وسط استمرار الهزات الارتدادية لاحتجاجات «زيادة أسعار البنزين»، استغل نواب البرلمان الإيراني إعلان «عودة الهدوء» لمناقشة تداعيات القرار على أسعار السلع، وسط أزمة اقتصادية تفاقمت منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. وقال رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إن أسعار بعض سلع الشركات الحكومية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25 في المائة و50 في المائة، رغم وعود قطعتها الحكومة بالتصدي لزيادة الأسعار بعد ارتفاع البنزين.
وفي السياق نفسه، قال وزير الصناعة رضا رحماني لنواب البرلمان، أمس، إن مركز أبحاث الحكومة كان يتوقع زيادة بنسبة 2.6 في المائة، والبنك المركزي توقع زيادة بنسبة 4 في المائة، على أسعار السلع والخدمات.
وجاء نقاش البرلمان غداة نشر تقرير ميداني بوكالة الأنباء الرسمية «إرنا» عن زيادة أسعار الفواكه والخضراوات والمواصلات بين 30 و50 في المائة.
وأفادت الوكالة بأنه «رغم إعلان المسؤولين أن أسعار السلع الأساسية لن ترتفع، تشير التقارير الميدانية إلى ارتفاع بعض السلع»، مشيرة إلى أن نماذج ارتفاع الأسعار بدأت بالسلع «المرتبطة مباشرة بأسعار البنزين».
ويتقاطع تأكيد الوكالة مع محاولات مسؤولين طمأنة الإيرانيين بمنع تأثر الأسعار بالقرار المفاجئ لزيادة أسعار الوقود والبنزين. وأشار رئيس البرلمان علي لاريجاني إلى تقارير عن زيادة بعض السلع التي تنتجها الشركات الحكومية وأسعار السيارات، إضافة إلى أسعار أجور الشاحنات الصغيرة وسيارات الأجرة، مطالباً وزارت الصناعة والتجارة وأجهزة رقابية على السوق بمنع زيادة الأسعار.
وحض لاريجاني وزير الصناعة على طلب المساعدة من ميليشيا «الباسيج»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، للرقابة على السوق وضبط الأسعار.
ونقلت وكالة «إيسنا» عن لاريجاني تأكيده لوزير الصناعة في جلسة البرلمان، أمس، على ضرورة منع زيادة أسعار السلع التي تنتجها الشركات الحكومية، أو السلع التي تستوردها الحكومة. وقال في هذا الصدد إن «الحكومة في الخطوة الأولى يجب أن تسيطر على هذا القطاع».
وبدوره، أبلغ وزير الصناعة والتجارة رضا رحماني نواب البرلمان بأن زيادة أسعار البنزين «ستكون لها تبعات التضخم»، وأشار إلى «هاجس الحكومة» في توفير السلع الأساسية بعد إعلان زيادة البنزين، مشيراً إلى أن الحكومة حاولت التصدي لموجة الغلاء. وقال في هذا الصدد إن «تعديل أسعار البنزين ستجلب تبعات تضخم واقعية، ومع ذلك نحاول التصدي لموجة نفسية جراء الغلاء في المجتمع»، ودعا إلى هضم زيادة البنزين بقوله: «يجب قبول واقع زيادة البنزين، وتأثيره على المجتمع، وأن البعض حاول استغلال هذه الفرصة».
ولم يقدم الوزير معلومات لنواب البرلمان عن محاولات «استغلال» زيادة البنزين، لكنه أشار إلى أن الوزارة لديها ما يعادل 19 ألف مفتش للإشراف على أسعار السلع في النقابات ومختلف القطاعات.
وكان القرار قد واجه انتقادات ساخطة من نواب البرلمان، ولوح العشرات منهم بمساءلة رئيس البرلمان وإقالته، لكن المواقف سرعان ما تراجعت بعد تأييد المرشد الإيراني علي خامنئي للقرار، وتوجيه رسالة إلى لاريجاني طلب فيها عدم تدخل نواب البرلمان، وفق ما كشفه نواب في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ودافع رحماني عن أداء وزارة الصناعة في ضبط الأسعار والأسواق غداة إعلان مسؤولين كبار في النظام اتخاذ قرار برفع البنزين بنسب تتراوح بين 50 في المائة للحصة الحكومية و300 في المائة للبنزين الحر.
وأشار الوزير إلى التصدي للموجة النفسية التي تعود على ما يبدو لتعهد قطعه الرئيس حسن روحاني بأن الحكومة ستصرف كل موارد الزيادة لدعم 60 مليون إيراني. وقال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي إن الحكومة دفعت 30 ألف مليار تومان على 3 دفعات لحسابات الإيرانيين.
