاً: «كنت أنتظر رؤية جاهزة وقابلة للتعديل، أو مشروع برنامج صادقت عليه (النهضة)، الحزب الذي رشحه، لكن فوجئت بغياب رؤية شخصية، ووجدت رئيس حكومة ينتظر برامج السياسيين المقدمة للاطلاع عليها».
ودعا المرايحي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، إلى ضرورة إرساء برامج حكومية، وتصورات اقتصادية واضحة وجدية وقابلة للتنفيذ، عوضاً عن التكالب على الوزارات والمناصب الحكومية.
تشكيل كتلة برلمانية للتأثير على مشاورات تأليف الحكومة التونسية
الجملي يجدد التزامه احترام مدة شهر التي يحددها الدستور
تشكيل كتلة برلمانية للتأثير على مشاورات تأليف الحكومة التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة