جهاز مكافحة الإرهاب يعلن تعرض حسابيه على «تويتر» و«فيسبوك» للقرصنة

بعد الإعلان عبرهما عن انقلاب عسكري ضد «الحكومة اللاشرعية»

يحاول تفادي قنبلة غاز رمتها قوات الأمن على محتجين قرب جسر الأحرار في بغداد أمس (أ.ف.ب)
يحاول تفادي قنبلة غاز رمتها قوات الأمن على محتجين قرب جسر الأحرار في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

جهاز مكافحة الإرهاب يعلن تعرض حسابيه على «تويتر» و«فيسبوك» للقرصنة

يحاول تفادي قنبلة غاز رمتها قوات الأمن على محتجين قرب جسر الأحرار في بغداد أمس (أ.ف.ب)
يحاول تفادي قنبلة غاز رمتها قوات الأمن على محتجين قرب جسر الأحرار في بغداد أمس (أ.ف.ب)

تفاجأ العراقيون فجر أمس وهم يقرأون على صفحتي جهاز مكافحة الإرهاب في «فيسبوك» و«تويتر» الموثقتين خبر قيام الجهاز وقائده طالب شغاتي بـ«العصيان العسكري وبدء عملية الانقلاب عسكرياً ضد الحكومة اللاشرعية الحالية».
وقبل أن يعود جهاز مكافحة الإرهاب بعد نحو أقل من ساعة لتكذيب الخبر، انقسمت غالبية العراقيين، وخاصة من الناشطين على مواقع التواصل انقساما حادا بين مؤيدين يرون أن المظاهرات والاعتصامات غير قادرة على إطاحة النظام والخلاص منه إلا عبر انقلاب عسكري، وبين رافضين بشكل قاطع لعودة العراق إلى حقبة الانقلابات العسكرية التي بدأت في وقت مبكر في تاريخ العراق الحديث (منذ عام 1936).
ونفى رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، طالب شغاتي الكناني، إعلانه انقلاباً عسكرياً في العراق. وشدد شغاتي على أن «جهاز مكافحة الإرهاب كان وما زال سُوَر الوطن وحامي الشعب والنظام السياسي الديمقراطي والدولة العراقية ومؤسساتها الوطنية».
وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان نشره مركز الإعلام الأمني إن «الصفحة الرسمية لجهاز مكافحة الإرهاب تعرضت لاختراق من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، وإن الإجراءات مستمرة لملاحقة الجناة». وأضافت أن «ما نشر على هذه الصفحة عار عن الصحة ولا مصداقية له إطلاقاً».
وكانت الصفحتان الرسميتان لجهاز مكافحة الإرهاب في «تويتر» و«فيسبوك» نشرتا بفارق بضع دقائق عن طالب شغاتي إعلانه بدء «العصيان العسكري وبدء عملية الانقلاب عسكرياً ضد الحكومة اللاشرعية الحالية، استجابة لمطالب أبناء الشعب العراقي والمتظاهرين وحقناً للدماء». وأضافت أن «عملية إزالة الفاسدين واعتقالهم من داخل المنطقة الخضراء، حيث أمر الفريق الركن الدكتور طالب شغاتي الآن باعتقال عادل عبد المهدي وسوف يتم عرضه على القضاء بشكل علني أمام أبناء الوطن على ما ارتكبه من جرائم بحق المتظاهرين».
وعلى الرغم من أن عمليات اختراق مماثلة حدثت لمواقع حكومية في أوقات سابقة، كان آخرها تعرض موقع وزارة الاتصالات العراقية للاختراق، إلا أن موجة واسعة من التكهنات راجت حول الخرق الجديد لموقع جهاز أمني رفيع كان رأس حربة القوات العراقية في حربها ضد الإرهاب و«داعش».
وفيما اكتفت البيانات الرسمية بالإعلان عن «قرصنة» تعرض لها الموقعان، تحدثت مصادر كثيرة عن سيناريوهات مختلفة، منها أن «جهات محلية معادية لجهاز مكافحة الإرهاب وضعته منذ فترة طويلة ضمن لائحة الاستهداف وسعت لتوجيه ضربة جديدة إليه». وتربط تلك المصادر بين ما جرى فجر أمس وعملية الإقصاء التي طالت القائد السابق في جهاز مكافحة الإرهاب عبد الوهاب الساعدي. وثمة من تحدث عن «سيناريو» أميركي أراد توجيه رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى السلطات العراقية بعد معلومات تحدثت عن عزمها فض الاحتجاجات بالقوة.
وكان رئيس الوزراء لمح ضمنا إلى فكرة الانقلاب العسكري، حين تحدث في سبتمبر (أيلول) الماضي عن أن «ضابطاً يرتاد السفارات، هذا أمر غير مقبول، وغير ممكن» في معرض دفاعه عن قرار تجميد عمل الفريق عبد الوهاب الساعدي في جهاز مكافحة الإرهاب.
وأبلغ مصدر مقرب من جهاز الاستخبارات «الشرق الأوسط» أن «عملية القرصنة تمت عبر مشرف سابق على الصفحة أنهى جهاز مكافحة عقده قبل أشهر». ويؤكد المصدر أن هذا المشرف السابق «سافر خارج البلاد، لكنه ظل محتفظا بكلمات الدخول والخروج السرية للصفحتين الخاصتين بجهاز مكافحة الإرهاب، فأراد أن ينتقم لنفسه ويعاقب الجهاز الذي أنهى عقده».
كذلك تناقلت مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة، أمس، خبر قيام الجهات الأمنية بإلقاء القبض وتوقيف ثلاثة من الفنيين المشرفين على إدارة الموقعين.
في المجمل، يؤكد غالبية المراقبين على استحالة قيام انقلاب عسكري لأسباب كثيرة قائمة في العراق، على أن فكرة الانقلاب ليست بالغريبة تماما على المستويين الرسمي والشعبي في ظل ما تشهده البلاد من احتجاجات واعتصامات متواصلة منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بل إن مصادر مقربة من بعض الفصائل المسلحة تحدثت في وقت سابق عن خطة انقلاب عسكري شامل «تطيح بالنظام السياسي بدعم ورعاية أميركية».
من جانبه، يرى الخبير والمحلل العسكري الدكتور سعد العبيدي، أن «آلية العمل العسكري العراقية راهنا تحول دون أي إمكانية لذلك، وهي آلية تتعدد فيها الأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية، بجانب وقوع الجيش تحت إمرة رئيس الوزراء المدني». ولا ينكر العبيدي وجود رغبة بانقلاب عسكري داخل بعض الأوساط الشعبية والعسكرية للتخلص من كل ما يحدث، لكنه يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الرغبة شيء وواقع الأمر شيء آخر، فهناك من يرى أن الانقلاب أقصر الطرق لوضع حد للأزمة الحالية، لكن الواقع لا يسمح بذكر ذلك، وأستطيع القول وأنا ابن المؤسسة العسكرية أن لا وجود لضابط واحد يفكر جدياً بهذا الأمر».
ويشير العبيدي إلى أن «كل شيء في العراق لا يسمح بذلك، هناك نظام ديمقراطي يمكن من خلاله التغيير وأن في حدوده الدنيا، وهناك تأثيرات إقليمية ودولية لا تسمح بذلك، كذلك فإن العقلية العسكرية صارت أقرب للإيمان بالتداول السلمي للسلطة وليس الحصول عليها على ظهر دبابة».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.