إصابة جديدة بإيبولا في تكساس.. وتدابير في عدة دول ضد المرض

مديرة صندوق النقد تدعو إلى مساعدة أفريقيا لا تخويف العالم منها بسبب الفيروس

مصورون صحافيون أمام منزل العامل الصحي الذي تأكدت إصابته بإيبولا في مدينة دالاس بولاية تكساس أمس (ا.ب)
مصورون صحافيون أمام منزل العامل الصحي الذي تأكدت إصابته بإيبولا في مدينة دالاس بولاية تكساس أمس (ا.ب)
TT

إصابة جديدة بإيبولا في تكساس.. وتدابير في عدة دول ضد المرض

مصورون صحافيون أمام منزل العامل الصحي الذي تأكدت إصابته بإيبولا في مدينة دالاس بولاية تكساس أمس (ا.ب)
مصورون صحافيون أمام منزل العامل الصحي الذي تأكدت إصابته بإيبولا في مدينة دالاس بولاية تكساس أمس (ا.ب)

أعلنت ولاية تكساس الأميركية أمس أنها رصدت حالة ثانية من مرض إيبولا خارج أفريقيا لدى أحد العاملين الصحيين الذين اهتموا بمريض ليبيري توفي الأربعاء الماضي في دالاسن ما يشير إلى توسع رقعة انتشار الوباء الذي انطلق من غينيا وأوقع أكثر من 4 آلاف وفاة منذ مطلع العام الحالي. وأكدت السلطات الصحية الأميركية أنها كانت مجهزة لاحتمال تسجيل حالة ثانية لكنها أقرت بأنها «قلقة جدا». لأن العامل في القطاع الصحي كان يرتدي تجهيزات الوقاية التي توصي بها المراكز الفيدرالية الأميركية لضبط ومنع الأمراض. وقال الدكتور توماس فريدن مدير المراكز الفيدرالية في حديث مع شبكة «سي بي إس» إن «واقع عدم علمنا بعدم احترام بروتوكول الوقاية أمر مثير للقلق، من الواضح أنه حصل إهمال. لدينا القدرة على منع انتشار إيبولا مع الاهتمام بالمرضى في الوقت نفسه».
من جهته اعتبر الدكتور أنطوني فاوسي مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية «لم يتم احترام البروتوكول» خلال الاهتمام بالمريض الليبيري توماس دانكان، مضيفا أن «هذا الأمر نادرا ما يحصل». وأوضح الدكتور دان فارغا من قسم الخدمات الصحية في تكساس خلال مؤتمر صحافي أن العامل في القطاع الصحي الذي طلب عدم كشف اسمه، «في حالة مستقرة». وينتظر أن يتم تأكيد إصابته لاحقا من قبل المراكز الفيدرالية الأميركية لمنع الأمراض. ويعمل المصاب في المستشفى الذي نقل إليه الليبيري توماس إيريك دانكان الذي توفي جراء إصابته بالفيروس الأربعاء الماضي. وتراقب السلطات الصحية الأميركية 48 شخصا كانوا على احتكاك بدانكان. وبحسب شبكة «سي إن إن» ونقلا عن مسؤول لم تكشف هويته فإن الحالة الثانية هي لممرضة. من جهته حاول القاضي كلاي جنكينس المسؤول في إدارة دالاس طمأنة السكان قائلا «لا يمكن أن تلتقطوا الفيروس عبر مجرد السير إلى جانب شخص في الشارع أو عبر الاحتكاك بشخص ليس لديه أعراض المرض». وأضاف «هذه الأنباء الجديدة يجب ألا تثير الذعر».
ويعد هذا ثاني انتقال للعدوى خارج أفريقيا بعد إصابة الممرضة الإسبانية التي انتقل إليها الفيروس من مبشر توفي في مستشفى كارلوس الثالث في مدريد حيث نقل بعد إصابته في سيراليون.
وفي إسبانيا، أعلنت السلطات الصحية عن تحسن حالة الممرضة تيريزا روميرو البالغة من العمر 44 سنة وهي أول مصابة بالمرض خارج أفريقيا، وإن لم تخرج من دائرة الخطر. ولا يزال 15 شخصا تحت المراقبة في إسبانيا في المستشفى نفسه، وتمكن شخص آخر من المغادرة بعد أن جاءت فحوصه سلبية.
واحتفلت إسبانيا أمس بعيدها الوطني في أجواء سادها خوف من انتشار المرض. وتطالب المعارضة والصحف بمحاسبة الحكومة المحافظة بسبب الأخطاء التي ارتكبت منذ اليوم الذي شعرت فيه تيريزا روميرو بالمرض. وقد نقلت بعد ذلك بأسبوع إلى المستشفى الاثنين الماضي.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن 4033 شخصا توفوا بالحمى النزفية التي يسببها فيروس إيبولا حتى الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من بين 8399 إصابة سجلت في 7 دول.
ومن جانبها، أعلنت وزيرة الصحة الروسية فيرونيكا سكفورتسوفا أن العلماء الروس سيتمكنون خلال 6 أشهر من توفير 3 لقاحات ضد إيبولا.
وفي واشنطن، أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد مساء أول من أمس أن التعبئة ضد فيروس إيبولا يجب ألا تؤدي إلى «تخويف» العالم وإدانة أفريقيا بأكملها. وقالت لاغارد: «علينا أن نبرهن على أكبر قدر من الحذر حتى لا نرهب العالم كله من أفريقيا كلها» بسبب الوباء الذي ينتشر حاليا في 3 دول أفريقية هي ليبيريا وسيراليون وغينيا.
