قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده لم تتعهد لأحد بعدم استخدام منظومة الدفاع الجوي «إس 400» الروسية، مؤكدا أنها اشترت المنظومة بسبب حاجتها إليها. بينما كشف مسؤول روسي عن أن تركيا قد تتعاقد مع بلاده على استيراد المزيد من الصواريخ.
وقال جاويش أوغلو إن بلاده أجرت اختبارا على المنظومة الروسية في العاصمة أنقرة، مشيرا إلى أن إيطاليا بدأت سحب منظومة «إس إم بي تي» من الأراضي التركية، كما سبق أن سحبت الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا منظوماتها الدفاعية من تركيا. وأضاف جاويش أوغلو، في تصريح للصحافيين بمقر البرلمان التركي أمس (الثلاثاء): «حاليا لم يبق في تركيا سوى منظومة دفاع جوي واحدة وهي لإسبانيا، ونحن بحاجة لمنظومات جوية، ولم نشتر (إس400) للاحتفاظ بها داخل الصناديق، كما لم نتعهد لأحد بعدم استخدامها كما يقول بعض المسؤولين في واشنطن».
وأجرت تركيا خلال اليومين الماضيين التجارب على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400»، رغم الاعتراضات الأميركية ومطالبة واشنطن لأنقرة بالتخلي عنها لعدم توافقها مع النظام الدفاعي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقامت طائرات حربية من طراز «إف 16» بالتحليق فوق العاصمة التركية لمدة أثناء إجراء التجارب بهدف اختبار نظام رادار المنظومة الروسية التي بدأت تركيا تسلمها في يوليو (تموز) الماضي، لكنها لم تدخل العمليات حتى الآن، حيث من المقرر تشغليها في أبريل (نيسان) المقبل، بحسب ما سبق أن أعلنت وزارة الدفاع التركية.
وكان شراء أنقرة لمنظومة «إس 400» في نهاية عام 2017 عاملا أساسيا في توتر العلاقات مع واشنطن، التي تقول إن المنظومة لا تتوافق مع دفاعات حلف الناتو، وتشكّل تهديدا للطائرة المقاتلة الأميركية «إف 35» القادرة على التخفي عن أجهزة الرادار. وعلّقت واشنطن مشاركة تركيا في برنامج لإنتاج وتطوير هذه المقاتلة لمعاقبتها على شراء المنظومة الروسية. وهددت بفرض عقوبات بسبب الصفقة، لكنها لم تفعل حتى الآن.
وأكد مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، الخميس الماضي، أن تركيا في حاجة «للتخلص» من منظومة صواريخ «إس 400»، التي اشترتها من روسيا، إذا كانت ترغب في تجاوز الأزمة مع واشنطن. وأضاف أن «هناك فرصة لتعود تركيا إلى الطاولة. يعرفون أنهم، لإنجاز هذا العمل، بحاجة إما لتدمير (إس 400)، أو إعادتها، أو التخلص منها بطريقة ما».
والأسبوع الماضي، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، بدء العمل مع الجانب الأميركي، للتوصل إلى تسوية بشأن قضيتي منظومة «إس 400» الروسية ومقاتلات «إف 35». وقال كالين إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترمب كلفاه، خلال مباحثاتهما في واشنطن في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، هو ومستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين بتنسيق الموضوع، و«نحن الآن نبدأ عملا، حتى إننا بدأنا هذا العمل ابتداء من اليوم». وأوضح أن العمل سيتم على المستوى الثنائي بين البلدين، وليس بالتنسيق مع حلف الناتو، حيث كانت تركيا اقترحت من قبل تشكيل لجنة بالتنسيق مع الناتو لبحث الموضوع. وقال كالين إنه يمكن استخدام منظومة «إس 400» بشكل مستقل دون دمجها في النظام الدفاعي للناتو.
في السياق ذاته، قال ألكسندر ميخيف، رئيس شركة «روسوبورون إكسبورت» لتصدير الأسلحة، إن بلاده تعتزم التوقيع على عقد جديد مع تركيا لتزويدها بمنظومة «إس 400» الصاروخية في النصف الأول من العام المقبل، حسبما نقلت وكالة الإعلام الروسية أمس. وأضاف ميخيف: «نأمل بأن نوقع العقد في النصف الأول من 2020».
على صعيد آخر، أطلقت قوات الأمن التركية حملة جديدة أمس للقبض على 168 شخصاً، منهم أفراد في الجيش، أصدرت السلطات التركية مذكرات توقيف بحقهم للاشتباه في صلتهم بحركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن، التي تقول أنقرة إنها دبرت محاولة انقلاب فاشلة للإطاحة بحكم إردوغان في 15 يوليو 2016.
وأمر مكتب المدعي العام في إسطنبول باعتقال مدنيين إلى جانب 52 من أفراد الجيش، بينهم ضابطان متقاعدان برتبة مقدم، وضابطان في الخدمة برتبة مقدم وملازم، واثنان برتبة رائد، تم إبعادهم من الخدمة في الجيش. وذكرت مديرية أمن إسطنبول أن قوات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة ألقت القبض على 15 من 27 شخصاً أصدر المدعون أوامر باعتقالهم في تحقيق منفصل عن استخدامهم تطبيق «با يلوك» للرسائل النصية، الذي قيل إن حركة غولن كانت تستخدمه قبل وأثناء محاولة الانقلاب للتراسل عبر رسائل مشفرة.
كما أصدر الادعاء العام في ولاية كونيا (وسط) أوامر باعتقال 50 شخصاً. وأصدر الادعاء في العاصمة أنقرة أوامر باعتقال 36 عسكريا ومدني واحد. وتشن السلطات التركية، ما تسميه «حملة تطهير» لا تزال مستمرة منذ أكثر من 3 سنوات بعد محاولة الانقلاب، سجنت خلالها نحو 80 ألفاً انتظاراً لمحاكمتهم، وعزلت أو أوقفت عن العمل نحو 175 ألفاً من موظفي الحكومة وأفراد الجيش وغيرهم.
وينتقد حلفاء غربيون لتركيا ومنظمات حقوقية الحملة الموسعة قائلين إن الرئيس رجب طيب إردوغان يتخذ من محاولة الانقلاب الفاشلة ذريعة لسحق معارضيه. وفي المقابل، تدافع حكومة إردوغان عن الإجراءات، غير المسبوقة، قائلة إنها رد ضروري على التهديد الأمني الكبير الذي تواجهه البلاد متوعدة بالقضاء على حركة غولن، الذي كان في السابق من أوثق حلفاء إردوغان.
تركيا تنفي تعهدها لواشنطن عدم استخدام «إس 400»
تركيا تنفي تعهدها لواشنطن عدم استخدام «إس 400»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة