نكسة للصين في انتخابات هونغ كونغ

بكين جددت دعمها لرئيسة الحكومة

مرشحون فائزون في الانتخابات المحلية يجتمعون خارج جامعة هونغ كونغ أمس (رويترز)
مرشحون فائزون في الانتخابات المحلية يجتمعون خارج جامعة هونغ كونغ أمس (رويترز)
TT

نكسة للصين في انتخابات هونغ كونغ

مرشحون فائزون في الانتخابات المحلية يجتمعون خارج جامعة هونغ كونغ أمس (رويترز)
مرشحون فائزون في الانتخابات المحلية يجتمعون خارج جامعة هونغ كونغ أمس (رويترز)

تعهدت حاكمة هونغ كونغ، كاري لام، أمس، بـ«الإصغاء بتواضع» للناخبين، بعدما حقق المعسكر المناهض لبكين فوزاً ساحقاً في انتخابات المجالس المحلية، الذي كشف عن دعم شعبي واسع لحركة الاحتجاج، التي تهزّ المدينة منذ أشهر.
لكن الصين أكدت أنها تدعم لام «بحزم»، وتدعم كذلك الشرطة والقضاء في هونغ كونغ في «معاقبة التصرفات العنيفة وغير المشروعة»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وفي هزيمة أذهلت المدينة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، حقق المرشحون الذين يسعون إلى تخفيف قبضة الصين على الغالبية العظمى من المقاعد، البالغ عددها 452 في مجالس المدينة الـ18، التي سيطرت عليها تاريخياً المؤسسات الموالية لبكين.
وتعدّ النتيجة ضربة مهينة لبكين ولام، التي رفضت دعوات الإصلاح السياسي، وقالت مراراً إنّ غالبية صامتة من السكان تدعم إدارتها، وتعارض حركة الاحتجاج. وقالت لام في بيان أصدرته الحكومة: «بالتأكيد، ستستمع الحكومة بكل تواضع لآراء المواطنين وتفكر فيها بجدية».
ولم تقدم لام تفاصيل عن خطوتها التالية، لكن سرعان ما دعاها المعارضون للاستجابة إلى قائمة المطالب المكونة من خمس نقاط، التي تشمل إجراء انتخابات مباشرة للهيئة التشريعية والقيادة في المدينة، والتحقيق فيما يعتبرونه وحشية الشرطة في التعامل مع المحتجين.
وقال وو تشي واي، رئيس الحزب الديمقراطي، وهو أكبر حزب مناهض للمؤسسات في هونغ كونغ، «استخدم الناخبون أكثر الطرق السلمية لإبلاغ الحكومة بأننا لن نقبل أن تصبح هونغ كونغ دولة بوليسية ونظاماً سلطوياً». وتابع: «يجب على الحكومة مباشرة أن تواجه... الرأي العام»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وأرجع حزب العمال، وهو مكون رئيسي آخر في حركة الاحتجاج، نتيجة الانتخابات، إلى «عرق ودماء ودموع» المتظاهرين. ودعت حركة الاحتجاج إلى مسيرة الأحد المقبل للضغط على الحكومة للرد على مطالب الحركة. وانطلقت موجة المظاهرات في المدينة من معارضة لمشروع قانون يسمح بتسليم مطلوبين إلى الصين في يونيو (حزيران) الماضي، لكن تم إلغاؤه بعد ذلك. غير أن الاحتجاجات لم تتوقف، بل تمّ رفع سقف مطالبها إلى الديمقراطية ومحاسبة الشرطة، لتندلع مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين. وعادة ما تحظى انتخابات المجالس المحلية التي تعنى بأمور خدماتية مثل النقل العام وجمع القمامة بقليل من الاهتمام، لكن انتخابات الأحد اكتسبت طابعاً سياسياً جديداً بسبب الاحتجاجات.
