ميليشيات المستوطنين تهاجم عدة قرى فلسطينية في الضفة الغربية

عدد قتلى مذبحة رفح يرتفع إلى 9 ضحايا

مواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ضمن «مسيرات العودة» الأسبوعية كل جمعة (أ.ف.ب)
مواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ضمن «مسيرات العودة» الأسبوعية كل جمعة (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات المستوطنين تهاجم عدة قرى فلسطينية في الضفة الغربية

مواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ضمن «مسيرات العودة» الأسبوعية كل جمعة (أ.ف.ب)
مواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية ضمن «مسيرات العودة» الأسبوعية كل جمعة (أ.ف.ب)

تعرضت عدة قرى فلسطينية في الضفة الغربية، أمس، إلى هجوم من ميليشيات المستوطنين المسلحة، إذ داهموا في ساعات الفجر هذه البلدات وأحرقوا نحو 50 سيارة وخربوا عدداً آخر منها وخطوا على الجدران شعارات عنصرية. وقد أدانت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية في رام الله، بأشد العبارات، هذه الاعتداءات وعدّتها تصعيداً خطيراً. وكان المواطنون الفلسطينيون في بلدات بيت دجن، وقبلان، ومجدل بني فاضل وبرقة وكفر الديك في قضاء مدينتي نابلس وسلفيت، وسط الضفة الغربية المحتلة، تعرضوا لهجوم من ميليشيات المستوطنين؛ حيث داهموا في ساعات الفجر بعدة فرق من المسلحين، وأقدموا على إحراق محاصيل وأشجار في الأراضي الزراعية ثم أعطبوا عجلات عشرات المركبات.
وفي تصعيد جديد أحرقوا مركبات أخرى، وخطوا شعارات عنصرية معادية تحرض على قتل العرب. ورأت الوزارة الفلسطينية أن هذا التصعيد العدواني للمستوطنين، «يندرج في إطار مخطط استعماري توسعي يتم تنفيذه بحماية ودعم قوات الاحتلال، خصوصاً المناطق الواقعة جنوب غربي نابلس وجنوب شرقيها، بهدف توسيع المستوطنات القائمة وإنشاء تجمع استيطاني ضخم في تلك المنطقة من شأنه فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وتسمين خاصرة دولة الاحتلال على حساب الأرض الفلسطينية كامتداد للعمق الإسرائيلي، بما يؤدي إلى محو ما يسمى الخط الأخضر، وتفويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود عام 1967».
وحملت الوزارة، الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاعتداءات ونتائجها وتداعياتها، كما حملت الإدارة الأميركية المسؤولية عن نتائج الاستيطان وإرهاب المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين، خصوصاً بعد إعلان مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، أن الاستيطان لا يتناقض والقانون الدولي. وطالبت الوزارة من جديد الأمين العام للأمم المتحدة بالإسراع في تفعيل نظام الحماية الدولية للشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان، بما يساعد في الحفاظ على ما تبقى من مصداقية دولية للحرص على تحقيق السلام.
وذكرت مصادر مقربة من الشرطة الإسرائيلية أنها بدأت التحقيق وأن النتائج الأولية تدل على أن من نفذ هذه الاعتداءات هم من مجموعة «تدفيع الثمن»، وهي حركة يمينية متدينة تنفذ اعتداءات على الفلسطينيين منذ سنة 2008. وتستهدف هذه الجماعات بشكل خاص، الأماكن المقدسة والمساجد والكنائس والمقابر الإسلامية والمسيحية، وتعتدي على ممتلكات الفلسطينيين، وذلك من دون ملاحقة جدية من قبل أجهزة الاحتلال.
وكانت الضفة الغربية قد شهدت، أمس (الجمعة)، عدة مواقف احتجاجية على سياسة الاحتلال والاستيطان، والدعم الأميركي لها. وتعرض المتظاهرون في عدة حالات لاعتداءات، وأصيب عشرات الفلسطينيين أمس بجروح وحالات اختناق، في قمع قوات الاحتلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان، وباستهداف الصحافي معاذ عمارنة (الذي فقد إحدى عينيه الأسبوع الماضي برصاصة قوات الاحتلال)، في بلدة صوريف قرب مدينة الخليل، جنوب الضفة. وكان بين المصابين رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف.
وفي قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة، أمس، استشهاد مواطن من عائلة السواركة، ليرتفع عدد ضحايا هذه العائلة خلال العدوان الأخير إلى 9. وقالت الوزارة إن المواطن محمد سلامة السواركة (40 عاماً) توفي متأثراً بجراح أصيب بها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على دير البلح. وكان 8 من أفراد هذه العائلة قد لقوا حتفهم بقصف منزلهم، في حين أصيب 12 بعضهم بجراح خطيرة. وأعلن جيش الاحتلال أنه قصف المنزل بالخطأ وأنه فتح تحقيقاً في الحادث.
وعلى أثر الغارة الجوية الإسرائيلية التي دمرت فجر الجمعة الماضي 3 منازل من الصفيح، قتلت زوجة محمد واثنان من أطفاله، كما قتل شقيقه رسمي أبو ملحوس وزوجته و3 من أطفاله.
وبوفاة محمد السواركة يرتفع إلى 35 عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال المواجهة العسكرية التي اندلعت بين إسرائيل وحركة «الجهاد» في قطاع غزة، بعد اغتيال إسرائيل بهاء أبو العطا القيادي العسكري الكبير في «الجهاد».
وتوصل الطرفان إلى تهدئة في قطاع غزة بوساطة مصر والأمم المتحدة مؤخراً، وهي تعدّ امتداداً لتهدئة لا تزال هشة بين «حماس» والفصائل الفلسطينية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى تم إعلانها قبل نحو عام. وقررت القوى الوطنية إقامة حفل تأبين لشهداء العائلة.
وفي القدس، أدى نحو 40 ألف مصلٍ، صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك وسط وجود قوات الاحتلال وشرطتها على أبوابه ومحيطه. وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بأن المصلين قدموا من القدس نفسها ومن الضفة الغربية ومن فلسطينيي 48 في إسرائيل.
وفي كفر قدوم غرب مدينة نابلس، قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي المشاركين في المسيرة الأسبوعية المنددة بالاستيطان، باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع. وقال منسق لجان المقاومة الشعبية في كقر قدوم، مراد اشتيوي، إن عشرات المواطنين أصيبوا بحالات اختناق، إثر استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، وتم تقديم العلاج لهم ميدانياً.
وفي جنين، اقتحمت قوات الاحتلال عدة مراكز في المدينة وكثفت حواجزها العسكرية المتنقلة التي أعاقت تحركات المواطنين جنوب المدينة. وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اقتحمت المدخل الجنوبي لمدينة جنين عند دوار عصفور وبير الجمال، وشنت حملة تمشيط واسعة، كما اقتحمت بلدة يعبد وكثفت من وجودها العسكري في محيطها ومحيط بلدة عرابة، ونصبت حواجز عسكرية متنقلة أعاقت تحركات المواطنين جنوب المدينة. وأدى مئات المواطنين، صلاة الجمعة، في دوار الشهداء، وسط مدينة نابلس، تنديداً بالإعلان الأميركي بشأن المستوطنات. وكانت لجنة التنسيق الفصائلي، ومؤسسات وفعاليات نابلس، دعت المواطنين إلى الاحتشاد والصلاة وسط المدينة، تعبيراً عن الرفض القاطع للإعلان الأميركي المعادي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.