«الجيش الوطني» يسيطر على سماء ليبيا ويفرض حظراً فوق طرابلس

حفتر أطلق «رصاصة الرحمة» على «مؤتمر برلين» قبل انعقاده

TT

«الجيش الوطني» يسيطر على سماء ليبيا ويفرض حظراً فوق طرابلس

استكمل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي سيطرته على سماء البلاد، بإعلانه المفاجئ عن فرض «حظر جوي» فوق منطقة العمليات في العاصمة طرابلس باستثناء مطار معيتيقة الدولي المغلق حالياً، حيث تخوض قواته للشهر الثامن على التوالي، معارك ضد قوات موالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.
وفيما بدا أنه بمثابة إطلاق لرصاصة الرحمة على المؤتمر الدولي الذي تخطط بعثة الأمم المتحدة لعقده في ألمانيا الشهر المقبل لبحث حل الأزمة الليبية، اعتبر المتحدث باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري أن «ما يخرج من مؤتمر برلين سيبقى في برلين»، مؤكدا أن «الكلمة القوية للبندقية على الأرض، وأن السراج لا يمثل شيئا في هذه المعركة غير التقليدية».
واستنكر المسماري في تصريحات تلفزيونية له مساء أول من أمس، الدعوات الموجهة للجيش لوقف إطلاق النار، لافتا إلى أن الجيش فقد أكثر من 7 آلاف من مقاتليه منذ إطلاق عملية الكرامة لتحرير البلاد، وقال إن «هؤلاء لم يفقدوا حياتهم لكي نوقع اتفاقا عبر المبعوث غسان سلامة مع مجرم»، على حد تعبيره.
وأصدرت القيادة العامة للجيش الوطني مساء أول من أمس بيانا تضمن الإحداثيات الخاصة بمنطقة حظر الطيران التي تشمل سبع مناطق في طرابلس وحولها، ونبهت «مصلحة الطيران المدني وكافة شركات النقل الجوي وكل من يستخدم المجال الجوي الليبي بعدم استخدامه في هذه المنطقة المحددة كونها منطقة عمليات عسكرية، إلا بعد التنسيق مع قيادة الجيش بالخصوص». ويعني البيان، بحسب مصادر عسكرية، أنه لن يكون بمقدور أي من الطائرات الأجنبية المسيرة التي تستخدمها بعض الدول لرصد الوضع العسكري في طرابلس أو دعم الميليشيات المسلحة هناك، التحليق مجددا فوق سماء العاصمة التي باتت حصريا لقوات الجيش الوطني. وجاء البيان بعد تصاعد عدد الطائرات المسيرة التي أسقطها الجيش مؤخرا خلال مهام على الأراضي الليبية واتضح أنها تتبع أميركا وإيطاليا وتركيا.
بدوره، قال اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في بنغازي شرق البلاد: «نعلن منطقة حظر جوي يمنع التحليق فيها إلا بالتنسيق المسبق مع القيادة العامة للقوات المسلحة، والحصول على إذن من خلال المشير حفتر». وأرجع هذا الإجراء إلى «تطور العمليات العسكرية وتقدم قواته نحو العاصمة»، موضحا أن «قيادة الجيش رأت فرض حظر الطيران فوق منطقة العمليات في طرابلس وما حولها، لذا وجب تنبيه مصلحة الطيران وكافة شركات النقل الجوي لمستعملي هذه المنطقة». وبعدما استثنى مطار معيتيقة الدولي المغلق منذ سبتمبر (أيلول) الماضي من الحظر الجوي للحالات الإنسانية بتنسيق مع غرفة العمليات، حذر المسماري من أن «أي هدف مشتبه به يهدد الأمن وسلامة المواطنين سيتم التصدي له بقوة النيران، سواء كان الهدف بريا أو بحريا أو جويا».
ويأتي فرض الحظر بعد أيام فقط من إعلان إيطاليا فقدان طائرة من دون طيار فوق سماء مدينة ترهونة على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، علما بأن قوات الجيش أسقطت طائرة من دون طيار شمال ترهونة، تزامناً مع إعلان القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» أنها فقدت طائرة من دون طيار فوق طرابلس.
في المقابل، اعتبرت وزارة الداخلية بحكومة السراج، سلامة المجال الجوي للطيران المدني مكفولة بالقانون الوطني والقوانين الدولية، وأي وقائع تهدد الطيران المدني أو المطارات فهي جرائم يعاقب عليها. وبعدما اتهمت حفتر بمنح قواعد عسكرية في ليبيا للأجانب في الجفرة والوطية للقيام بما وصفته بأعمال تهدد حياة المدنيين وعمليات استخباراتية تربك جهود مكافحة الإرهاب، قالت الوزارة إن هذه الأفعال تأتي مقابل مصالح شخصية ضيقة، على حد تعبيرها.
بدوره، أبلغ هشام بوشكيوات وكيل وزارة المواصلات بحكومة السراج وسائل إعلام محلية موالية لها أنه لا أحد يمكن فرض حظر جوي فوق طرابلس وما حولها، مؤكدا أنه سيتم استئناف الرحلات الجوية بشكل طبيعي في غضون أسبوعين.
إلى ذلك، نفى الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي ما أوردته وكالة آكي الإيطالية للأنباء، بأن البيان الذي انتقد فيه انتهاك الطائرة الإيطالية لسيادة الأجواء الليبية لم يحظ بتفويض من رئيسه عقيلة صالح. وأكد في بيان نشره الموقع الرسمي للمجلس (مقره مدينة طبرق)، أن هذه المعلومات عارية عن الصحة، نافيا أي خلافات داخل المجلس حول استنكار انتهاك طائرة أجنبية لسيادة الأجواء الليبية وتحليقها فوق منطقة عمليات عسكرية تابعة للجيش الوطني، وأضاف هذه الحادثة تتطلب توضيحا رسمياً للسبب وراء وجود هذه الطائرة والمستفيد منه.
من جهة أخرى، أعلنت قوات البحرية الموالية لحكومة السراج أمس إنقاذ أكثر من 100 مهاجر عبر عمليتين منفصلتين شمال شرقي وغرب طرابلس، تم نقلهم لاحقا إلى مرفأ الحميدية ببلدية تاجوراء شرق طرابلس. ونقلت وكالة أنباء شينخوا الصينية عن العميد مسعود عبد الصمد المتحدث باسم هذه القوات أن «دوريات خفر السواحل نجحت في إنقاذ 57 مهاجرا بالقرب من حقل البوري الذي يقع شمال غربي طرابلس». وأضاف «العملية الثانية نجح الزورق (فزان) عبرها، من إنقاذ 50 مهاجرا من جنسيات أفريقية مختلفة» شمال شرقي طرابلس. وكان عبد الصمد أكد مساء أول من أمس إنقاذ 284 مهاجرا عبر أربع عمليات متفرقة قبالة سواحل البلاد، لافتا إلى أنه تم إنقاذ ما مجموعه 284 من المهاجرين الذين قدمت لهم مساعدات وتم إنزالهم في ميناء طرابلس البحري.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.