مسؤول أميركي: لم يحن وقت الحديث عن إعمار سوريا

بيدرسن دافع عن أعمال اللجنة الدستورية

TT

مسؤول أميركي: لم يحن وقت الحديث عن إعمار سوريا

رأى الممثل الأميركي الخاص لشؤون سوريا المبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة «داعش» جيمس جيفري، أن هناك الآن «موقعين معترف بهما دولياً» للتعامل مع النزاع في سوريا، يعكس الأول «النظام في دمشق»، فيما يتمثل الثاني باللجنة الدستورية في جنيف، حيث تتمثل «كل وجهات النظر السياسية»، مؤكداً أن أي حديث الآن عن إعادة الإعمار في سوريا «سابق لأوانه».
كان جيفري يتحدث في سياق جلسة لأعضاء مجلس الأمن استمعوا فيها أولاً إلى إحاطة من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، الذي اعتبر أن اجتماع 150 رجلاً وامرأة في جنيف لإطلاق أعمال «لجنة دستورية ذات مصداقية، متوازنة وشاملة للجميع، بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة» يشكل «لحظة تاريخية»، لأنه «فتح الباب أيضاً أمام جهد سياسي لتجاوز ما يقرب من تسع سنوات من الصراع، ورسم طريق لمرحلة جديدة في سوريا تمشياً مع قرار مجلس الأمن 2254». وبعدما شرح ما شهده الاجتماع، أكد أن بناء الثقة عبر اللجنة الدستورية يحتاج بصورة أساسية إلى أن يكون «هناك تغيير أيضاً في الأوضاع على الأرض. ويجب أن يبدأ ذلك باحترام كامل للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وحماية المدنيين»، معبراً عن «القلق البالغ حيال استئناف العنف في إدلب». وأشار إلى وجود ثلاثة ملايين مدني في إدلب «كثيرون بينهم اضطروا للفرار سابقاً من العنف في مناطق أخرى في سوريا، وعانوا، ولا يزالون يعانون». وأضاف أن «هناك تطورات مهمة» أيضاً في الشمال الشرقي، مشيراً إلى التدخل العسكري التركي بالمشاركة مع قوات من المعارضة السورية، وإلى إعلان الحكومة السورية نشر قوات في المنطقة عقب تفاهم مع «قوات سوريا الديمقراطية»، فضلاً عن التوصل إلى اتفاق تركي - أميركي لوقف النار، وآخر تركي - روسي لتسيير دوريات مشتركة على الحدود التركية، بالإضافة إلى إعادة انتشار القوات الأميركية من مناطق واسعة في الشمال الشرقي إلى دير الزور والحسكة، بما في ذلك في مناطق قريبة من آبار النقط. ولاحظ أن «هذه التفاهمات ساهمت في تخفيض العنف» في هذه المنطقة، نبه إلى التقارير حول استمرار الاشتباكات والقصف. وكذلك لفت إلى الضربات الجوية الإسرائيلية قرب دمشق، وشدد على أن هذه التطورات «مقلقة للغاية»، وطالب بـ«الابتعاد عن أي توجهات يمكن أن تفضي إلى المزيد من التصعيد الدولي إزاء سوريا، والاستمرار في انتهاك سيادتها واستقلاليتها ووحدتها وسلامة أراضيها». وذكر بأن قرار مجلس الأمن الرقم 2254 يدعو إلى وقف نار على المستوى الوطني، وإلى مقاربة مشتركة لمكافحة الإرهاب، قائلاً إن «استمرار التحدي الذي يشكله وجود (هيئة تحرير الشام)، وخطر ظهور (داعش) من جديد، واستمرار الخطر الذي يشكله وجود المقاتلين الأجانب يؤكد على الحاجة إلى مقاربة دولية قائمة على التعاون، وتضمن الاستقرار، وحماية المدنيين، واحترام القانون الدولي، وتعزز تحقيق هدوء حقيقي على الأرض، وتعطي الأولوية للحل السياسي».
ورأى جيفري أن «لدينا الآن موقعين معترف بهما رسمياً من المجتمع الدولي للتعامل مع سوريا، ومشكلات النزاع السوري»، مشيراً إلى «النظام في دمشق» وإلى أعضاء اللجنة الدستورية، الذي يعكس «كل وجهات النظر السياسية في جنيف». وأشار إلى «الضغط الدبلوماسي والاقتصادي المستمر من المجتمع الدولي على دمشق»، مؤكداً أن بلاده «تتمسك بموقفها المتمثل في أنه لا يمكن تقديم مساعدة لإعادة الإعمار لدمشق والمناطق التي تسيطر عليها، حتى تكون هناك عملية سياسية ذات مصداقية، ولا رجعة فيها تمشياً مع القرار 2254». ولذلك اعتبر أن «أي جهود لبرنامج إعادة الإعمار المساعدة في هذه اللحظة سابقة لأوانها».
في المقابل، أكد نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، أنه «يجب تلافي أي تدخل خارجي في أعمال اللجنة الدستورية»، لأنه «لا ينبغي لأحد أن يفرض على السوريين أموراً لا تتمشى ومصالحهم الوطنية، ومن غير المقبول أيضاً فرض جداول زمنية مصطنعة على عملها»، بل «ينبغي الاستناد إلى قرار مجلس الأمن 2254». واعتبر أن «التنظيمات الإرهابية تواصل السيطرة على معظم محافظة إدلب، واتخاذ المدنيين فيها دروعاً بشرية، إضافة إلى استهداف المناطق المجاورة، الأمر الذي لا يمكن السكوت عنه».
وتحدث نظيره الصيني وو هاي تاو، عن ضرورة دعم التسوية السياسية للأزمة في سوريا، بناءً على القرار 2254، مع احترام سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.
وأفاد المندوب السوري بشار الجعفري، بأن حكومته «تعاملت بمرونة وإيجابية خلال المرحلة التحضيرية لانعقاد اللجنة الدستورية».
قبل انعقاد الجلسة، قال جيفري إن «الموقف الحالي في سوريا مصدر قلق للجميع»، مؤكداً أن «الصواريخ بعيدة المدى التي يطلقها النظام السوري، ويغمض الروس أعينهم عنها، ويقوم بتسهيلها النظام الإيراني، تهدد أولاً وقبل كل شيء إسرائيل، كما تهدد حلفاءنا الآخرين مثل الأردن والسعودية والعراق».
وسُئل عن الاستيلاء على حقول النفط في شمال سوريا، فأجاب: «أعتقد بلا أدنى شك أن هذه عملية مشروعة تماماً، فنحن نقوم بذلك لإبعاد هذه الآبار عن سيطرة (داعش)».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.