واشنطن تعمل على تسريع شطب السودان من قائمة رعاة الإرهاب

زيارة وشيكة للجنة من مجلس النواب الأميركي إلى الخرطوم

TT

واشنطن تعمل على تسريع شطب السودان من قائمة رعاة الإرهاب

أكدت الإدارة الأميركية أنها «تتحرك بسرعة» من أجل حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، باعتباره أصبح شريكاً فاعلاً وليس خصماً كما كان في عهد النظام المعزول، في وقت يتوقع أن تقوم لجنة فرعية تابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بزيارة للخرطوم قريبا للاطلاع على الأوضاع في البلاد عن قرب.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية تيبور ناغي لجلسة استماع للجنة الفرعية التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إن واشنطن «تتحرك بأسرع طريقة ممكنة» من أجل حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأوضح ناغي في إفادته أن نظرة الإدارة الأميركية للأوضاع في السودان تغيرت، عقب تكوين الحكومة الانتقالية والتغيير الذي جرى بعد الثورة في أبريل (نيسان) الماضي، وتحولت إلى شراكة، وأضاف: «الشيء المهم أننا ننظر الآن إلى السودان كشريك فاعل، نتعامل معه وليس الخصم الذي كنا نتعامل معه في الماضي».
وجاءت إفادات ناغي رداً على سؤال رئيسة اللجنة الفرعية للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب «كارين باس»، أثناء مناقشتها لميزانية 2020 والأموال المخصصة لأفريقيا، والتي استفسرت فيه بصورة مباشرة عن الأوضاع في السودان بقولها: «أين نحن بالنسبة للعقوبات؟ وهل تتم مراجعة وضع السودان في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، بالنظر إلى التحول الذي حدث والضحايا الذين سقطوا في سبيل ذلك؟».
وقال ناغي: «نحييهم - يقصد السودانيين - على قدرتهم للوصول إلى اتفاق وتشكيل الحكومة الانتقالية في خضم أزمة، سنعمل ما في وسعنا لدعم الانتقال، بخلاف جنوب السودان الذي استمر في فشل وراء فشل».
وأعلن في وقت سابق بالخرطوم أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيزور واشنطن مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لبحث ملف قائمة الدول الراعية للإرهاب، وسط توقعات بلقاء بينه وبين الرئيس دونالد ترمب خلال الزيارة التي تستغرق خمسة أيام.
وقطع ناغي بأن حكومته تعمل بجد لدعم عملية الانتقال في السودان، بقوله: «الحوار متواصل مع الخرطوم حول وجود اسمه في قائمة الإرهاب وكيفية حسمه»، وتابع: «نحن في حوار مستمر مع المسؤولين في السودان حول مسألة قائمة الإرهاب وكيفية الوصول إلى نهاية الموضوع، وبالطبع نحن نرى أننا نتعامل مع شريك».
وعند إجابته لسؤال النائبة باس عن مستوى تصنيف السودان في القائمة السوداء والمرحلة التي وصلت إليها عملية إزالته، قال ناغي: «نحن في خضم هذه العملية، وكل الأطراف في المجتمع الدولي توجه السؤال نفسه حول توقيت حذف اسم السودان من قائمة الإرهاب»، واستطرد: «إجابتي هي أن العملية ليست حدثاً كالضغط على مفتاح كهربائي يحدث فجأة، فهذه عملية مستمرة وإجراءات لأن هناك شروطا يجب تطبيقها»، وتابع: «لكني أستطيع التأكيد أننا نتحرك بأقصى سرعة ممكنة».
وأعلنت باس من جهتها عزمها على زيارة السودان في وقت قريب للاطلاع على الأوضاع في البلاد عن قرب، وطلبت من ناغي تنويراً حول عملية حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمدى الزمني الذي قد تستغرقه، والإجراءات المستخدمة في هذا الشأن، فأبدى سعادته بالمناقشة بيد أنه اشترط أن تكون الجلسة سرية.
وأدرجت الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1993، على خلفية اتهامها نظام المعزول عمر البشير برعاية الإرهاب واستضافته لتنظيم زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».