تشكيك برلماني تونسي في الأرقام الحكومية للتنمية والقروض

TT

تشكيك برلماني تونسي في الأرقام الحكومية للتنمية والقروض

شكك عدد من أعضاء البرلمان التونسي في صحة وشفافية الأرقام التي ضمنتها الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2019، حيث اعتبر عدد من النواب أن هناك تلاعباً بالأرقام التي قدمتها حكومة يوسف الشاهد، بالإضافة إلى ضبابية على مستوى الالتزامات المالية للدولة التي لم يقع الإيفاء بها في آجالها المحددة.
وطالب عدد من أعضاء اللجنة البرلمانية الوقتية للمالية بإجراء تدقيق مالي معمق وشامل لكل القروض والهبات المالية التي تحصلت عليها تونس خلال السنوات التسع السابقة، بالإضافة إلى حصر دقيق للديون المتخلدة بذمة الدولة والتي يستوجب عليها تسديدها.
في هذا الشأن، دعا عياض اللومي، رئيس اللجنة الوقتية للمالية، في تعقيبه على تدخلات النواب، حكومة تصريف الأعمال التي يقودها يوسف الشاهد إلى توضيح أكثر للأرقام المضمنة في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2019، وخاصة نسبة النمو الاقتصادي التي توقعتها الحكومة، مطالباً بإطلاع التونسيين على النسبة الحقيقية والعمل على تعديلها، وكذلك تقديم تفاصيل أكثر عن الالتزامات المالية للدولة.
وتمثل سنة 2020 تاريخ انطلاق تطبيق المساهمة الاستثنائية لفائدة الصناديق الاجتماعية من قبل البنوك وشركات التأمين والشركات العاملة في مجال الاتصالات والشركات العاملة في مجال النفط والمحروقات، وهذه المساهمة مقدرة بنسبة واحد في المائة من المداخيل، وقد مثلت هذه النقطة أهم ما تطرق إليه أعضاء اللجنة الوقتية للمالية خلال النقاش العام بخصوص مشروع قانون المالية 2020، ومن شأن هذه المساهمة أن تزيد من الصعوبات الاقتصادية والأعباء المالية التي تعاني منها معظم الأنشطة الاقتصادية.
في السياق ذاته، أشار عدد من الخبراء التونسيين المختصين في المالية والاقتصاد إلى التباين الهائل بين الفرضيات، والتوقعات الاقتصادية غير الدقيقة. وأكدوا أن الكثير منها «مغلوطة» وهي بعيدة كل البعد عن الواقع الاقتصادي للبلاد، وأظهرت بيانات رسمية نشرها المعهد الوطني للإحصاء، أن نسبة النمو المسجلة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2019 مختلفة تماماً عن توقعات قانون مالية للسنة الحالية، مما طرح تساؤلات عدة حول كيفية احتساب تلك النسبة ومن يقف وراء تضخيمها، وهل المسألة مرتبطة بالحملات الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي عمل عدد من أعضاء الحكومة على خوضها والفوز فيها؟
ومن أبرز المغالطات المسجلة في هذا الباب، نسبة النمو الاقتصادي التي توقعت الحكومة أن تكون في حدود 3.1 في المائة، غير أنها لم تتجاوز حدود 1.2 في المائة، كما أن معظم توقعات النمو التي سجلتها الأنشطة الاقتصادية المهمة، كانت «مغلوطة» ولم تدرك المستوى الذي قدمته الحكومة؛ بل إن المؤشرات كانت سلبية، خاصة على مستوى الصناعات المعملية التي تساهم بأكبر نصيب من الصادرات المدرة للنقد الأجنبي.
وسجل نواب البرلمان التونسي تراجع القيمة المضافة لقطاعات الصناعات المعملية بنسبة 1.6 في المائة، وتقلص إنتاج الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 2.3 في المائة، علاوة على تدهور قطاع خدمات النقل وتراجعه بنسبة 4.6 في المائة بسبب انخفاض مسافري الخطوط الجوية التونسية بنحو 20 في المائة، وانكماش حركة النقل البحري بسبب انخفاض المعاملات التجارية، وتسجيل أرقام قياسية على مستوى العجز التجاري.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.