انطلقت التحركات الشعبية منذ ساعات الصباح الأولى ليوم أمس في مناطق متعددة من لبنان تلبية لدعوة حملت عنوان «خبز وملح» تهدف إلى جمع المواطنين على الشواطئ اللبنانية في «فطور تقليدي»، ورفضاً لاستباحة الأملاك البحرية، بينما استمرت المظاهرات من بعد الظهر فيما أطلق عليه «أحد التكليف» للضغط باتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة.
وسجّل أمس تحركات أيضاً من قبل متظاهرين في الحراك الشعبي أمام السفارة الأميركية رفضاً للتدخلات الأجنبية، فيما أثارت قضية توقيف قاصرين في بلدة حمانا في جبل لبنان، بلبلة وتحركاً لمحامي المجتمع المدني على خلفية تمزيقهم صورة أمام مركز لـ«التيار الوطني الحر»، مساء السبت قبل أن يتم الإفراج عنهم فجر أمس. وأعلن مساء الثلاثاء عن توقيف 5 شبان، بينهم ثلاثة قاصرين، وأشارت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين عن توقيفهم من قبل النائب الاستئنافي في جبل لبنان، لافتة إلى أنها اطلعت على تسجيل لعملية إزالة اللافتة من دون أن يتبين لها وقوع أي جرم، وأطلق سراحهم بعدها.
من جهتهم قال الأهالي إنه تم توقيف الشبان من قبل مخابرات الجيش، ونقلوا إلى الشرطة العسكرية، ثم جرى تسليمهم إلى مخفر حمانا. وفي بيان لها أوضحت قيادة الجيش «أنّ مديرية المخابرات لم توقف الشبان القاصرين بل تسلّمتهم من بلدية حمانا، بعدما أوقفتهم شرطتها التي كانت تقوم بدوريات مكثّفة بعد سلسلة حوادث شهدتها المنطقة وقيام مجهولين بإحراق مبنى أوجيرو، ومحاولة إحراق مركز (التيار الوطني الحر)». ولفت البيان إلى أنه «التزاماً بالتعليمات فإنّ مديرية المخابرات قامت بتسليم هؤلاء الفتية (الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عاماً) إلى الشرطة العسكرية التي سلّمتهم بدورها إلى قوى الأمن الداخلي استناداً لإشارة القضاء المختص».
ميدانياً، تظاهر عدد من الناشطين أمام مقر السفارة الأميركية في منطقة عوكر احتجاجاً على التدخل الأميركي في لبنان، والذي عبّر عنه أخيراً السفير الأميركي الأسبق، جيفري فيلتمان. وفي تحركهم الذي ترافق مع انتشار كثيف للجيش عند المداخل المحيطة بمنطقة عوكر، مقر السفارة، جدد الناشطون تأكيدهم أن دعوتهم للتظاهر أمام السفارة الأميركية «ليست لإثبات وطنيتهم أمام جمهور (حزب الله) بل جاءت رفضاً للسياسة الأميركية في لبنان، ولكل السياسيين الذين يتظاهرون بمعاداة الولايات المتحدة».
وبعدما كان قد سجل تجمعات في عدد من المناطق لتناول الفطور تلبية لدعوة «خبز وملح»، ضجّت ساحات التظاهر بالمواطنين في ساعات ما بعد الظهر. وكان كورنيش عين المريسة في بيروت على موعد مع الفطور التقليدي، حيث اجتمع مواطنون للتأكيد على حقهم في الإفادة من الشاطئ، ورفضاً للأملاك البحرية غير الشرعية رافعين الأعلام اللبنانية وسط أجواء من الفرح وحلقات الدبكة والرقص.
كذلك لبّى الجنوبيون الدعوة نفسها، حيث توافد الناشطون صباحاً على رصيف الواجهة البحرية لملعب مدينة صيدا البلدي، حيث افترشوا الأرض وتشاركوا أطباق الفطور المتنوّعة، مؤكدين على حقّهم في الأملاك العامة البحرية.
وفي صور، نظم شباب وشابات الحراك في ساحة العلم فطوراً في إطار جمع الناشطين تحت شعار «خبز وملح»، وأطلقوا هتافات تدعو إلى تشكيل حكومة اقتصادية إنقاذية للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية، إضافة إلى إعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
وفي منطقة كفرمان الجنوبية أيضاً، نظمت مسيرة من خيمة الاعتصام ضمت متظاهرين من مختلف القطاعات، من الأطباء والمهندسين والعمال والفلاحين والمهن الحرة والمعلمين والطلاب والمحامين، حيث ارتدى كل منهم زياً خاصاً متوجهين إلى مدينة النبطية رافعين الأعلام اللبنانية على وقع الأناشيد الثورية والوطنية وسط تدابير أمنية للجيش وقوى الأمن الداخلي. واستمرت التحركات رفضاً لإقامة «سد بسري» بينما برز تحرك لأهالي الناعمة في جبل لبنان الجنوبي للمرة الأولى أمام ما يعرف بـ«زيتونا باي الناعمة» اعتراضا على تعدي مشروع استثماري على الأملاك البحرية العامة، حيث شارك أهالي المنطقة في مسيرة من البلدة إلى الشاطئ.
وكما عادتها، لم تهدأ ساحات مختلف المناطق الشمالية، حيث نظمت أمس مسيرة مراكب مؤلفة من 11 مركباً على متنها المئات من أهالي طرابلس والشمال، من ميناء طرابلس وصولاً إلى شكا، وذلك رفضاً للسيطرة على الأملاك البحرية وفرض بدل مادي مقابل الاستمتاع بالشواطئ، تحت شعار «ما خلونا نفوت بالبر رح نفوت بالبحر» (يرفضون السماح لنا بالدخول عبر البر سندخل عبر البحر).
وتوقفت الحملة أمام المنتجعات البحرية القائمة على الشاطئ ما بين البحصاص وصولاً إلى شكا ومروراً ببلدة القلمون، وتولى خبراء بيئيون شرح واقع هذه المنتجعات القائمة على الأملاك العامة، كما كانت وقفة أمام شركات الترابة في شكا، حيث بدا واضحاً التعديات البيئية على المناطق الجبلية التي تعرت بالكامل من الأشجار دون أي محاولة لإصلاح التشويهات وفق ما تفرضه القوانين. وكان لطلاب طرابلس أيضاً تحركهم، حيث نظموا مسيرات راجلة جابت الشوارع الرئيسية وكل الأحياء الداخلية، مطلقين الهتافات المنددة بالأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، ومطالبين بتشكيل حكومة في شكل سريع، كي تستجيب لمطالب الحراك الشعبي.
في «أحد التكليف» مسيرات عمّت لبنان وتجمعات «خبز وملح» على موائد الفطور
وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية... وتوقيف قاصرين لتمزيقهم صورة على مركز «الوطني الحر»
في «أحد التكليف» مسيرات عمّت لبنان وتجمعات «خبز وملح» على موائد الفطور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة