«الانتقالي» بدأ تسليم المقار العسكرية... و«الشرعية»: عدن أمام فرصة تاريخية

الحكومة اليمنية تضع «البنية التحتية» في أولوية مهامها خلال ثلاثة أشهر

رئيس الوزراء اليمني لدى عقده لقاء مع أعضاء المكتب التنفيذي لعدن في العاصمة اليمنية المؤقتة أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى عقده لقاء مع أعضاء المكتب التنفيذي لعدن في العاصمة اليمنية المؤقتة أمس (سبأ)
TT

«الانتقالي» بدأ تسليم المقار العسكرية... و«الشرعية»: عدن أمام فرصة تاريخية

رئيس الوزراء اليمني لدى عقده لقاء مع أعضاء المكتب التنفيذي لعدن في العاصمة اليمنية المؤقتة أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى عقده لقاء مع أعضاء المكتب التنفيذي لعدن في العاصمة اليمنية المؤقتة أمس (سبأ)

في الوقت الذي استهل رئيس الحكومة الشرعية الدكتور معين عبد الملك سعيد وفريقه عمله في العاصمة المؤقتة عدن بالاجتماع مع المكتب التنفيذي للمحافظة للوقوف على الاحتياجات العاجلة، أعلن المجلس الانتقالي تشكيل لجان مع قوات التحالف للبدء في عمليات تسليم وتسلم المرافق الأمنية والعسكرية تنفيذاً لاتفاق الرياض.
وأكد رئيس الوزراء اليمني أن مدينة عدن بعد اتفاق الرياض «أمام فرصة تاريخية لاستعادة مكانتها ودورها»، لافتاً إلى ضرورة أن تتحول عدن إلى ورشة عمل خصوصاً في البنية التحتية، ولتكون مكانا جاذبا للاستثمار ومستقطبا للرأسمال المحلي والدولي، مشدداً على أهمية أن يعمل الجميع من أجل استقرار عدن وأمنها، وأي مشاريع أو رؤى لا تدرك ذلك تضيع الفرصة على عدن وتهدر مستقبل أبنائها.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده في عدن أمس، مع قيادة السلطة المحلية وأعضاء المجلس المحلي والمكتب التنفيذي لمحافظة عدن.
ووقف الاجتماع أمام معطيات الوضع العام في مدينة عدن، بهدف الخروج برؤية شاملة للمعالجات اللازمة، في مختلف المجالات، وبما ينعكس على تحسين وضع ومعيشة المواطنين اليومية في العاصمة المؤقتة وبقية المحافظات المحررة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الحكومة أعدت مصفوفة تدخلات عاجلة لمعالجة المشكلات التي تراكمت منذ أغسطس (آب) الماضي، وستعمل مع السلطة المحلية في عدن على تنفيذها خلال الأشهر الثلاثة الأولى، داعياً الجميع لشحذ الهمم والعمل الجاد من أجل أبناء عدن، وأن الحكومة ستكون معهم دائماً.
من جهته، قال مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء معين عبد الملك دعا إلى اجتماع عاجل مع المكتب التنفيذي في عدن بحضور وزراء المالية والنفط والكهرباء للوقوف على الاحتياجات العاجلة للمحافظة. وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته وتحدث هاتفياً من عدن «هنالك حاجة إلى بعض الترتيبات التي يتوجب عملها خلال الأيام القادمة، والبدء في تطبيع الأوضاع كما ورد في بنود اتفاق الرياض».
وتجنب المسؤول إعطاء مزيد من التفاصيل حول تنفيذ بنود الاتفاق المفترض تنفيذها أمس 20 نوفمبر (تشرين الثاني) ومنها تعيين الرئيس اليمني محافظاً ومدير أمن لمحافظة عدن، إلى جانب عودة كل التشكيلات العسكرية والأمنية في أبين وشبوة وعدن إلى مواقعها قبل أحداث أغسطس الماضي، مشيراً إلى أن الجميع يعمل على تنفيذ اتفاق الرياض رغم الصعوبات.
