فشل الوساطة لجمع أطراف النزاع في بوليفيا

TT

فشل الوساطة لجمع أطراف النزاع في بوليفيا

تراجعت حظوظ الوساطة الثلاثية التي تبذلها منذ أيام الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكنيسة الكاثوليكية لجمع أطراف النزاع في بوليفيا حول طاولة الحوار من أجل تنفيس الاحتقان المتصاعد الذي بات يهدد بمواجهة أهلية مفتوحة، بعد الصدامات الأخيرة بين أنصار الرئيس السابق إيفو موراليس وقوات الأمن التي أوقعت ما يزيد على 30 قتيلاً في الأيام الأخيرة. فقد أعلنت النيابة العامة البوليفية فتح تحقيق ضد الرئيس السابق إيفو موراليس بتهمة «التحريض على الفتنة والإرهاب»، بعد أن كشفت الرئيسة الجديدة جانين آنييز عن تسجيل لمكالمة هاتفية لموراليس، يدعو فيها أنصاره إلى «قطع الطرقات، ومنع وصول الأغذية إلى المدن». وكان موراليس قد ردّ على تلك الاتهامات بأنها «مفبركة»، واستغرب مبادرة النيابة العام للتحقيق فيها، بينما «لم تحرك ساكناً بعد إثر اغتيال 30 من رفاقنا برصاص الشرطة والجيش».
وتقول مصادر الحكومة إن الشريط المسجل قد سُحب من هاتف ابن أحد الذين كانوا يقودون الاحتجاجات، وقطع الطرقات إلى العاصمة وبعض المدن الكبرى التي تعاني من أزمة وقود ومواد غذائية أساسية منذ أيام، وفيه يدعو موراليس إلى «الحزم في مواجهة الديكتاتورية الانقلابية والعنصرية»، في إشارة إلى حكومة الرئيسة المؤقتة. وفي الوقت الذي كانت فيه النيابة العامة تعلن عن بدء الملاحقة القضائية ضد موراليس، كان قائد جهاز الشرطة المكلف بمكافحة المخدرات يعلن أن ما لا يقل عن 50 من مزارعي الكوكا قد وجهت إليهم تهم الاتجار بالمخدرات. وأعلن أحد المحامين المقربين من الحكومة الحالية أن «المحاكم الدولية المختصة يمكن أن تلاحق موراليس بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، إذا ثبتت التهمة الموجهة إليه بمنع وصول الأغذية إلى المدن. وكانت الشرطة البوليفية قد أعلنت في الساعات الأخيرة عن إلقاء القبض على نائب رئيس حزب «التيار نحو الاشتراكية» المؤيد للرئيس السابق، وفي حوزته ملفات وحواسيب تقول مصادر الحكومة إنها تتضمن معلومات عن عمليات التزوير التي قام بها هذا الحزب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الشهر الماضي، وكانت بداية الأزمة التي تشهدها بوليفيا حالياً. ومن المكسيك، اتهم موراليس الحكومة الحالية بمحاولة «تجريم الاحتجاجات الاجتماعية، واعتقال القيادات النقابية لخنق الغضب الشعبي الذي يجتاح البلاد». وفيما لا تزال العاصمة لاباز تحت حصار المزارعين وسكان المناطق الشعبية المحيطة بها، الذين يمنعون وصول الوقود إليها، شهدت مدن أخرى يحاصرها أنصار موراليس اشتباكات عنيفة مع قوى الأمن والجيش، أوقعت 8 قتلى في منطقة سينكاتا. وبينما أعلنت المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان عن إرسال بعثة للتحقيق في الأحداث الخطيرة التي شهدتها الأزمة البوليفية منذ الانتخابات الرئاسية في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعرب مصدر مسؤول في الأمم المتحدة عن قلق المنظمة الدولية من تداعيات التطورات الأخيرة التي من شأنها «تقويض الجهود الصعبة التي تُبذل من أجل التهدئة والحوار»، وقال إنه يخشى المزيد من التصعيد، ودعا إلى تكثيف المساعي الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».