الولايات المتحدة وإسرائيل تأخذان بجدية تهديدات إيران

خلال لقاء رئيسَي أركان الجيشين أمس

قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال مارك ميلي(يسار) ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي
قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال مارك ميلي(يسار) ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي
TT

الولايات المتحدة وإسرائيل تأخذان بجدية تهديدات إيران

قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال مارك ميلي(يسار) ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي
قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية الجنرال مارك ميلي(يسار) ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي

أكدت مصادر عسكرية مطلعة في تل أبيب، على أن قائد الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، الجنرال مارك ميلي، ورئيس هيئة الأركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، يأخذان بمنتهى الجدية التهديدات التي أطلقها قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، أمس (الاثنين)، بإبادة أربع دول، وتباحثا في سبل ردع طهران عن مخططاتها.
وقالت هذه المصادر، إن تصريحات سلامي، «جاءت في الوقت المناسب، حيث تجري إسرائيل والولايات المتحدة أبحاثاً مفصلة حول عدوانية إيران». ومع أن الاستخبارات لا تستبعد أن يكون هدف طهران حرف أنظار الشعب الإيراني عن الخروج إلى الاحتجاج في الشوارع على ضائقتهم الاقتصادية، إلا أنهم رأوا أن «هناك قيادة غارقة في التطرف والغطرسة في النظام الإيراني، ولا يستبعد أن تختلط عليها الأمور وتخوض مغامرة حربية حتى تظهر من يخرج إلى الشوارع الإيرانية للتظاهر في هذه الظروف الطارئة هو خائن للوطن والثورة».
وكان ميلي قد وصل إلى إسرائيل، أول من أمس (الأحد)، في أول زيارة له لإسرائيل بعد توليه المنصب، وتم وصف الزيارة على أنها «تعارف وإجراء بحث معمق في القضايا الإقليمية والتهديدات المشتركة للبلدين والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط». وحسب تلك المصادر، فإن الطرفين تداولا مواضيع عدة على الصعيد العملي وليس فقط النظري. وأما الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، فأشار إلى أن هذه الزيارة تتوج زيارات كثيرة قام بها جنرالات أميركيون من قمة الأذرع والقيادات العسكرية الأميركية خلال الشهر الأخير. وأكد الناطق، أن «الزيارة تمثل عمق التعاون بين جيش الإسرائيلي، والجيش الأميركي، وأهمية هذا التعاون لاستقرار المنطقة».
وقالت المصادر، إن الأبحاث الأميركية - الإسرائيلية جرت على وقع تصريحات مهمة أدلى بها الجنرال ميكينزي، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، وأكد فيها، أن إيران تخطط لشن هجمات أخرى في المنطقة.
وسيمضي ميلي في إسرائيل أياماً عدة. وفي يوم أمس باشر جولة مع نظيره الإسرائيلي على مختلف المواقع العسكرية ومصانع السلاح وعقد سلسلة مباحثات مع جهاز الاستخبارات العسكرية. واطلع على شرح مفصل حول التحديات الإسرائيلية في المنطقة، والمخططات الإيرانية للهيمنة على دول المنطقة من اليمن عبر العراق وسوريا ولبنان وحتى قطاع غزة.
كما بحث الطرفان، في احتياجات إسرائيل العسكرية، بحضور الملحق العسكري الإسرائيلي في الولايات المتحدة، الميجور جنرال يهودا فوكس، وملحق الولايات المتحدة العسكري في إسرائيل، الجنرال تشارلز براون.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، نفتالي بنيت، قد قاما بجولة أمنية مفاجئة في مواقع عسكرية في هضبة الجولان السورية المحتلة، أول من أمس، ووقفا على رأس جبل مطل على الأراضي السورية المكشوفة. واستمعا إلى إيجازات أمنية قدمها قائد المنطقة العسكرية الشمالية اللواء أمير برعام، وقائد فرقة هابشان العميد عميت فيشر. وشارك في الجولة نائب رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع اللواء إيال زمير. وقال نتنياهو، إن «العدوان الإيراني في منطقتنا وضدنا، مستمر. نتخذ جميع الإجراءات المطلوبة من أجل منع إيران من التموضع في المنطقة، وهذا يشمل العمليات المطلوبة لإحباط تحويل أسلحة فتاكة جواً أو براً من إيران إلى سوريا. سنعمل أيضاً على إحباط المحاولات الإيرانية لتحويل العراق واليمن إلى قواعد لإطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية على دولة إسرائيل». وأضاف نتنياهو: «إن التزامنا واستعدادنا لمكافحة العدوان الإيرانية مطلقان، ونعمل بشتى الطرق من أجل منع إيران من تحقيق أهدافها. لا أستطيع أن أفصح عن المزيد من التفاصيل، لكن هذه الجهود مستمرة دون هوادة».
من جهة ثانية، خرج الجنرال في جيش الاحتياط الإسرائيلي، تسفيكا حيموفتس، بتصريحات حذر فيها من أن الجيش الإسرائيلي لا يملك قدرات تجعله قادراً على حماية إسرائيل بالكامل في حال هجوم إيراني. وانتقد التصريحات التي يطلقها نتنياهو عن حرب كهذه، وقال لصحيفة «جروزلم بوست» الإسرائيلية، إن السياسة الضبابية التي كانت متبعة في الماضي ساعدت إيران على ابتلاع الهجمات الإسرائيلية على مواقعهم في سوريا. لكن حديث نتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس عن مسؤولية إسرائيل عن الهجمات، جعلت إيران تعمل علناً وتخطط لحرب واسعة. وقال: «الحرب مع إيران ستؤدي إلى إشعال حرب شاملة يشارك فيها (حزب الله) من لبنان، و(الجهاد الإسلامي) من قطاع غزة، والميليشيات الإيرانية من العراق وسوريا، وربما اليمن».



