بعد تراجع أعداد المسلسلات العربية التاريخية خلال السنوات الأخيرة، أعاد مسلسل «ممالك النار» الذي يجري عرضه حالياً على مجموعة قنوات MBC المسلسلات التاريخية إلى بؤرة اهتمام المنتجين في العالم العربي، بعد نجاحه في تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة بجانب تفاعل وإشادات المتابعين، مع أداء الممثلين المميز.
ويخشى عدد كبير من صناع الدراما في الوطن العربي المغامرة بإنفاق مبالغ مالية كبيرة لإنتاج مثل هذه النوعية من الأعمال لعدم ضمان تعويض النفقات، حتى تحقيق أرباح، بجانب احتياجها إلى تدقيق كبير في محتواها واستغراقها وقتاً طويلاً في التحضير والتصوير.
ورغم نجاح مسلسل «ممالك النار» في إحداث حالة من الانتشار الواسع، يرى بعض المخرجين أنه بمثابة حالة استثنائية لا تتكرر كثيراً، وأن الطريق أمام إنتاج دراما تاريخية جيدة على غرار هذا العمل ليس مفروشاً بالورود، بل على العكس فإنه يصعّب المهمة، ومن بينهم المخرج السوري حاتم علي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تراجع إنتاج الدراما التاريخية يرجع إلى انخفاض سقف السوق العربية، لأنها نوعية مكلفة للغاية بسبب متطلباتها الفنية المتعددة، مثل الديكور والملابس والمجاميع والمعارك وغيرها». وأوضح أن «ردود الفعل الإيجابية التي حققها (ممالك النار) ترجع إلى تكلفته الكبيرة التي تصل إلى نحو 40 مليون دولار، لإنتاج 14 حلقة فقط، أي أن الميزانية ستتضاعف لو كان العمل مكوناً من 30 حلقة، وهذا يعني أن ميزانيته كانت ستساوي تكلفة 25 مسلسلاً مصرياً، لذلك فهو مسلسل استثنائي يصعب تكراره خلال الفترة المقبلة، ومن الصعب القياس عليه أو مقارنته بغيره من المسلسلات التاريخية، لأنه لم يضع في حساباته مبدأ الربح والخسارة، ولو افترضنا أنه قد تم بيعه لكل الفضائيات العربية فإنه لن يسترد تكلفته».
وأكد حاتم علي أن الوضع سيظل كما هو عليه بعد انتهاء عرض «ممالك النار»، ولن يمهد الطريق لإنتاج مزيد من الأعمال التاريخية، إلا إذا بادرت الدول والحكومات إلى دعم هذه النوعية مثلما حدث مع هذا المسلسل.
وتذخر الدراما العربية بعرض عدد من الأعمال التاريخية المهمة، من بينها «خالد بن الوليد» عام 2006 بطولة باسم ياخور، و«رجل الأقدار» عن حياة عمرو بن العاص عام 2002، و«نابليون والمحروسة» إخراج شوقي الماجري عام 2012، و«ملكة في المنفى» عن حياة الملكة نازلي بطولة نادية الجندي عام 2010. و«كليوباترا» بطولة سلاف فواخرجي عام 2010، و«سرايا عابدين» عامي 2014 و2015 بطولة يسرا وقصي الخولي، و«واحة الغروب» بطولة الفنان خالد النبوي، الذي يشارك كذلك في بطولة مسلسل «ممالك النار» وحقق إشادات لافتة بأدائه المميز.
وترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله، أن إنتاج مسلسلات تاريخية عربية ليس أمراً سهلاً، لأنه سيكون مرهوناً بأمور كثيرة، في مقدمها التسويق الذي يعتبر أكبر معضلة تواجه أي منتج، لأنه بالتأكيد يرغب في المكسب.
وأضافت خير الله لـ«الشرق الأوسط» أن «استسهال المنتجين في الآونة الأخيرة ساهم في ضعف إنتاج الأعمال التاريخية، لأن الدراما الاجتماعية تحقق أرباحاً أكثر، وتكلفتها منخفضة، مقارنة بالدراما التاريخية».
ومن أجل تكرار تجربة «ممالك النار» المميزة خلال الفترة المقبلة، طالب سينمائيون، من بينهم المنتج المصري أمير شوقي، بدعم هذه النوعية من الأعمال من قبل الحكومات العربية عبر توفير المعدات وأماكن التصوير والمجاميع، وقال شوقي لـ«الشرق الأوسط»: «إذا أقدم منتج معين على إنتاج عمل تاريخي فإنه سيحتاج بالتأكيد إلى فضائية تكون بمثابة شريك له في الإنتاج، تقوم بدور الممول والمسوق في ذات الوقت».
«ممالك النار» يعيد المسلسلات التاريخية إلى بؤرة اهتمام المنتجين
خبراء: التكلفة الضخمة والتسويق من أبرز الصعوبات التي تواجه صناع الأعمال
«ممالك النار» يعيد المسلسلات التاريخية إلى بؤرة اهتمام المنتجين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة