مجلس الأمن يعبّر عن «الخيبة» لعدم تشكيل حكومة انتقالية في جنوب السودان

طالب بـ«تقدم فوري» في المهام المتفق عليها... و«الكف عن عرقلة» نشاطات «أنميس»

TT

مجلس الأمن يعبّر عن «الخيبة» لعدم تشكيل حكومة انتقالية في جنوب السودان

عبّر مجلس الأمن عن «خيبة أمله»، لأن أطراف الاتفاق في جنوب السودان «أخفقت» في اتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل حكومة انتقالية بحلول الموعد النهائي، المحدد في 12 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وطالبها بـ«إحراز تقدم فوري» بشأن هذه الخطوات والنتائج المتفق عليها خلال الاجتماع الاستشاري الوزاري لهيئة التنمية (إيغاد). داعياً حكومة جنوب السودان وجماعات المعارضة إلى «الكفّ عن عرقلة» نشاطات بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (أنميس).
وأخذ الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن علماً بتوافق أطراف «اتفاق تنشيط قرار حل النزاع في جمهورية جنوب السودان» على تمديد الفترة السابقة للانتقال لمدة مائة يوم، اعتباراً من 12 نوفمبر الحالي، معبرين عن «خيبة أملهم»، لأن أطراف الاتفاق «فشلت في اتخاذ الخطوات اللازمة لكي تشكل سلمياً حكومة انتقالية في الموعد النهائي المحدد»، وأكدوا أن «التنفيذ الكامل لكل أحكام الاتفاق» سيضع البلاد على سكة الوصول إلى «هدف السلام والاستقرار والعدالة والتنمية».
ودعا الأعضاء الأطراف إلى «إحراز تقدم فوري بشأن النتائج المتفق عليها خلال الاجتماع الاستشاري الوزاري لمنظمة (إيغاد) الإقليمية مع أطراف الاتفاق»، بما في ذلك الإخلاء الفوري لجميع القوات المتبقية من المراكز المدنية والمناطق المأهولة.
كما رحّب أعضاء مجلس الأمن باتفاق القوى الضامنة والأطراف على إنشاء آلية للإشراف على تنفيذ «المهمات الحرجة»، داعين «الضامنين وأطراف الاتفاق إلى تفعيل الآلية بسرعة، وتحديد كيفية تنفيذها بوضوح»، مع «إعادة التأكيد علانية على التزاماتهم في هذا الاتفاق، وفي اتفاق 21 ديسمبر (كانون الأول) 2017، بشأن وقف الأعمال القتالية، وحماية المدنيين، وإمكانية إيصال المساعدات الإنسانية».
في سياق ذلك، طالب أعضاء مجلس الأمن حكومة جمهورية جنوب السودان بـ«صرف الأموال التي تعهدت بها لتنفيذ الاتفاق بطريقة شفافة، وخاضعة للمساءلة، ومواصلة ضخ الأموال للتنفيذ المستمر للاتفاق». وناشدوا الأطراف على «مواصلة اتخاذ خطوات تتماشى مع أحكام الاتفاق لتعزيز المشاركة الكاملة والفعالة والهادفة للمرأة»، آخذين علماً أيضاً بالدعوة التي وجهها مجلس السلام والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، إلى حكومة جنوب السودان من أجل «العمل على وجه السرعة لتفعيل كل آليات العدالة الانتقالية، بما في ذلك المحكمة المختلطة لجنوب السودان». وعبروا عن تقديرهم لقيادة «إيغاد» في «دفع عملية السلام في جنوب السودان... وجهودها لضمان التشكيل السلمي للحكومة الانتقالية».
كما أعلنوا دعمهم «لجهود (إيغاد)، في وضع خريطة طريق لضمان الانتهاء في الوقت المناسب من المهمات المعلقة لما قبل المرحلة الانتقالية»، وطالبوا الهيئة الحكومية، بمواصلة معالجة وضع زعيم المعارضة رياك مشار، كتدبير رئيسي لبناء الثقة، يفضي إلى تشكيل الحكومة الانتقالية»، مؤكدين «تقديرهم للدور الحاسم الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة إلى جنوب السودان، وآلية رصد وقف إطلاق النار وترتيبات الأمن الانتقالية والتحقق منها».
وعلى صعيد متصل، طالب أعضاء مجلس الأمن حكومة جمهورية جنوب السودان وجماعات المعارضة بـ«الكف عن عرقلة نشاطات بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان»، معبرين عن «قلقهم إزاء الحالة الإنسانية الرهيبة، التي تفاقمت بسبب الفيضانات الشديدة، وكذلك حقوق الإنسان، والوضع الاقتصادي في جنوب السودان»، ودعوا كل أطراف الاتفاق والجماعات المسلحة إلى «إنهاء كل أعمال العنف الجنسي والطائفي، ووضع حد لتجنيد واستخدام الجنود الأطفال، والقتل والتشويه أو العنف الجنسي ضد الأطفال، وإطلاق جميع الأطفال الذين تم تجنيدهم حتى الآن». وذكّروا بقرار مجلس الأمن رقم «2222» في شأن حماية الصحافيين.
كما دعا أعضاء الضامنين وأطراف اتفاقية السلام في جنوب السودان إلى تفعيل الآلية التي تم تشكيلها بسرعة، وتحديد كيفية عملها بالتنسيق مع الآليات والمؤسسات الموجودة أصلاً في اتفاقية السلام، وكذلك أصحاب المصلحة، ووفقا لصفقة عنتبي «الأوغندية» التي شهدت تمديد اتفاق الفترة ما قبل الانتقالية، فإن الأطراف والجهات الضامنة ستراجع التقدم المحرَز في تنفيذ القضايا العالقة بعد 50 يوماً، وسيُقدم تقرير إلى رؤساء الدول والأطراف.
ووفقاً لـ«اتفاقية السلام» التي تم تنشيطها والتوقيع عليها في 12 سبتمبر (أيلول) 2018، كان أمام أطراف الاتفاق فترة ستة أشهر لتنفيذ القضايا العالقة قبل تشكيل الحكومة الانتقالية في مايو (أيار) الماضي. لكن تم تمديدها لمدة ستة أشهر حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بسبب نقص التمويل، وفي عنتبي تم تمديد ثانٍ إلى 100 يوم، تنتهي في فبراير (شباط) 2020.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.