عسكريون لـ «الشرق الأوسط»: لا قدرة لـ«قاطعي الرؤوس» على تشكيل «إمارة» في أي بقعة من أرض مصر

أكدوا أن حقائق القوة على الأرض للجيش.. و«بيت المقدس» خسر سكان سيناء

اللواء جمال مظلوم  -  اللواء عادل سليمان
اللواء جمال مظلوم - اللواء عادل سليمان
TT

عسكريون لـ «الشرق الأوسط»: لا قدرة لـ«قاطعي الرؤوس» على تشكيل «إمارة» في أي بقعة من أرض مصر

اللواء جمال مظلوم  -  اللواء عادل سليمان
اللواء جمال مظلوم - اللواء عادل سليمان

مع تواصل العملية النوعية التي تشنها القوات الخاصة للجيش المصري على معاقل تنظيم أنصار بيت المقدس، في سيناء منذ نحو 5 أيام، تترسخ على أرض سيناء حقائق موازين القوى، وتتهاوى ادعاءات التنظيم الإرهابي التي سبق وأن أعلن فيها عن طموحه في إعلان «إمارة متطرفة» في المنطقة الشرقية لمصر، والتي قام أعضاء الجماعة من أجلها بشن عدد من العمليات التي استهدفت خلالها الجنود والمواطنين، وآخرها قيامه - في عملية مصورة - بقطع رؤوس عدد من سكان شمال سيناء بدعوى تعاونهم مع الأمن المصري.
ويرى خبراء عسكريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم الإرهابي الذي تبنى عمليات قطع الرؤوس أخيرا، لا يملك أي قدرة حقيقية على ما يدعيه من إمكانية إعلان إمارة متطرفة في سيناء؛ ولا في أي نقطة أخرى من أرض مصر.. لكنه فقط يبث تلك الأوهام من آن إلى آخر، مستغلا الفوضى التي تحدثها تنظيمات إرهابية أخرى في عدة بقع من الوطن العربي»، مؤكدين في ذات الوقت أن عناصر التطرف في سيناء خسرت الآن وبشكل كامل جانب السكان المحليين بعد بث المقاطع المصورة لقطع الرقاب.
وتتواصل العملية الأخيرة التي تقوم بها القوات الخاصة التابعة للجيش في سيناء، والتي بدأت بالتزامن مع الاحتفال بذكرى عيد النصر في يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. حيث أعلن الجيش أول من أمس عن «تصفية شحته فرحان خميس المعاتقة، وهو أحد أبرز قيادات جماعة أنصار بيت المقدس وأميرها بمنطقة (السادات - الوفاق)، ومتورط في عمليات استهداف عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية بمحافظة شمال سيناء خلال الفترة السابقة، وذلك أثناء مداهمة القوات لمنطقة السادات بمدينة رفح»، حسبما ورد على الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الجيش المصري، والتي نشرت صورا للمعاتقة مدرجا في دمائه.
وحول التقليد الجديد الذي يتبعه الجيش بنشر صور القتلى من صفوف المتطرفين، قال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «ذلك يهدف أولا إلى إثبات الحقائق، نظرا لأن الإرهابيين اعتادوا تكذيب أخبار مقتل قيادييهم خلال العام الماضي، وبقيام الجيش بنشر الصور ينتفي أي مجال للتشكيك في تلك المعلومات. كما أن هناك هدفا آخر هو الردع، حتى يراجع باقي العناصر مواقفهم وأفكارهم، وربما يكفون عن أفعالهم».
وحسب المعلومات المتاحة في عملية أول من أمس، قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن المعاتقة اشتبك مع القوات الخاصة عقب ترصده ومحاولة الإيقاع به في كمين أمني بمنطقة السادات في رفح فجرا، حيث حدث تبادل لإطلاق النار، قتل على أثره المعاتقة، الذي عثر بحوزته على سلاح آلي ومتفجرات.
ويعد المعاتقة أحد أبرز قيادات تنظيم بيت المقدس، وأعلن نفسه أميرا منذ فترة. كما أنه المسؤول الأبرز في التنظيم عن زرع العبوات الناسفة، والذي قام بعدد من العمليات ضد قوات الأمن والجيش، آخرها تفجير مدرعة للشرطة منتصف الشهر الماضي في طريق رفح العريش، مما أسفر عن مقتل ضابط و5 جنود.
ومنذ فجر الثلاثاء الماضي، أكدت مصادر أمنية وعسكرية رسمية مقتل نحو 21 متطرفا، بينهم القياديان حامد أبو فريج ويوسف أبو عيطة، إضافة إلى القبض على عدد من قادة التنظيم. فيما تشير مصادر محلية وأمنية أخرى، بصورة غير رسمية، إلى أن عدد قتلى المتطرفين أكثر من ذلك، وربما فاق 40 فردا.
وبمقارنة الموقف الاستراتيجي على الأرض، يرى خبراء ومراقبون أن «أوهام المتطرفين لإعلان إمارة متشددة في سيناء أو في أي مكان آخر من أرض مصر، هي أضغاث أحلام، ومجرد محاولات لجذب الضوء بالتزامن مع إعلان إمارات مشابهة في العراق وسوريا وليبيا؛ لكن الواقع على الأرض مختلف تماما في مصر».