في الأثناء، كشف نزار هيثم المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي عن بدء المجلس فعلياً تشكيل لجان مع قوات التحالف في عدن لتنفيذ الإجراءات الأمنية والعسكرية بحسب اتفاق الرياض. وأضاف هيثم لـ«الشرق الأوسط»: «كما هو معلوم يتوجب على الحكومة تطبيع الأوضاع في عدن بحسب اتفاق الرياض، من ناحيته استجاب المجلس الانتقالي وتم تشكيل لجان مع قوات التحالف في عدن، والتي بدأت بالمرافق الأمنية والعسكرية، وتحديث تغييرات وتسلم وتسليم المتفق عليها».
وتابع: «لكن كإجراءات أخرى من الطرف الآخر (الحكومة الشرعية) مثل الانسحاب من أبين وشبوة فهذه أمور تأتي في صميم أولويات تنفيذ بنود الاتفاق».
ولفت المتحدث باسم الانتقالي إلى أنه ورغم عودة الحكومة التي وصفها بالمتأخرة، فإن الأوضاع في عدن تسير بوتيرة عالية في كل المرافق الخدمية، قائلا: «الأمور كان ينقصها صانع القرار وهو الحكومة، وستكون بداية مشجعة لاستكمال صرف الرواتب، وتشغيل الكثير من المرافق، ومعالجة الكثير من الأمور التي كانت عالقة خلال الفترة الماضية».
وفي رده على سؤال حول بعض الاشتباكات التي شهدتها عدن خلال الأيام القليلة الماضية وأسبابها، تحدث نزار هيثم أن «حدوث اختلالات أمنية في أي منطقة في العالم أمر متوقع». بيد أنه لمح إلى أن «هنالك مخاوف من أن بعض الأطراف تدفع إلى هذه الاختلالات ولا تريد السلام في عدن»، على حد تعبيره.
وفي توضيحه للقاءات التي أجراها عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي خلال اليومين الماضيين مع سفراء عدة دول منها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفحواها، قال هيثم: «هذه اللقاءات تأتي في إطار تحرك جاد من المجلس الانتقالي لتنفيذ مخرجات اتفاق الرياض، وتمثيل القضية الجنوبية بالطريقة المناسبة، وبما يرضي الشارع الجنوبي، وأيضا لشرح جهود المجلس الانتقالي مع التحالف العربي لمواجهة الانقلاب الحوثي والمجموعات الإرهابية».
وعبر المتحدث باسم الانتقالي في ختام حديثه عن تفاؤله بالفترة القادمة، مضيفاً بقوله: «نحن متفائلون على الدوام ما دام السعودية تقف على قيادة التحالف وتنفيذ اتفاق الرياض».
إلى ذلك، رحب الاتحاد الأوروبي في بيان رسمي بعودة الحكومة اليمنية إلى عدن، معتبراً ذلك تطوراً مهماً وخطوة أولى في تنفيذ اتفاق الرياض. واعتبر البيان أن وجود الحكومة في اليمن يعد «تطورا مهما» وقال إن عودتها إلى عدن «تمثل الخطوة الأولى في تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي».
وأضاف البيان الذي جاء على لسان المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد يتوقع «من جميع الأطراف المعنية الامتثال بأحكام الاتفاق وإبداء التعاون بإخلاص على أرض الواقع لضمان تنفيذ الاتفاق بسلاسة وفي وقته».
وأشار إلى أنه «ينبغي أن يؤدي التنفيذ الكامل للاتفاق إلى تمهيد الطريق أمام اتفاق سياسي شامل للنزاع برعاية الأمم المتحدة». مؤكدا أن الاتحاد «سيواصل توطيد التعاون الثنائي مع الحكومة اليمنية، وسيقدم دعمه الكامل للمبعوث الخاص للأمم المتحدة بهذا الصدد».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.