وأعلنت الحكومة على مدى الأيام العشرة الأولى من قرار زيادة البنزين أنها دفعت معونات مالية إلى 60 مليون إيراني، لكن إعلام الحكومة قوبل بتشكيك بين الإيرانيين، مما دفع الحكومة الإيرانية إلى إطلاق موقع إلكتروني لتلقي بيانات الأسر التي تعتقد أنها تستحق تلقي الأموال، وذلك في وقت لم تستعد فيه حركة الأنترنت عافيتها بالكامل، بعدما أمر المجلس الأعلى للأمن القومي بقطع خدمة الأنترنت.
ودعا النائب عن مدينة أرومية، نادر قاضي بور، أمس، إلى «الشفافية» حول دفع مبالغ مالية بحسابات 60 مليون إيراني، لافتاً إلى أن المزارعين والعمال في منطقته الانتخابية «لم يحصلوا على أموال» أعلنت الحكومة دفعها لـ60 مليوناً.
وهذه المرة الأولى التي تشير فيها الحكومة الإيرانية إلى وجود 60 مليون من أصل 83 مليون إيراني بحاجة إلى معونات مالية من الحكومية لتوفير السلع الأساسية، في ظل تضخم الأسعار وتراجع العملة الإيرانية الذي بدأ قبل نحو 9 أشهر على إعادة فرض العقوبات الأميركية في أغسطس (آب) 2018، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التدهور للاقتصاد الإيراني.
وقال عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني رحيم زارع إن «زيادة أسعار البنزين سببت خللاً في اقتصاد البلد»، محذراً من خطوة مماثلة فيما يخص أسعار وقود الديزل، قد تكون «رصاصة الرحمة» للاقتصاد الإيراني.
وقدم النائب إحصائية عن زيادة الأسعار، قال فيها إن «منتجات الفولاذ زادت 15 في المائة، بينما زادت كلفة نقل الشاحنات الصغيرة بنسبة 100 في المائة، وزادت سيارات الأجرة بنسبة 30 في المائة، فيما بلغت زيادة الأسمدة الكيماوية 25 في المائة، ووصل الغاز السائل إلى 40 في المائة، والرز المستورد إلى 25 في المائة، والبيض إلى 20 في المائة».
وقال النائب إن «أسعار الطماطم وصلت إلى 700 في المائة، وارتفعت من ألفى تومان إلى 14 ألف تومان»، وأوضح أن «السلع التي كان يبيعها المزارع بألف تومان، يشتريها اليوم بـ14 ألف تومان».
وقال رئيس لجنة الصناعة والمناجم في البرلمان، النائب عزيز أكبريان، إنه «يجب أن نتعامل مع الناس بشكل صحيح»، مشيراً إلى خلفية ارتباط أسعار السلع بالدولار والبنزين.
وأول من أمس، نشرت وكالة «إرنا» قائمة من زيادة جديدة في أسعار السلع الأساسية التي شهدت ارتفاعاً مطرداً في أيام ما بعد إعادة العقوبات الأميركية.
ونقلت عن شهود في أسواق الخضراوات بطهران أن الطماطم تتراوح أسعارها بين 11 ألفاً و500 تومان و15 ألف تومان، فيما وصل البصل إلى 7 آلاف و500 تومان، وبلغ سعر البطاطس 5 آلاف تومان، وارتفع الجزر من ألفين و500 تومان إلى 4 آلاف تومان، والموز 12 ألفاً و900 تومان، وتراوح سعر التفاح بين 7 آلاف و800 تومان و11 ألف تومان، وتراوحت أسعار البرتقال (تامسون) بين 6 آلاف و750 توماناً و10 آلاف تومان، فيما أسعار الخيار اختلفت بين 6 آلاف و500 تومان و7 آلاف و600 تومان.
وقال أحد الباعة للوكالة إن معدل النقل من السوق الرئيسية إلى المحلات ارتفع من 60 ألف تومان إلى 100 ألف تومان، والشاحنات المتوسطة من 130 ألفاً إلى 180 ألف تومان، وهو ما ترك أثره على زيادة الأسعار.
البرلمان الإيراني يؤكد تأثر أسعار السلع بزيادة البنزين
نواب يحذرون من «رصاصة رحمة» على الاقتصاد في حال زيادة سعر الديزل
البرلمان الإيراني يؤكد تأثر أسعار السلع بزيادة البنزين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة