الجيش السوداني يرفض تقرير «هيومان رايتس ووتش» بشأن مجزرة فض الاعتصام

إغلاق منظمات تابعة للنظام المعزول ومصادرة ممتلكاتها... تدير إحداها زوجة الرئيس المعزول

TT

الجيش السوداني يرفض تقرير «هيومان رايتس ووتش» بشأن مجزرة فض الاعتصام

وصف الجيش السوداني، تقرير منظمة، هيومان رايتس ووتش، الأخير بشأن أحداث مجزرة فض الاعتصام أمام بوابة القيادة العامة في الثالث من يونيو (حزيران)، الماضي، الذي لمح فيه إلى تورط بعض الشخصيات السيادية، بأنه يفتقر إلى المهنية والحيادية والأمانة، أثناء ذلك أغلقت مفوضية العون الإنساني 24 منظمة تابعة للنظام المعزول.
وذكر بيان الجيش السوداني، أنه في ظل التوافق السياسي المشهود، وعملية الانتقال في البلاد، خرج تقرير المنظمة عن قضية فض الاعتصام، ملمحا إلى (تورط) بعض الشخصيات السيادية. وأوضح أن محتوى التقرير، للمنظمة الأميركية، يخالف المبدأ القانوني، بعدم التأثير على لجنة التحقيق (التي شكلت في الخرطوم لكشف الملابسات)، وذلك بعدم تناول الوقائع المدعى بها حتى تنتهي لجنة التحقيق من أعمالها.
وقال البيان بأن التقرير لم يضف إيجابية يعتد بها في مسار قضية فض الاعتصام، داعيا المنظمات الوطنية والدولية إلى دعم جهود تعزيز فرص نجاح الانتقال السياسي حتى يودع السودان عهد الاضطرابات والحروب. وذكرت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير أصدرته «الأحد» الماضي، أن الهجمات القاتلة على المتظاهرين في السودان، كانت مُبرمَجة وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. وجاء في التقرير «انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن بقيادة، قوات الدعم السريع، بالقرب من منطقة الاعتصام، وفتحت النار على متظاهرين عُزَّل، فقتلت الكثير منهم فورا». معروف أن هذه القوات يقودها الفريق حمدان دقلو حميدتي، (عضو مجلس السيادة الحالي).
ودعت المنظمة الحكومة الانتقالية، الالتزام بمحاسبة حقيقية عن أعمال العنف غير القانونية المرتكبة ضد المتظاهرين منذ ديسمبر (كانون الأول)، الماضي، والتي قُتل فيها المئات. وقال رئيس لجنة التحقيق في فض الاعتصام، نبيل أديب، في تعليقه على التقرير الأسبوع الماضي، «إنه لا يشكل أي ضغط على عمل اللجنة»، بيد أنه أشار إلى حق أي جهة أن تبني استنتاجات بناءً على معلومات وردتها أو قامت بتحليلها من تلقاء نفسها.
وأكد أديب حرص اللجنة على العمل بمبدأ القانون، وإدارة التحقيق بنزاهة واستقلالية، ولن تلتفت إلى ردود الأفعال. وقتل ما لا يقل عن 100 وأصيب المئات خلال فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش السوداني بالخرطوم في 3 من يونيو (حزيران)، الماضي، فيما قدر تقرير مفوضية حقوق الإنسان بالسودان أعداد القتلى بـ«85»، بناءً على إحصائيات الشرطة، وهو ما رفضته قوى الحرية والتغيير التي تورد إحصائية عن مقتل 117 شخصا. في غضون ذلك، أصدرت مفوضية العون الإنساني، قراراً بإلغاء تسجيل 24 منظمة واتحادا، وحجز أصولها ومصادرة ممتلكاتها وتجميد أرصدتها وحساباتها البنكية داخل وخارج السودان، ووجهت جهات الاختصاص بالتنفيذ الفوري للقرار.
