انتقادات من «الثنائي الشيعي» للجيش والقوى الأمنية في لبنان

بسبب عدم فتح الطرق إلى مجلس النواب... ونائب من «أمل» يهدد: لو أردنا لفتحنا مائة طريق

رجال أمن في مواجهة محتجين قرب مقر البرلمان وسط بيروت أول من أمس (أ.ب)
رجال أمن في مواجهة محتجين قرب مقر البرلمان وسط بيروت أول من أمس (أ.ب)
TT

انتقادات من «الثنائي الشيعي» للجيش والقوى الأمنية في لبنان

رجال أمن في مواجهة محتجين قرب مقر البرلمان وسط بيروت أول من أمس (أ.ب)
رجال أمن في مواجهة محتجين قرب مقر البرلمان وسط بيروت أول من أمس (أ.ب)

منذ اللحظة الأولى لإعلان إرجاء الجلسة التشريعية، أول من أمس، بدأت بعض الشخصيات المنتمية إلى حركة «أمل» و«حزب الله» بإلقاء اللوم على القوى الأمنية والجيش لعدم فتحهما الطريق إلى مجلس النواب.
وكان أول من تحدث عن هذا الأمر وزير المال علي حسن خليل، معلناً من مقر البرلمان أنه أبلغ وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن في اتصال هاتفي معها «أن أي مصدر أمني من واجبه فتح الطرق للنواب»، مضيفاً: «سمعنا أن حرية التنقل مقدسة، ولا أعتقد أن هناك عملاً أهم من تشكيل اللجان النيابية لكي تنظر بالقوانين التي يطالب بها الناس». الانتقاد نفسه تحدث عنه رئيس البرلمان نبيه بري مساء الثلاثاء، حيث قال أمام زواره، إن «الكتل النيابية والنواب كانوا صادقين حسب ما صرحوا، لكن جهات أخرى لم تلتزم بما وعدت»، في إشارة واضحة إلى القوى الأمنية والجيش.
وأمس، نقل النائب في «التنمية والتحرير» علي بزي عن بري قوله، إن «الخاسر الأكبر بالأمس كانت الفتنة والرابح الأكبر كان لبنان والسلم الأهلي»، مشيراً «الى أن الرهان كان على تعميم الفراغ الذي حذرنا منه مراراً وتكراراً».
ولفت بزي نقلاً عن بري «بغض النظر عن الذي حصل بالأمس، لكن الأهم أنه لم تسقط نقطة دماء واحدة وكان المطلوب في الغرف السوداء التخطيط لإراقة الدماء، وهذا ما لا نقبله والأولوية كانت وستبقى لبنان والسلم الأهلي».
وكما حركة «أمل»، كذلك انتقد «حزب الله» القوى الأمنية والجيش لعدم فتحهما الطريق إلى جلسة البرلمان، وهو ما عبّر عنه أمس النائب في «كتلة الوفاء للمقاومة» علي عمار بعد لقائه وعدد من النواب رئيس البرلمان، حيث قال: «رأينا ضباطاً وجنوداً يتفرجون على نواب الأمة وهم يهانون على الحواجز من دون أن يحركوا ساكناً، وخصوصاً بعدما وعد قائد الجيش أنه بقدر ما سيحمي المتظاهرين سيكون حريصاً على حماية حق التنقل، لكن للأسف ما شهدناه هو شكل من أشكال الريبة».
وفي حين لم يصدر أي رد رسمي من وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي التي يبدو أنها تتريّث تجاه هذا الأمر، قالت مصادر عسكرية رداً على هذه الانتقادات لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش نفّذ المهمة المطلوبة منه، ونطاق عمله لم يكن ضمن محيط مجلس النواب، حيث كان التواجد لقوى الأمن الداخلي، وتضيف «الجيش كان في الخطوط الخلفية، وكانت الطرقات المتواجد فيها مفتوحة».
وعلى وقع هذه الأجواء، كان قد توتّر الوضع ميدانياً مساء الثلاثاء في ساحة رياض الصلح بوسط بيروت؛ ما أدى إلى اعتقال 12 شخصاً من المتظاهرين لساعات قبل أن يطلق سراحهم صباح أمس. وفي حين يؤكد المحتجون، أن التوتر جاء إثر قيام مندسين ينتمون إلى «حزب الله» و«حركة أمل» بالاعتداء على القوى الأمنية، عبر رمي زجاجات باتجاه العناصر ولاذوا بالفرار؛ ما استدعى تحركاً من قبل «مكافحة الشغب» مستخدمة القوة بحق المتظاهرين ووقع إصابات في صفوفهم، ينفي النائب في حركة «أمل» علي خريس هذه الاتهامات قائلاً، إن أسماء المعتقلين تظهر أن المنسدين هم من بين المتظاهرين، في حين يؤكد أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أن «المجموعة المندسة باتت معروفة بالنسبة إليهم وهم من مناصري الثنائي الشيعي».
وفي حديثه، يعيد خريس تحميل القوى الأمنية مسؤولية عدم فتح الطريق، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، «لو كنا نريد فتح الطريق كنا فتحنا مائة طريق وليس واحدة، لكن نحن الذين نحارب الفتنة ولن نرضى بسقوط الدماء، ولا نزال نرى أن هذه المهمة هي من مهمة القوى الأمنية».
ويوضح خريس موقف حركة «أمل» وما سبق لرئيس البرلمان أن أشار إليه بالقول: «كان يفترض أن تعقد الجلسة التشريعية يوم الثلاثاء بضمانة من القوى الأمنية والجيش بفتح الطرقات، لكنهم لم يتعاطوا بجدية مع هذا الموضوع»، مضيفاً «إذا كانوا غير قادرين على فتح الطرقات فليقولوا ذلك علناً، علماً بأن عدد المتظاهرين على الأرض لم يكن يتعدى الـ1500 شخص».
ويضيف «جدول أعمال الجلسة كان يتضمن قوانين هي مطلب المتظاهرين، لكن يبدو أن هناك من يفكر بأخذ البلاد إلى الفراغ بالمؤسسات والوصول إلى الفوضى».
وعما إذا كان يعتبر أن تعطيل جلسة البرلمان موجّه ضد رئيسه، قال خريس «ما يحصل هو موجه ضد مؤسسة مجلس النواب وهي ليست ملكاً لبري، لكن واجبنا المحافظة عليها»، ويؤكد «من يفكر بإسقاط مجلس النواب عليه أن يعرف أن هذا حلم لن يتحقّق. هذا البرلمان أنتجته انتخابات من سنة ونصف السنة وهو شرعي مائة في المائة، وإذا حصلت الانتخابات غداً فنستطيع أن نؤكد للجميع أننا واثقون من أنفسنا ومن حضورنا».
في المقابل، ردّ الوزير السابق أشرف ريفي على هذه الانتقادات قائلاً: «الهجوم على الجيش وقائده ودوره المتوازن في الحفاظ على الاستقرار وأمن اللبنانيين، يعني وجود مخطط لضرب آخر أعمدة بقاء البلد. الجيش مؤسسة للوطن وليس للسلطة الفاقدة شرعيتها الشعبية وسيبقى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.