عون يتمسك بـ«حكومة تكنوسياسية» ويضع «مواصفات محددة» لمجلس الوزراء

الاتصالات مقطوعة مع القوى السياسية المعارضة لرئيس الجمهورية

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع المنسق الخاص للأمم المتحدة والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع المنسق الخاص للأمم المتحدة والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
TT

عون يتمسك بـ«حكومة تكنوسياسية» ويضع «مواصفات محددة» لمجلس الوزراء

الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع المنسق الخاص للأمم المتحدة والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مجتمعاً مع المنسق الخاص للأمم المتحدة والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)

فيما وصفته مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية بالسقف والمعايير للحكومة العتيدة، جدد الرئيس اللبناني ميشال عون تمسكه بحكومة «تكنوسياسية»، واضعا مواصفات محددة لشكل مجلس الوزراء المقبل، يتم العمل وفقها، وهو ما أكدت عليه المصادر، معتبرة أن «أي شخصية ستترأس الحكومة لا بدّ أن توافق عليها».
وجدّد عون تمسكه أمس بحكومة تجمع سياسيين واختصاصيين وناشطين، فيما قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن على الرئيس المكلف أن يوافق على هذه المواصفات لترؤس مجلس الوزراء المقبل، من هنا لفتت إلى أنه ومع تمسك رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بشرط «حكومة تكنوقراط» للقبول بالتكليف، سيكون خارج هذا السباق، لكن في الوقت عينه لا بد أن يخضع اختيار أي اسم لموافقته كما باقي الفرقاء على أن يكون شخصية معتدلة ولها خبرة سياسية قادرة على إدارة الأمور.
لكن وأمام هذه الشروط، جدّدت مصادر الحريري تأكيدها على ما سبق أن أعلنه رئيس الحكومة المستقيل، لجهة تمسكه بحكومة تكنوقراط، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الحريري قال ما عنده ولا مجال للاجتهاد. إما حكومة تكنوقراط وإما أن يبحثوا عن غيره، مذكرة بأنه طرح اسم سفير لبنان لدى الأمم المتحدة نواف سلام وتم رفضه». وأضافت المصادر «لا يمكن تجاهل كل ما يحصل في الشارع الذي أسقط الحكومة السابقة وقد يسقط أي حكومة لا تراعي مطالبه. علينا قراءة ما يجري على الأرض بواقعية وآخرها ما حصل أمس في مجلس النواب والعمل لوضع أسس متينة لأي حكومة مقبلة».
وقالت مصادر وزارية لبنانية إن «الاتصالات مقطوعة مع القوى السياسية المعارضة للرئيس عون، كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب اللبنانية، واستغربت المصادر كلام عون أمس عن حكومة تكنوسياسية، مشددة على أن الحريري ليس في وارد ترؤس حكومة من هذا النوع. ورأت المصادر أنه مع ترحيل تشريع الضرورة بفشل مجلس النواب بالالتئام صارت الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة ضرورة ملحة، لأن إضاعة الوقت والفرص لا يجدي».
أتى ذلك في وقت أعلن وزير المال علي حسن خليل، أنه خلال اليومين الماضيين لم تكن هناك مشاورات جدية حول تأليف الحكومة، وقال حول الوضع المالي: «نحن في وضع حساس يستوجب أول خطوة من خطوات المعالجة وهي تشكيل الحكومة».
وأعلن مكتب رئاسة الجمهورية في بيان له أن الرئيس عون أبلغ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي التقاه أمس، أنه يواصل جهوده واتصالاته لتشكيل حكومة جديدة يتوافر لها الغطاء السياسي اللازم وتضم ممثلين عن مختلف المكونات السياسية في البلاد ووزراء تكنوقراط من ذوي الاختصاص والكفاءة والسمعة الطيبة، إضافة إلى ممثلين عن «الحراك الشعبي».
وقال الرئيس عون إنه «سوف يحدد موعدا للاستشارات النيابية الملزمة، فور انتهاء المشاورات التي يجريها مع القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، والتي تهدف إلى إزالة العقبات أمام هذا التشكيل وتسهيل مهمة الرئيس المكلف منعا لحصول فراغ حكومي في البلاد».
وشدد الرئيس عون خلال اللقاء على «أن الأوضاع الاقتصادية والمالية قيد المراقبة وتتم معالجتها تدريجيا، وآخر ما تحقق في هذا الإطار إعادة العمل إلى المصارف بالتنسيق مع مصرف لبنان وبعد توفير الأمن اللازم للعاملين فيها».
وردّ الوزير السابق أشرف ريفي على تمسك عون بحكومة «تكنوسياسية» قائلا عبر حسابه على «تويتر»: «الرئيس عون يتكلم عن تشكيل حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط، فيما واجبه الدستوري يملي تحديد موعد الاستشارات. خرق الدستور سمة هذا العهد الذي يفتقد الأهلية الوطنية. يا فخامة الرئيس لا تتكلم مع اللبنانيين من المريخ».
وعلى صعيد آخر، أكد الرئيس عون للمنسق الأممي أن «لبنان متمسك بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 بالتعاون مع القوات الدولية لتطبيقه كاملا رغم الخروق الإسرائيلية المستمرة، إضافة إلى ادعاءات إسرائيل بوجود صواريخ موجهة نحو الأراضي المحتلة».
من جهته أكد كوبيتش أن «الأمم المتحدة تتابع عن كثب التطورات في لبنان»، واعدا بنقل مواقف الرئيس عون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن في جلسته المقبلة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.