وقال المحلل السياسي ويلي لام، إنّ النتيجة «لا شيء أقل من ثورة». واعتبرها أيضاً «رفضاً واضحاً لإدارة (هونغ كونغ) وسياسة بكين تجاه هونغ كونغ». وأوضح أنّ النتيجة يمكن أن تسرّع من إقالة بكين للام، لكنها قد تمدّد أيضاً أزمة المستعمرة البريطانية السابقة التي عادت للصين في عام 1997.
وأفاد للوكالة الفرنسية بأنّ «المتظاهرين سيرون هذا الانتصار المذهل بمثابة تفويض قدمه الشعب لهم، لذلك سيقاتلون بقوة. لكن في الوقت نفسه، لن تكون هناك أي تنازلات من بكين، وبالتالي سيتصاعد الإحباط».
وأظهرت نتائج نشرتها وسائل إعلام محليّة فوز المرشحين المؤيدين للديمقراطية بـ388 مقعداً، مقابل 59 مقعداً للمرشحين المؤيدين لبكين، و5 مقاعد لمستقلين.
وأكّد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، أن هونغ كونغ هي جزء من الصين «مهما يحدث». وأضاف أن «أي محاولة لإحداث فوضى في هونغ كونغ أو حتى إلحاق الضرر بازدهارها واستقرارها لن تنجح».
وقالت هيئة مراقبة الانتخابات في هونغ كونغ، إن نحو 71 في المائة من 4.13 ملايين ناخب الذين سجلوا للتصويت قد اقترعوا، وهو رقم أعلى بكثير من نسبة 47 في المائة التي صوتت في الجولة السابقة عام 2015.
وتعرض أكبر حزب مؤيد للصين في المدينة لهزيمة كبيرة، إذ خسر 155 من مرشحيه الـ182، على ما ذكرت تقارير إعلامية، من بينهم النائب الرافض لحركة الاحتجاج جونيوس هو، الذي تعرض للطعن خلال حملته الانتخابية الشهر الحالي. وكتب هو على «فيسبوك» بعد خسارته: «العالم انقلب رأساً على عقب».
وتشكّل هذه الانتخابات أفضل وسيلة لمواطني هونغ كونغ للحصول على تمثيل مباشر في إدارة شؤون مدينتهم.
وينتخب المجلس التشريعي الأعلى في المدينة بمزيج من الاقتراع العام والمقاعد المخصصة للمجموعات الصناعية الموالية للصين، ما يضمن سيطرة بكين على المدينة البالغ تعداد سكانها 7.3 مليون نسمة. لكن الاقتراع ليس رمزياً بالكامل، إذ سيتم اختيار بعض المرشحين للانتخابات التشريعية العام المقبل من أعضاء المجالس المحلية، كما ستساهم المجالس أيضاً بـ117 عضواً في المجمع الانتخابي الذي يضم 1200 عضو ويختار الرئيس التنفيذي للمدينة، وتسيطر عليه بكين.
وقال روي كوونغ، العضو في برلمان هونغ كونغ، الذي فاز بأحد مقاعد المجالس المحلية عن الحزب الديمقراطي، لصحيفة «ساوث تشاينا مورننغ بوست»، إن «صوت الشعب واضح وصريح (...) نأمل أن تتمكن الحكومة من تلبية مطالب المتظاهرين».
وخفتت الاحتجاجات أخيراً بعد أن حثّت شخصيات مؤيدة للديمقراطية، المواطنين، على وقف الاضطرابات لتجنب إعطاء الحكومة ذريعة لتأجيل أو تعليق الانتخابات. لكن بعض وقائع العنف شابت الحملة الانتخابية، حيث تعرض أحد المرشحين المدافعين عن الديمقراطية لعضة في أذنه، وقد فاز بمقعد في الاقتراع.
وفيما أوقفت السلطات 17 مرشحاً من جميع الأطياف السياسية، بسبب أنشطتهم المرتبطة بالاحتجاجات، منعت سلطات الانتخابات جوشوا وونغ الناشط البارز في حركة الاحتجاج من الترشح في الانتخابات المحلية لدعمه حق «تقرير المصير» في المدينة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».