ومن بين هذه المنظمات، مؤسسة (سند الخيرية) التي ترأس مجلس إدارتها، زوجة الرئيس المعزول، وداد بابكر، واتحادات أخرى كانت تمثل واجهات تنظيمية توفر الدعم السياسي للنظام المعزول، ويتم الصرف عليها من أموال الدولة.
في منحى آخر، دعا زير الشؤون الدينية والأوقاف، نصر الدين مفرح، في خطبة (الجمعة) بالمسجد الكبير بالخرطوم، إلى نبذ الغلو والتطرف الديني، وانتهاج خطاب وسطي معتدل، وقال: «جميعنا أبناء الوطن على اختلاف أدياننا ومذاهبنا الفكرية ويجب علينا احترام هذا التنوع والتعدد».
إلى ذلك طالب السفير البريطاني لدى السودان عرفان صديق في تغريدة له على موقع «تويتر» «تحالف الجبهة الثورية» بعدم إعاقة عملية السلام بسبب التنافس بين الفصائل المختلفة، وقال إن «التأجيل الذي حدث في جولة محادثات السلام وتشكيل المجلس التشريعي ربما كان ضرورياً لكن يجب على الجميع العمل لضمان عدم التأجيل مرة أخرى»، مشيراً إلى أن تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي «البرلمان» يعزز المؤسسات المدنية والتمثيل في المرحلة الانتقالية.
واعتبر صديق أن الثورة التي شهدها السودان «فرصة عظيمة» لبناء دولة المواطنة المتساوية واحترام تنوع البلاد، قبل التأكيد على أن تحقيق السلام في السودان «أولوية قصوى» لبلاده. وأجرى السفيران البريطانيان لدى السودان عرفان صديق ولجنوب السودان كريس تروت محادثات مع رئيس الحركة الشعبية – شمال مالك عقار ونائبه ياسر عرمان ومع رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، كما شملت اللقاءات رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز آدم الحلو، وتناول اللقاء عملية السلام وجولة المفاوضات القادمة، وطالبا تحالف الجبهة الثورية بالعدول عن رفض تكوين المجلس التشريعي الانتقالي.
وكانت الحكومة الانتقالية قد أرجأت تكوين المجلس التشريعي بعد رفض الحركات المسلحة اتخاذ الخطوة، وشددت على ضرورة تحقيق اتفاق السلام الشامل. ووفقاً للوثيقة الدستورية التي وقعها تحالف قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي فإن إكمال هياكل السلطة الانتقالية يفترض أن يتم بإعلان نواب المجلس التشريعي الانتقالي في السابع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. في غضون ذلك طالب رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور (مقره باريس) بضرورة التمثيل العادل والمنصف للهامش السوداني خاصة فيما أسماه مناطق المظالم التاريخية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق البلاد، داعياً الحكومة الفرنسية للعب دورها في حل الأزمة في بلاده ودعم استكمال أهداف الثورة. وقال بيان للحركة عقب لقاء نور مع المبعوث الفرنسي إلى السودان ومسؤول ملف السودان في الخارجية الفرنسية في باريس، إن الاجتماع تناول عملية السلام والتحول الديمقراطي، وتناول قضايا استكمال الثورة وتصحيح مسارها، مشدداً على ضرورة حل حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، وتنفيذ القرارات الدولية في حق نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.



حملات حوثية تستهدف مُلاك المطاعم في صنعاء وإب

الحوثيون ينفذون حملات ابتزاز ضد مُلاك المطاعم في مناطق سيطرتهم (إكس)
الحوثيون ينفذون حملات ابتزاز ضد مُلاك المطاعم في مناطق سيطرتهم (إكس)
TT

حملات حوثية تستهدف مُلاك المطاعم في صنعاء وإب

الحوثيون ينفذون حملات ابتزاز ضد مُلاك المطاعم في مناطق سيطرتهم (إكس)
الحوثيون ينفذون حملات ابتزاز ضد مُلاك المطاعم في مناطق سيطرتهم (إكس)

أطلقت الجماعة الحوثية حملات جباية جديدة تستهدف ملاك المطاعم في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظة إب، بغية إجبارهم على دفع إتاوات تحت عدة أسماء، منها: «ضبط المخالفات والرقابة على الأسعار»، و«عدم وجود تصاريح عمل»، ودعم «حزب الله» اللبناني، و«تمويل المجهود الحربي».

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن «مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون ما تسمى مكاتب السياحة، نفذوا حملات مداهمة ضد المطاعم الكبيرة والصغيرة في أحياء باب السلام والسنينة ومذبح وعصر، في مديريات الصافية ومعين، وأرغموا ملاكها على دفع إتاوات، بينما أغلقوا عدداً منها ضمن حملة الجباية المباغتة».

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

واشتكى ملاك مطاعم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات استهداف وفرض إتاوات غير قانونية، وأكدوا أن «هدف الحملات الجديدة هو فرض مبالغ كبيرة عليهم بالقوة، أو تعرضهم للتهديد بالإغلاق والمصادرة والسجن في حال لم يتفاعلوا مع مطالب الجماعة».

وكشفت عاملون في مطاعم بصنعاء، أن مسلحي الجماعة الحوثية أغلقوا نحو 6 مطاعم واقعة في شوارع وأسواق بمديرية معين، واعتقلوا عدداً من أصحابها قبل أن يتم الإفراج عنهم مقابل دفع جبايات.

ويؤكد «خالد. م» وهو مالك مطعم شعبي في صنعاء أن «الحملة لم تستثنِ أحداً من ملاك المطاعم، إذ تسعى الجماعة لإجبارهم على تقديم دعم مالي يُخصص منه جزء لمصلحة (حزب الله) اللبناني، ودعم المجهود الحربي».

وأفاد مالك المطعم، بأن مسلحي الجماعة «حاولوا بعد عملية دهم مباغتة، إغلاق مطعمه الصغير بعد رفضه دفع إتاوات، كما فعلوا مع البقية في الشارع ذاته الكائن فيه مطعمه، لكنه حاول امتصاص غضبهم والتزم بدفع مبلغ مالي، بغية الحفاظ على مصدر عيشه وأطفاله».

وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب الحوثي، دفع اليمنيون بمناطق سيطرة الجماعة، بمن فيهم ملاك المتاجر الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المهن البسيطة، تكلفة باهظة جراء سياسات النهب والبطش وحملات الابتزاز.

دهم وإتاوات

وعلى وقع حملات التنكيل الحوثية المستمرة ضد من تبقى من العاملين في القطاع الخاص والسكان في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) نفذت الجماعة حملات دهم وابتزاز بحق مُلاك المطاعم بمدينة إب، وفي مناطق أخرى تتبع مديريات مذيخرة وذي السفال، وفق ما ذكرته مصادر لـ«الشرق الأوسط».

وجاء هذا الاستهداف، ضمن حملات حوثية واسعة تستهدف التجار وملاك المحال الصغيرة وباعة الأرصفة والمتجولين في إب.

الجماعة الحوثية ترغم التجار على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

وفي منطقتي «الأفيوش» و«القاعدة» التابعتين لمديريتي مذيخرة وذي السفال بإب، اشتكى أصحاب مطاعم وتُجار لـ«الشرق الأوسط»، من إتاوات فرضت عليهم من قبل قيادات في الجماعة يتصدرهم المدعو أحمد أنعم، وهو المشرف الحوثي في مديرية مذيخرة، والقيادي محمد حيدر الأسد، المعين نائباً لـ«مكتب الصناعة» في منطقة «القاعدة».

وذكرت المصادر، أن تلك الحملات «لم تستثن حتى المزارعين والسكان الأشد فقراً بتلك المناطق، إذ فرضت الجماعة على المزارعين دفع إتاوات مالية، وتقديم بعض من محاصيلهم الزراعية دعماً للمجهود الحربي».

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد توثق بعض الانتهاكات التي تقوم بها الجماعة الحوثية ضد أهالي منطقة الأفيوش في مديرية مذيخرة، بما في ذلك الاعتداء بالضرب إثر رفضهم دفع الجبايات.

وأجبر التعسف الحوثي كثيراً من التجار، وبينهم أصحاب محلات ومطاعم وباعة أرصفة، على رفع شكاوى لسلطات الانقلاب الحوثي في إب وصنعاء لإنصافهم وإيقاف البطش المفروض عليهم لكن دون جدوى.

وسبق أن نفذت الجماعة الحوثية هذا العام، حملات استهدفت أسواقاً وعدة محال تجارية وباعة أرصفة بعموم مناطق سيطرتها، وفرضت غرامات مالية تفاوتت بحسب حجم المتاجر وقيمتها السوقية.