تونس: الأحزاب السياسية تواصل ضغطها على الجملي للإسراع بتشكيل الحكومة

TT

تونس: الأحزاب السياسية تواصل ضغطها على الجملي للإسراع بتشكيل الحكومة

فيما تواصل الفعاليات السياسية مطالبتها بالإسراع في تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، التي ستخلف حكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها حالياً يوسف الشاهد، حذر رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، من صعوبة إدارة الشأن العام، خصوصاً أن سبع حقائب وزارية يتم تسييرها حالياً بالنيابة، وذلك منذ إقالة عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع السابق، وخميس الجهيناوي وزير الخارجية، علاوة على استقالة عدد من أعضاء الحكومة الذي نجحوا في الانتخابات البرلمانية، التي جرت في السادس من الشهر الماضي، وأفرزت مشهداً برلمانياً جديداً.
وفي ظل الدعوات المتكررة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت، التي باتت تشكل ضغطاً غير مباشر على رئيس الحكومة المكلف، فإن المشاورات والنقاشات المستفيضة، التي جمعت الحبيب الجملي خلال الأسبوع الأول بنحو 20 طرفاً سياسياً وإعلامياً، وممثلين عن منظمات وطنية، لم تسفر عن نتائج ملموسة، فيما ينتظر أن يشرع الجملي، بداية من الأسبوع المقبل، في طرح الأسماء التي ستتولى الحقائب الوزارية، وهو ما سيفجر الجدل مجدداً حول شكل الحكومة، التي ستدير المرحلة السياسية المقبلة، ويطرح تساؤلات إن كانت حكومة المقبلة كفاءات؟ أم حكومة برامج؟ أو حكومة الرئيس، وهي احتمالات لم يتم الحسم فيها بعد.
وفي هذا الشأن، انتقد المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي، خيار توسيع المشاورات لتشمل كل الأطراف السياسية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن جزءاً منها «قد يندرج في خانة إضاعة الوقت، لكنها في المقابل قد ترفع الحرج عن رئيس الحكومة المكلف، وتجعله في موقع فاعل مع كل الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية»، معتبراً أن الأسبوع الأول من المشاورات «كشف عن جانب مهم من استقلالية رئيس الحكومة المكلف تجاه حركة (النهضة)، التي رشحته لهذا المنصب؛ حيث عاملها مثل بقية الأطراف السياسية، بل إنه استقبل من تراه منافسها الأساسي (قلب تونس) مرتين خلال أسبوع واحد، وهو ما لم يحصل مع بقية الأطراف السياسية»، على حد تعبيره.
وبخصوص مستقبل هذه المشاورات وما ستفرزه من نتائج، أوضح العرفاوي أن رئيس الحكومة المكلف «نجح في كسر التشدد في المواقف، الذي طبع عدداً من القيادات السياسية، التي كانت ترفض الانضمام إلى الائتلاف الحاكم، وفرضت مجموعة من الشروط، على غرار حزب (التيار الديمقراطي) و(حركة الشعب)، كما أنه من المنتظر أن يتطرق خلال الأسبوع المقبل إلى الحديث عن برنامج العمل الحكومي، قبل الأسماء التي ستتولى الحقائب الوزارية، وهو اختيار قد يؤتي أكله»، على حد قوله.
على صعيد آخر، دعا بوعلي المباركي، الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، أمس، إلى ضرورة إعادة وزارة الطاقة والمناجم كوزارة قائمة الذات، يشرف عليها شخص ملمّ بالقطاع، من أجل تثمين الموارد الباطنية الموجودة في تونس، في حين دعت أطراف أخرى إلى ضرورة تقليص الحقائب الوزارية، وذلك في إطار سياسة اقتصادية للضغط على المصاريف. وأعلن المباركي، في تصريح إعلامي، أن الاتحاد سيتقدم رسمياً بمقترح إعادة هذه الوزارة، التي ألغاها رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، إلى رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، الذي لا يزال يواصل مشاوراته مع مجموعة من المتدخلين في الشأن السياسي لتشكيل الحكومة.
في غضون ذلك، أصدر رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد، أمراً رئاسياً بدعوة الناخبين للانتخابات البلدية الجزئية في خمس بلديات، وهي البطان والدندان (تقعان في ولاية منوبة القريبة من العاصمة، ونفزة (باجة)، وقصيبة الثريات (سوسة)، ورقادة (القيروان). ومن المنتظر أن تجري الانتخابات في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
يذكر أن نحو سبعين بلدية تونسية عرفت استقالات متتالية، نتيجة خلافات سياسية بين أعضائها، ما عقد مهمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تشرف على هذه العمليات الانتخابية غير المنتظرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».