ويقول الخبير العسكري اللواء جمال مظلوم لـ«الشرق الأوسط»، إن الإعلام يعطي لأنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات المتطرفة أكثر من قدرهم، مؤكدا أن الجيش المصري بإمكانه السيطرة على الوضع في سيناء في غضون ساعات قليلة؛ إلا أنه يتعامل بأقصى قدر من درجات ضبط النفس حرصا على المدنيين من أبناء المنطقة، وذلك نظرا لوجود عناصر تلك التنظيمات في وسط السكان.
لكن اللواء مظلوم، وهو مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، أردف موضحا أنه بعد أن زادت العمليات الإرهابية، وطالت عددا من أبناء سيناء أنفسهم، فإن تلك العناصر بدأت في الانزواء، ونأى عنها كثير من السكان، وبدأ عدد منهم في الإبلاغ عن الإرهابيين، خاصة بعد نشر مقاطع الفيديو التي تظهر قطع رؤوس سكان محليين بدعوى التعاون مع الأمن.
ويرى اللواء مظلوم أن ذلك التطور، الذي يشهد لفظ السكان لأفعال الإرهاب، هو تطور فارق، لأنه سيؤثر إيجابا على العمليات، والقوات الأمنية والعسكرية بدأت تصل إلى المراحل الأخيرة في القضاء على تلك البؤر الإرهابية.
و«أنصار بيت المقدس» هي جماعة متشددة موجودة في شمال سيناء وزاد نشاطها عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي الصيف الماضي، وأعلنت في السابق مسؤوليتها عن العديد من الهجمات من أبرزها تفجيران استهدفا مديرية أمن الدقهلية بدلتا النيل ومديرية أمن القاهرة ومحاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
وتبنت الجماعة المتطرفة عمليتين مصورتين جرى فيهما قطع رؤوس عدد من مواطني محافظة شمال سيناء، وذلك بدعوى تعاون هؤلاء مع قوات الأمن ووصفتهم بـ«الجواسيس» لإرشادهم عن مواقع التنظيم وعدد من أفراده. لكن سكانا من محافظة شمال سيناء أكدوا أنهم ليسوا بجواسيس؛ لكنهم يرفضون وجود عناصر التنظيم المتطرف بينهم، خاصة بعد استهداف المدنيين.
وقال مسؤولون أمنيون مصريون إن الجماعة ترتبط بصلات فكرية وعقائدية مع تنظيم داعش الذي تستهدفه الآن ضربات جوية من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة بعدما اجتاح مساحات واسعة في العراق وسوريا. وحث «داعش» الشهر الماضي المتشددين في مصر على مواصلة الهجمات على رجال الأمن وقطع الرؤوس.
من جهته، يرى اللواء عادل سليمان، المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والدولية، أن العملية الأخيرة للجيش تأتي في السياق العام للعمليات التي تجري منذ أكثر من عام.
ويقول اللواء سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن هناك كثافة نوعية في العمليات أخيرا، وإن هناك مصدرا وحيدا للمعلومات حول ذلك وهو ما يصدر عن الجيش نفسه. لكنه يرى أن ادعاءات تلك التنظيمات حول مسألة تشكيل إمارة متطرفة، هو ادعاء متكرر كل فترة، وأنه مجرد «فرقة إعلامية»، من دون أي قدرة حقيقية لتنفيذ ذلك من قبل تلك العناصر على الأرض.
ويوضح اللواء سليمان أن القوات تسعى لضبط الأمن، لكنه يشير إلى أن وضع سيناء يحتاج إلى إعادة نظر في جزء منه، لأن الانفلات هناك مستمر ربما منذ أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، مؤكدا أن هناك احتياجا لإعادة الرؤية الأمنية الخاصة بسيناء، من أجل وضع حد لتلك الأوضاع.
ويقول الخبير الاستراتيجي إن سيناء تحتاج إلى تنمية، لأن ذلك هو أفضل علاج للأوضاع هناك، إضافة إلى تطوير الرؤية الأمنية وتحويلها من أن الدولة تحمي سيناء إلى أن سيناء تحمي مصر، من خلال إعادة الثقة إلى أهل سيناء و«إدماجهم كمواطنين مصريين؛ وليس كسكان محليين لمنطقة حدودية»، وذلك لمنع تكوين «بيئة حاضنة» لأي تطرف أو بؤر إرهابية.
ولفت اللواء سليمان إلى أن سيناء فيها عناصر مسلحة خارجة على القانون، وفيها متطرفون وعصابات دولية للجريمة المنظمة مثل تجارة البشر والأعضاء، والأخيرة أخطر من الكل. مشيرا إلى أن كل تلك العناصر تتعاون من أجل مصالح مشتركة تتركز في إضعاف الأمن بقدر الإمكان.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.