عمليات ثأر في ريف دمشق تثير قلقا حقوقيا

قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

عمليات ثأر في ريف دمشق تثير قلقا حقوقيا

قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)
قوات أمن سورية في ساحة الأمويين بدمشق يوم 8 يناير الحالي (أ.ف.ب)

أثار احتفال أهالي بلدة دمر، غرب دمشق، الجمعة، بـ«إعدام» مختار المنطقة السابق مازن كنينة ميدانياً، قلق نشطاء المجتمع المدني وحقوقيين مطالبين بتحقيق العدالة الانتقالية، وسط تشديد على ضرورة وضع حد للأعمال الثأرية والانتقامات الفردية التي ينفذها مسلحون بشكل خارج عن القانون.

وقالت مصادر أهلية في دمر إن مازن كنينة كان على اتصال مع أجهزة الأمن السورية خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتحديداً سرية المداهمة 215، المتهمة بالمسؤولية عن مقتل عشرات المعتقلين. وأضافت أن معارضين يقولون إنه لعب دوراً مؤذياً أثناء مداهمات قوات النظام لمنطقتي دمر والهامة عام 2016. وتابعت المصادر أن الذين نفذوا حكم الإعدام بكنينة في إحدى ساحات البلدة هم مسلحون من أبناء المنطقة، وانتسبوا حديثاً لقوى الأمن في الإدارة الجديدة. وأوضحت أن الأهالي ثاروا، وطالبوا بإعدامه فور انتشار نبأ القبض عليه، مشيرةً إلى أن هناك عائلات فقدت عدداً من أبنائها بسببه.

وانتشرت صورة لما قيل إنها جثة كنينة وهي مربوطة بجذع شجرة وعلى جبينه ما يبدو أنه أثر طلق ناري ودماء على الأرض، ومن حوله أطفال ينظرون إلى جثته. وانتشر مقطع فيديو يظهر الأطفال وهم يقومون بضربه بعصا على جسده، أو ركله على رأسه وهو مربوط بجذع الشجرة، بينما قام بعضهم بالتصوير. ووثّق «المرصد السوري» صحتهما. وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أنها لم تتمكن من التحقق من صحة الصورة والمقطع بشكل منفصل.

وعبَّر نشطاء مدنيون عن قلقهم من تنفيذ إعدامات ميدانية دون محاكمة، في الوقت الذي يطمح فيه السوريون إلى بناء «دولة جديدة» أساسها القانون وتحقيق العدالة. ورأت المحامية والناشطة المدنية رهادة عبدوش أن «الإعدامات الميدانية ليست طريقة للتعافي». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «أخذ الثأر سيجلب للبلاد مزيداً من الدمار، وأخص التنكيل بالجثث والاقتصاص أمام الأطفال وعائلة المقتول»؛ ولذلك «يجب إيجاد محاكم خاصّة لمعاقبة ومحاكمة من تلطخت أيديهم بالدماء، ومحاسبة كل شخص بحسب الضرر الذي قام به».

المحامية والناشطة المدنية رهادة عبدوش

ورأت عبدوش أن «تفويض مجموعة، بناءً على شكاوى الناس أو حتّى شهود من الناس بأن هذا الشخص قد تسبب باعتقالات أو قتل أو إعدامات ميدانية، من شأنه أن يضعنا في الدائرة نفسها التي وُجد فيها نظام الأسد الذي كان يرتكب الإعدامات الميدانية بحق الناس ودون محاكمات». ورأت أن هذه الممارسات قد «تضفي» فيما بعد «شرعية على ما فعله النظام»، مشيرةً إلى احتمال أن تكون «بعض الشكاوى أو التهم منطلقة من ثارات شخصيّة، أو ربما شكوك غير مثبتة، وهذا يعني زيادة في أعداد المظلومين».

وطالبت عبدوش «السلطة الحاكمة حالياً بمنع الإعدامات الفردية وحتى الضرب والتنكيل، وتخصيص محكمة ميدانية ومحاكمات عادلة قد تصل للإعدام»، مؤكدة أن «العدالة الانتقالية تقوم على شقين: الاعتراف بالجرم، والتعويض وجبر الضرر». وتابعت أن «كل ما يجري خارج القانون هو جريمة، وقد تندرج ضمن جرائم الحرب، وهذا ليس من صالح السلطة الحاكمة اليوم التي نتمنى نجاحها، ونشدّ على يديها نحو دعم بلادنا، وإعطائها فرصة الحياة من جديد».

وقالت مصادر مقرَّبة من إدارة العمليات العسكرية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ضغوطاً شعبية على الإدارة الجديدة للقصاص من مجرمي الحرب وتحقيق العدالة بأسرع وقت ممكن. وتابعت أن «آلاف العائلات مكلومة، ولا تطيق صبراً على ثأرها، وذلك بينما لا تزال الإدارة الجديدة منهمكة في فرض الأمن وسحب السلاح، وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، وفرض القانون في بلد مدمَّر بشكل كامل. وكل ذلك يحتاج إلى وقت».

ولا تزال الفوضى الناجمة عن تعقُّد الوضع السوري السمة الأبرز للمشهد العام، رغم عدم تجاوزه الحد الأدنى من التوقعات قبل سقوط النظام، والتي كانت تشير إلى احتمال وقوع مجازر على نطاق واسع.

الناشطة المدنية سلمى صياد

وقالت الناشطة المدنية سلمى الصياد لـ«الشرق الأوسط»: «شاهدت اليوم ما جرى في دمر البلد، ولا أخفي أنني أتعاطف جداً مع النساء المكلومات على أولادهن، وفرحت لهن وهن يشهدن أخيراً تحقيق نوع من العدالة انتظرنها طويلاً». وأضافت مستدركة: «لكنني أخاف خوفاً شديداً من إجراءات انفعالية كهذه قد تظلم أشخاصاً أبرياء، وتشجع على الثأر الفردي». وأضافت: «إذا أردنا أن يكون لنا دولة مدنية في المستقبل فما نريده هو تطبيق إجراءات العدالة الانتقالية في دولة مؤسسات تكون فيها الإدانة وتنفيذ الحكم بناءً على محاكمة عادلة وأدلة واضحة وأمام قاضٍ وبحسب القانون»، مشددة على ضرورة أن تكون هناك «مؤسسات حكومية تنفيذية وسلطة قضائية منفصلة عن بقية السلطات».

وتشن إدارة العمليات العسكرية في دمشق حملة أمنية واسعة لسحب السلاح وملاحقة متهمين بالارتباط بالنظام المخلوع وعناصر سابقين رافضين للتسوية، في ريف دمشق. وشملت الحملة مدناً وبلدات مثل مضايا، الزبداني، وضاحية قدسيا. واستفاق أهالي ضاحية قدسيا، يوم الجمعة، على أصوات إطلاق نار كثيف واشتباكات في المناطق التي يتركز فيها ضباط سابقون ومسلحون من فلول النظام السابق.

وتعهّد رئيس الاستخبارات العامة في الإدارة السورية الجديدة أنس خطّاب «إعادة هيكلة» المنظومة الأمنية في البلاد بعد حلّ كل فروعها، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (سانا) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وفي سياق حالة الفوضى، تُوفيت 3 سيدات، وأصيب 5 أطفال، الجمعة، في حادثة تدافُع شهدها الجامع الأموي في مدينة دمشق القديمة، ضمن فعالية إقامة وليمة غداء قدمها شيف سوري مشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. ونتيجة الازدحام الشديد وسوء التنظيم حصل تدافُع أدى إلى سقوط ضحايا.

ومنذ أسبوع، تشهد الأماكن العامة والشوارع ازدحاماً شديداً وسط فوضى مرورية عارمة، مع غياب فرق شرطة المرور، حيث يتولى عمليات تنظيم وتسهيل المرور متطوعون يفتقرون للخبرة.