بان كي مون يدعو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى استئناف محادثات السلام

أدان من رام الله الاستيطان الإسرائيلي والاستفزازات في المسجد الأقصى

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يصافح رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمد الله خلال زيارته رام الله أمس (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يصافح رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمد الله خلال زيارته رام الله أمس (أ.ب)
TT

بان كي مون يدعو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى استئناف محادثات السلام

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يصافح رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمد الله خلال زيارته رام الله أمس (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يصافح رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمد الله خلال زيارته رام الله أمس (أ.ب)

قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته رام الله أمس إنه «ينبغي التخلص من حالة عدم الاستقرار في المنطقة نهائيا»، وذلك بالتزامن مع إطلاق عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، «تفاديا لوقوع جولة جديدة من العنف».
وربط كي مون بين ذلك والوصول إلى تسوية شاملة، داعيا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى استئناف محادثات السلام، وقال إن «السلام يمر عبر رفع كامل للحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة وضمان الأمن لإسرائيل والتعايش بين دولتين إسرائيلية وفلسطينية». وحث الأمين العام للأمم المتحدة الفلسطينيين على «إظهار الشجاعة ومواصلة الانخراط في عملية السلام وأن يفعل الإسرائيليون الأمر نفسه»، وقال إن «الوقت ليس في صالح السلام. علينا التدخل فورا للحيلولة دون أن يترسخ الوضع القائم الذي لا يمكن أن يستمر».
وجاء حديث كي مون بعد يوم واحد من تعهدات المانحين في مؤتمر القاهرة بجمع ما قيمته 5.4 مليار دولار نصفها لجهود إعادة إعمار القطاع. وقد حاول كي مون طمأنة إسرائيل قبل قليل من زيارتها قائلا إن الأمم المتحدة لديها الآلية اللازمة لمراقبة عملية الإعمار.
وكانت إسرائيل قد اشترطت للموافقة على منح تسهيلات لإدخال الأموال والمواد إلى غزة وجود آلية مراقبة دولية على العملية برمتها. وتقول إسرائيل إنها لن تعارض الإعمار «المدني» في غزة، لكنها تريد آلية واضحة لمنع وصول الأموال والمواد إلى حركة حماس أو منظمات فلسطينية أخرى.
ووصل الأمين العام للأمم المتحدة إلى رام الله صباح أمس قبل توجهه إلى إسرائيل في نفس اليوم، على أن يزور قطاع غزة اليوم (الثلاثاء).
ومن المفترض أن يكون الأمين العام التقى في القدس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس الدولة رؤوفين ريفلين، وبحث معهما عملية إعادة إعمار القطاع وآليات تسهيل ذلك، بعد أن بحث الأمر في رام الله مع رئيس حكومة التوافق، رامي الحمد الله.
وتعد الأمم المتحدة طرفا وشريكا رئيسا في عملية الإعمار، وتشكل مع إسرائيل والسلطة الهيئة العليا التي تضع الآليات لذلك.
وتحدث كي مون عن الاتفاقات الثلاثية، وكيف يفترض أن تقود إلى إدخال المواد اللازمة للبدء في إعمار غزة. وفي المقابل أدان كي مون النشاطات الاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل قائلا «مرة أخرى أدين بشدة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي المستمر». كما أدان التعرض للمسجد الأقصى والاستفزازات الإسرائيلية بقوله «أنا قلق للغاية من الاستفزازات المتكررة في الأماكن المقدسة في القدس، وهي تؤدي فقط إلى تأجيج التوترات ويجب أن تتوقف».
وكان الأمين العام يعلق على اندلاع مواجهات جديدة في باحة المسجد الأقصى أمس بين شبان فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، أدت إلى وقوع إصابات، بعد أن حاول متطرفون اقتحام المسجد.
من جانبه، أكد الحمد الله وجوب رفع الحصار الإسرائيلي بالكامل عن قطاع غزة، وشدد على ضرورة أن يكون القطاع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية الكاملة من أجل بدء عملية إعماره. وأكد الحمد الله أن الهدف الأساسي والنهائي بالنسبة للفلسطينيين هو زوال الاحتلال، داعيا إلى التوصل إلى حل دائم للنزاع على أساس مبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وشدد الحمد الله في المؤتمر الصحافي المشترك مع بان كي مون على ضرورة التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية بالتهدئة، والعمل على الوصول إلى تهدئة دائمة من أجل نجاح جهود الإعمار، قائلا إنه «من غير الممكن التفكير في إعادة الإعمار دون فتح المعابر وتقديم التسهيلات اللازمة لإدخال البضائع ومواد الإعمار».
كما أبرز الحمد الله أهمية دور المجتمع الدولي في إلزام إسرائيل «بوقف انتهاكاتها وقيودها وتمكين مؤسسات الدولة الفلسطينية من العمل في غزة والقدس الشرقية والأغوار، وفي كل شبر من أراضي الوطن، لتقوم بواجبها تجاه أبنائها وبناء مستقبلهم وتلبية احتياجاتهم». وقال الحمد الله في هذا الصدد «استعرضنا الواقع الصعب الذي تعيشه المدينة المقدسة، ومحاولات التهويد والتهجير وتغيير معالمها والطابع الديمغرافي التي تتعرض لها، عبر استمرار الهجمة الاستيطانية وجدار الفصل العنصري، وما تتعرض له المقدسات المسيحية والإسلامية، خاصة المسجد الأقصى، الأمر الذي يستدعي تدخل المجتمع الدولي لترجمة مواقفه المعلنة وإلزام إسرائيل بالتقيد بالقانون الدولي».
وشدد الحمد الله على دور الأمم المتحدة في إلزام إسرائيل بالتقيد بالقانون الدولي، ووقف إمعانها في الاستيطان، كمدخل لعملية سياسية جدية تضع حدا للصراع وتنقذ حل الدولتين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.