وأضافت لاغارد أن «هذه الدول الـ3 متضررة جدا ونحاول مساعدتها قدر الإمكان. الأمر الملح هو وقف (الوباء) واحتواؤه». وأكدت لاغارد ضرورة أن «تستمر الأعمال» في أنحاء القارة، وأن «تستمر حركة عجلة الاقتصاد في الدول الأخرى ويستمر خلق الوظائف».
وكانت المديرة العامة للصندوق دعت إلى إنهاء عزلة الدول الأفريقية الـ3. وقالت في مؤتمر صحافي: «يجب عزل إيبولا وليس الدول». وأضافت مديرة هذه المؤسسة المالية الدولية خلال عرضها النتائج التي توصلت إليها الهيئة السياسية للصندوق، أن «التعبئة الدولية» يجب أن تستخدم في القضاء على إيبولا لا في عزل الدول بحد ذاتها.
وعبرت الهيئة السياسية في تقريرها عن قلقها من التأثير «الإنساني والاجتماعي الاقتصادي» للوباء.
وقال البنك الدولي إن الوباء يمكن أن يكلف غرب أفريقيا أكثر من 32 مليار دولار بحلول نهاية 2015، بينما دعت لجنة التنمية الهيئة المشتركة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي السبت إلى تحرك مالي «سريع» و«منظم».
وقالت هذه اللجنة خلال اجتماعات الخريف للمؤسستين الماليتين إنه «بمعزل عن المأساة الإنسانية، تبدو الخسائر الاقتصادية التي سجلت في الدول المتضررة كارثية».
وخلال الاجتماعات نفسها، قال وزير مالية سيراليون كيفالا مراه إن فيروس إيبولا يؤدي إلى النتائج نفسها التي تنجم عن «حظر اقتصادي» في الدول التي ينتشر فيها عندما يجري عزلها عن العالم ويتقلص النشاط الاقتصادي فيها. وقال مراه: «إنه حظر اقتصادي حقيقي، سواء كان عفويا أو متعمدا. إنه الواقع شئنا أم أبينا الاعتراف بذلك».
وأضاف أن عدة قطاعات اقتصادية مثل البناء والمناجم والنقل الجوي ستعاني من «الركود» و«ستخنق» مجمل المنطقة.
بدورها، أعلنت إسرائيل رفع حالة التأهب في مواجهة «إيبولا».
وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ممثلين عن مختلف الدوائر الحكومية اتخاذ إجراءات خاصة وإجراء فحوص لمسافرين يصلون إلى إسرائيل من دول غرب أفريقيا، حيث ينتشر الوباء. وقال نتنياهو: «إن إسرائيل تسعى لمنع قدر المستطاع دخول مصابين بإيبولا إليها، نحن نبذل جهودا شبيهة بجهود بمكافحة المتسللين الأفارقة والإرهاب».
وأعلن في إسرائيل أمس عن تغيير في الإجراءات في المعابر الحدودية والمطارات بهدف منع دخول مصابين بفيروس إيبولا إلى إسرائيل، وقالت السلطات إنه بموجب هذه الإجراءات سيجري إخضاع الركاب الذين يصلون إلى البلاد من ليبيريا وغينيا وسيراليون إلى استجواب صحي، كما سيجري تعليق لافتات في المعابر وفيها معلومات عن الفيروس الفتاك.
وأشركت إسرائيل السلطة الفلسطينية في المشاورات واتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة خطر الوباء الجديد.
وعُقد أول من أمس اجتماع بين ممثلين إسرائيليين وفلسطينيين لمناقشة سبل التصدي المشترك لخطر تفشي مرض إيبولا، في إطار اللجنة المدنية المشتركة وحضره منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الميجر جنرال يوآف مردخاي وممثل وزارة الصحة وممثلون عن السلطة الفلسطينية من الضفة الغربية وقطاع غزة ومندوب منظمة الصحة العالمية لدى السلطة الفلسطينية.
وتقرر عقد اجتماعات أخرى لمتابعة هذا الموضوع وتبادل المعلومات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وفي لندن، أعلن وزير الصحة البريطاني جيريمي هانغ مساء أول من أمس، بعد تدريب واسع النطاق شارك فيه مئات الأشخاص، جهوزية بلاده لمواجهة وصول وباء إيبولا في حال دخل أراضيها.
وشارك في التدريب الذي استمر 8 ساعات، عاملون في المستشفيات يرتدون ثياب الحماية وفي أجهزة الإسعاف. وشمل التدريب أشخاصا اضطلعوا بدور المصابين بأعراض إيبولا، لاختبار قدرة أجهزة الطوارئ على التعامل مع هذه الأوضاع.
وتلا التدريب اجتماع أزمة وزاري ترأسه وزير الصحة جيريمي هانت. وقال: «هذا تدريب بالغ الأهمية، ولقد ازداد اطمئناني بعدما وضعنا خططا جديرة بالثقة لمواجهة إيبولا إذا ظهرت إصابة في بريطانيا». وأضاف: «سنجري تقييما لما حصل، وما يتعين تحسينه»، موضحا أن هذا التدريب «لا يشكل سوى جزء صغير من الاستعدادات لمواجهة إيبولا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.