في إجراء بدا كأنه تنفيس للاحتقان المتزايد في الشارع السوري جراء ارتفاع جنوني للأسعار وتدهور متسارع في قيمة الليرة، قام النظام السوري بزيادة رواتب الموظفين عشرين ألف ليرة، أي ما يعادل 25 دولاراً، وهي زيادة انتظرها السوريون طويلا بعد تآكل قدرتهم الشرائية إلى حد العدم.
يتراوح متوسط رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بين عشرين ألف ليرة (25 دولارا) وأربعين ألف ليرة (60 دولاراً)، شهريا، وفي القطاع الخاص بين 100 ألف ليرة (140 دولاراً) و150 ألف ليرة (200 دولار) شهرياً، في حين يحتاج الفرد إلى أكثر من مائة ألف ليرة للعيش بالحد الأدنى.
وجاء تدهور قيمة الليرة إلى حد غير مسبوق في تاريخ سوريا؛ حيث تجاوز سعر صرف الدولار حد 750 ليرة، ليتسبب بموجة جديدة في ارتفاع الأسعار تكاد تقضي على القدرة الشرائية للسوريين. وقالت مصادر تجارية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «أسواق دمشق تعيش أسوأ أيامها منذ بداية الحرب عام 2011»، مضيفة أن «ارتفاع سعر الصرف شل حركة السوق. الكل في حال ترقب لما سيؤول إليه سعر الصرف، أما الناس فتكاد تقتصر حركة الشراء لديها عموما على المواد الغذائية الضرورية». ورأت المصادر في زيادة الرواتب «إجراء غير مجد لتحسين معيشة الفرد»، إذ «الأهم هو تحسين قيمة الليرة، أما زيادة الرواتب مع ارتفاع سعر الصرف فهي تثبيت لسعره المرتفع». وحذرت المصادر من هزة اقتصادية واجتماعية «يؤخرها زيادة الرواتب لكن لن تمنعها مع اشتداد حالة الفقر وازدياد أعداد الفقراء».
وقال بيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية السورية إن مرسومي زيادة الرواتب صدرا بعد «متابعة للمتغيرات الاقتصادية ومنعكساتها، وبعد سلسلة مداولات بدأت منتصف العام الحالي بين الفرق واللجان الحكومية المختصة، ومناقشة جميع البيانات والمعطيات، وبعد أن تم تصديق نتائجها من اللجنة الاقتصادية وعرضها على مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة المنعقدة بتاريخ 17-11-2019».
وصدر يوم أمس في دمشق مرسومان بزيادة الرواتب والأجور؛ الأول شمل المدنيين والعسكريين، والثاني شمل المتقاعدين. وقضى المرسوم رقم 23 لعام 2019 بزيادة 20 ألف ليرة للرواتب والأجور الشهرية للعسكريين والمدنيين، بعد دمج التعويض المعيشي الحالي مع أساس الراتب المقطوع ليكون جزءا منه، فيما قضى المرسوم التشريعي رقم 24 للعام 2019 بزيادة 16 ألف ليرة لأصحاب المعاشات التقاعدية من عسكريين ومدنيين، أيضا بعد إضافة التعويض المعيشي لمعاشهم التقاعدي.
وشمل المرسوم كافة العسكريين والمدنيين العاملين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة وشركات ومنشآت القطاع العام والبلديات ووحدات الإدارة المحلية والعمل الشعبي وغيرها، إضافة إلى جهات القطاع العام والمشترك الذي لا تقل نسبة مساهمة الدولة فيها عن 75 في المائة من رأسمالها.
كما شمل المرسوم 23 المشاهرين والمياومين والمؤقتين، سواء كانوا وكلاء أم عرضيين أم موسميين أم متعاقدين بعقود استخدام أو معينين بجداول تنقيط أو بموجب صكوك إدارية وكذلك الذين يعملون على أساس الدوام الجزئي أو على أساس الإنتاج أو الأجر الثابت والمتحول. كما زاد المرسوم 23 الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك ليصبح 47675 ليرة سورية شهريا.
واعتبرت مصادر اقتصادية متابعة أن زيادة الرواتب لن تسد الفجوة بين ارتفاع الأسعار والرواتب والأجور، الناجمة عن تدهور قيمة الليرة، لكنها ستحقق وفراً إضافياً في الخزينة العامة، نظراً لعملية خفض قيمة الليرة التي تمت وفق منهجية مدروسة من قبل الحكومة في دمشق خلال الأسابيع القليلة الماضية لتصل إلى مستوى قياسي، وبما يسمح بخفض قيمة كتلة الرواتب والأجور التي تشكل القسم الأكبر من مصاريف الخزينة.
وكانت آخر زيادة في الرواتب للموظفين المدنيين بـ7500 ليرة تمت تقريباً عام 2016، أما آخر زيادة للعسكريين فكانت عام 2018.
زيادة رواتب في سوريا لا ترمم القدرة الشرائية المتآكلة
زيادة رواتب في سوريا لا ترمم القدرة الشرائية المتآكلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة