من هو موراليس الذي أصبح أول رئيس «هندي» في تاريخ بوليفيا؟

اشتغل في الحقول ورعي الحيوانات.. وعاش في بيت بلا ماء أو كهرباء

موراليس
موراليس
TT

من هو موراليس الذي أصبح أول رئيس «هندي» في تاريخ بوليفيا؟

موراليس
موراليس

تؤكد السيرة الذاتية لموراليس أنه كان في صغره راعيا لحيوانات اللاما، وكان يساعد والديه في الحقول، ويجوب الأرض القاحلة والجليدية في جبال الإنديز لحمل الماء والحطب. ويروي موراليس في سيرة ذاتية، نشرت مؤخرا، ببراءة كبيرة مدى تأثره بعائلة موحدة وكادحة تعيش وفقا لوتيرة الجدود في قبيلة الإيمرا دي أورورو (وسط) المعزولة عن العالم، بلا ماء ولا كهرباء.
وكيف توفي 4 من أشقائه وشقيقاته السبع بالأمراض وسوء التغذية. ويروي أنه «حتى سن الرابعة عشرة كنت لا أعرف ما هي الثياب الداخلية، كنت أنام بثيابي التي كانت أمي تنزعها عني فقط لسببين: البحث عن القمل أو ترقيعها في المرفقين أو الركبتين».
واقتصر تعليم موراليس على فترة قصيرة قضاها في معهد، وبداية مشجعة كعازف على البوق (ترومبيت)، ثم الهجرة إلى منطقة تشاباري الاستوائية، حيث أصبح مزارعا ينتج أوراق الكوكا، قبل الالتحاق بالحياة النقابية. ولم يكتشف العالم إلا عندما بلغ سن الرشد، وأصبح زعيما نقابيا لمزاري الكوكا ثم نائبا، وذلك رغم خجله، وما كان يواجهه من صعوبة في تكلم اللغة الإسبانية.
وفي 22 يناير (كانون الثاني) 2006، انتخب ايفو موراليس آيما بـ54 في المائة من الأصوات ليصبح أول رئيس هندي في تاريخ بوليفيا، مقتديا بزعيم الايمرا توباك كاتاري، الذي قاد ثورة هندية ضد الاستعمار الإسباني وكذلك بفيدل كاسترو الثوري الكوبي. ولما تولى السلطة لم يغير أسلوبه وظل يرتدي الثياب التقليدية الملونة في منطقة الإنديز بشعره الأسود الكثيف وخديه الأحمرين، وهو يصف نفسه بأنه «الهندي الأسود القبيح الوجه صاحب الأنف الذي يشبه الببغاء»، ويدعو مزارع الكوكا «كوكاليرو» إلى رفع العقوبات الدولية عن إنتاج أوراق الكوكا.
وجعل موراليس، المقرب من كوبا والرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، من واشنطن ألد أعدائه وأقام تحالفات سياسية واقتصادية مع إيران وروسيا والصين. وبهذا الخصوص يقول موراليس «كافحنا ونكافح الإمبراطورية الأميركية الشمالية، إن الشعب ضد الاستعمار وضد الامبريالية، الشعب ضد الرأسمالية»، داعيا إلى «تحرير كل الشعب البوليفي».
وقد أعيد انتخابه في 2009 بـ64 في المائة من الأصوات. وفي سن الرابعة والخمسين يعد أقدم رئيس يمارس مهامه في أميركا اللاتينية، وهو لا يكل ويحدد مواعيد للعمل في الساعة الخامسة صباحا، ويجوب كافة أنحاء البلاد، إلى درجة أنه توصل إلى تنظيم 5 مهرجانات انتخابية في أماكن مختلفة في يوم واحد. ولتبرير هذا الاندفاع الكبير للعمل يقول «لدينا مسؤولية ضخمة وهي مواصلة تحسين الاقتصاد والاستمرار في الحد من الفقر والفقر المدقع». وأشار مؤخرا إلى أن «هذه السنة طلبت منا 3 دول من أميركا اللاتينية (لم يذكرها) اقتراض المال بينما كنا في الماضي بلد متسولين».
وبشأن حياته الخاصة التي لا يتحدث عنها كثيرا، يعرف عنه بأنه أب غير متزوج لولدين من والدتين مختلفتين هما ألفارو وايفا ليس. ويقول الرجل المولع بكرة القدم ويحمل رقم 10 في فريق سبورت بويز المحلي «أنا متزوج بوليفيا».
لكن خصومه يتهمونه بأنه لم يتمكن من القضاء على انعدام الأمن وتهريب المخدرات والفساد.
وموراليس الذي يعتقد بعدم البقاء في الحكم بعد سن الستين استفاد من تفسير مطعون فيه للدستور ليترشح لولاية ثالثة، لكنه مع ذلك يحلم بفتح مطعم في يوم ما.
ويحبذ موراليس تكرار القول «اليوم نحن جديرون بالاحترام لن نتسول ولن نهان أبدا» بعد أن حكم 9 سنوات بلادا ليس لها منفذ على البحر، انتعشت مواردها المالية بفضل تأميم المحروقات. وتحسنت حياة البوليفيين اليومية بفضل عدة إنجازات قام بها موراليس، من بينها تلفريك يعد الأعلى والأطول في العالم، وأول نقل عمومي حقيقي في البلاد، وكذا إرسال قمر صناعي ونتائج ملموسة في مكافحة الفقر والجوع، قوبلت باستحسان على الصعيد الدولي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.