السودان: بلاغات بالقتل العمد ضد البشير وقوش

إحالة العشرات من كبار ضباط الأمن وبينهم نائب المدير للتقاعد

عمر البشير (أ.ف.ب) - صلاح عبدالله الملقب «قوش»
عمر البشير (أ.ف.ب) - صلاح عبدالله الملقب «قوش»
TT

السودان: بلاغات بالقتل العمد ضد البشير وقوش

عمر البشير (أ.ف.ب) - صلاح عبدالله الملقب «قوش»
عمر البشير (أ.ف.ب) - صلاح عبدالله الملقب «قوش»

دونت قوى «إعلان الحرية والتغيير» بلاغاً جنائياً تحت المادة 130 من القانون الجنائي السوداني (القتل العمد) بنيابة أم درمان وسط، ضد الرئيس المعزول عمر البشير ومدير جهاز الأمن والمخابرات السابق، وفي غضون ذلك أحيل على التقاعد عشرات الضباط من جهاز الأمن، بينهم نائب رئيسه، على خلفية ولائهم لمديره السابق.
وقال المتحدث باسم قوى «إعلان الحرية والتغيير» وجدي صالح، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إنهم سيقتصون من مدير جهاز أمن النظام المعزول صلاح عبد الله، الشهير بـ«قوش»، على الجرائم التي ارتكبها، وأضاف: «إذا عاد قوش إلى البلاد سيتم القبض عليه، وإذا لم يعد سنلاحقه بالخارج»، وتابع: «أسقطنا النظام عنوةً واقتداراً، وسنقتص لكل الشهداء الذين سقطوا في الثورة، ولن يفلت أحد من العقاب».
وأوضح المتحدث باسم قوى «الحرية والتغيير»، أن أكبر تحديات الفترة الانتقالية، هي إلغاء سياسات النظام المعزول، التي مكنت الفساد في الدولة، وتفكيك مؤسساته، في مقدمتها حل حزب المؤتمر الوطني.
وأضاف: «(الكيزان) - الاسم السوداني لـ(الإخوان) - ماتوا وشبعوا موتاً ولن يعودوا»، وذلك تأكيداً على نهاية نظام الإسلامويين، وتابع: «سنعمل على اقتلاع جذورهم، وتطهير كل رموزهم في الوظائف القيادية بمؤسسات الدولة، الذين تم تعيينهم بالولاء السياسي للنظام المعزول، ولم يتدرجوا في سلم الخدمة المدنية».
وقال صالح إن «قوى التغيير» تؤيد بشدة قرار مفوضية العون الإنساني بإغلاق 28 من المنظمات «المفسدة»، التي كانت تعمل تحت مظلة حزب المؤتمر الوطني والأسرة الحاكمة.
وبشأن الإجراءات القانونية التي اتخذت في مواجهة قادة النظام المعزول بتهم تدبير وتنفيذ الانقلاب العسكري على النظام الديمقراطي في عام 1989، أوضح صالح أن الوثيقة الدستورية وقانوني 1983 و1991 يمكن الاستناد عليها في محاكمتهم، ولن نسمح لهم بالإفلات من المحاسبة.
وفي منحى آخر، قال: «لسنا راضين عن أداء بعض الوزارات، ونعمل مع الحكومة على معالجة مواضع الضعف»، واستطرد: «ليس هنالك ما يمنع استبدال أي وزير».
وأعلن صالح أن «قوى التغيير» إكمال قوى التغيير للبرنامج الإسعافي، وستدفع به لمجلس الوزراء، مشدداً على أن الحكومة الانتقالية ليست في عداء مع أي دولة، وأنها لن تدخل في سياسة المحاور التي كان ينتهجها النظام المعزول، لتبني علاقات خارجية على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
من جهته، رفض رئيس لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة في 3 من يونيو (حزيران) الماضي نبيل أديب، الإدلاء بأي معلومات جديدة خشية التأثير على سير التحقيق والعدالة. ووصف أديب، الإجراءات القانونية التي صدرت بالقبض على العسكريين والمدنيين المتهمين بالاشتراك في تقويض النظام الدستوري، بأنها «قانونية ولو كانت مخالفة لقانون 1983 الملغى بقانون 1991، استناداً إلى مبدأ أن الجريمة لم تلغ، بيد أنه شدد على ضرورة المحاسبة، قانونية كانت أو سياسية، وفقاً للعدالة الانتقالية». بيد أن أديب أشار إلى حق المحتجزين بشكل غير قانوني في أن يطالبوا بحقهم القانوني الذي يكفله لهم الدستور، وتابع: «حزب المؤتمر الوطني يعتبر محلولاً بقانون الأحزاب الذي اعتمد إبان حكمه، بسبب إقراره بتسلم 30 مليون دولار من الصين، لوجود نص واضح بالقانون يمنع تسلم أي حزب للمنح أو القروض من الجهات الخارجية».
وفي السياق، ذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن أكثر من 60 من كبار ضباط الأمن والمخابرات السودانية أحيلوا للتقاعد، من بينهم شقيق مدير جهاز أمن المعزول صلاح قوش «محجوب»، الذي يعمل ملحقاً أمنياً في الدوحة.
وحسب المصدر، طالت الإقالات مديري الإدارات الداخلية في الجهاز، وأغلبهم برتب رفيعة «لواءات، عمداء، عقداء»، وأبرزهم نائب رئيس الجهاز الفريق أمن عوض الكريم القرشي، وتعيين الفريق أمن أحمد إبراهيم مفضل في مكانه، وذلك بحسب «العين الإخبارية».
وقال مصدر «الشرق الأوسط» إن العسكريين في مجلس السيادة، أعدوا كشف الإحالات، ضمن العملية الجارية لإعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات، وتقسيمه إلى جهازين «الأمن الداخلي» و«المخابرات الخارجية».
ووفقاً للمصدر، فإن كشوفات الإحالات للتقاعد في الجهاز تأتي عادة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) سنوياً، حسب التقاليد المتبعة، فيما تصدر كشوفات الترقيات بداية يناير (كانون الثاني)، بيد أن الضباط المحالين للتقاعد يدينون بالولاء لـ«قوش» والعشرات منهم منتمون لتنظيم الإسلاميين السودانيين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.