الهيئة السعودية للمقاولين تستهدف رفع تنظيم وكفاءة قطاع الإنشاءات

العفالق: عقود الصيانة والتشغيل ورقتنا الرابحة لتوطين الوظائف

يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
TT

الهيئة السعودية للمقاولين تستهدف رفع تنظيم وكفاءة قطاع الإنشاءات

يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)
يعاني قطاع المقاولات من غياب قرار يلزم المقاولين بالحصول على رخصة تؤكد أهليتهم لممارسة المهنة (تصوير: سعد العنزي)

كشف المهندس أسامة العفالق رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقاولين، أن نسبة المقاولين المنتسبين للهيئة لا يتجاوز الـ3 في المائة من إجمالي المنشآت العاملة في القطاع، مبرراً ذلك بغياب اشتراط حصول المنتسبين للقطاع على رخصة مؤهلة للعمل، وأكد العفالق أنهم يمتلكون رؤية واضحة وبرامج متكاملة لتطوير القطاع ورفع مستوى العاملين به، وسعيهم للتوافق مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذها.
وقال العفالق في حوار مع «الشرق الأوسط» إن العشوائية تسيطر على القطاع في ظل غياب تصريح المهنة، ملوحاً بالعقد الموحد كطوق نجاة، يعيد به تنظيم هذا القطاع الاقتصادي الملياري على أيدي مديري المشاريع الذين قال إنهم نواة الهيئة في إعادة تهذيب مشاريع القطاع الخاص... كما تطرق للكثير من القضايا في الحوار التالي:

> ما دور الهيئة بالتحديد لكل الأطراف المتعاملة في القطاع من مقاولين أو مستفيدين؟
- يتلخص دور الهيئة في تنظيم قطاع المقاولات السعودي ورفع كفاءة العاملين فيه، ويقصد بتنظيم القطاع حوكمته وحفظ حقوق الأطراف والخروج بأفضل النتائج أيا كان المستفيد من المشروع، حيث يضمن للجميع الحصول على منتج متميز في نهاية المطاف، كما نهتم بشكل رئيسي بتأهيل العاملين فيه، ورفع مستوى كفاءة المقاول وأي من له صلة بالقطاع، ودور الهيئة يشمل أبعادا متعددة تختص بالإنشاءات وتحويلها كمنتج واحد متكامل، وستعمل الهيئة أيضاً على إيجاد الحلول الملائمة للمشاكل والأزمات التي تواجه المقاولين بشكل عام، وستشجع الابتكار وتعزز عملية التواصل بين جميع الأطراف ذات العلاقة في القطاع.
> هل هناك تعارض في الصلاحيات أو المهام بينكم وبين وزارة الإسكان؟ وما هي أوجه التعامل بينكم؟
- تعتبر وزارة الإسكان واحدة من أكثر الجهات الحكومية المستفيدة مما تقدمه الهيئة كونها من أكبر الفاعلين في القطاع نظراً لحجم المشاريع، ونجاحنا ينصب عليها انعكاساً لرغبتها في توفير جودة وكفاءة عالية لمشاريعها التي يعتبر المقاول المؤهل أهم أركانها، وهو ما يتقاطع مع رؤية الهيئة ومخرجاتها في تأهيل المقاولين المحترفين، كما نتقاسم معاً دور تطوير تكنولوجيا البناء والاستفادة منها، لذا نرى أن أدوارنا تكاملية في المقام الأول.
> ما دوركم في حفظ حقوق المتعاملين في قطاع المقاولات في وجود نماذج غير مرضية بالنسبة لأعمال وجودة المقاولين؟
- هناك متطلبات متعددة للحصول على منتج متميز يحقق أهدافه، تبدأ بشكل تصاعدي منذ الرغبة في البناء كفكرة وحتى تسليم المشروع للمستفيد، ومثال ذلك عند بناء منزل خاص، يجب أولاً تحديد الاحتياجات والميزانية المتاحة وبناء عليها يتم التصميم، يلي ذلك إيجاد المقاول الملائم للمخطط المحدد، وجميعها خطوات مترابطة لإنجاز البناء بالشكل المطلوب، وهذا حقيقة ما نرغب فيه ونعمل عليه عبر تنظيم القطاع وحوكمته، وبدأنا في سبيل ذلك العمل على ابتكار مبادرات وبرامج خاصة لتطبيقها على أرض الواقع، وبدأنا أولاً باختلاق وظائف مختصة بإدارة المشاريع سنتكفل بتأهيل العاملين ومن ثم تصريحهم، والعمل على تقديم المشورة والمساعدة للراغبين في عمل أي مشروع إنشائي لتحديد الاحتياجات وتقدير الميزانية المتوقعة لهذا التصميم وطريقة تنفيذها، واقتراح المكاتب الهندسية المناسبة للمخطط، وستقضي في حال تنفيذها على جزء كبير من مشاكل توقف المشاعر أو الهدر أو حتى التلاعب بتفعيل الوعي، وستشتمل هذه المبادرة أيضاً على كيفية اختيار المقاول المناسب وتعميد العقود الموحدة وتحويل المشاريع إلى منتج واحد متكامل، وقطعنا شوطا في استكمال المتطلبات وتجاوز العقبات لإطلاقها رسميا، ورغم ضخامتها وتشعب متطلباتها وتعدد الجهات الحكومية التي نحتاج تعاونها لإنجاح المبادرة، فإننا قادرون على تنفيذها ونمتلك رؤية واضحة لذلك.
> ما صحة ما يتم تداوله عن نقص في الأيدي العاملة أو عدم أهليتها؟
- يؤسفنا عدم قدرتنا حصر العاملين في قطاع المقاولات لغياب قرار يلزم المقاولين الحصول على رخصة تؤكد أهليته لممارسة المهنة، هناك أرقام متداولة لعددهم تصل إلى 3 ملايين موظف تم استقاء الرقم استناداً لسجلات وزارة العمل، لكنها تفتقد إلى الدقة عند فرز الممارسين فعلياً للنشاط، لذا نحرص أولاً من أجل تحقيق أهداف إنشاء الهيئة اعتماد ترخيص الهيئة لكل منشأة تزاول أي نشاط من أنشطة المقاولات، وذلك لترتيب الفوضى وتوفير أرض خصبة لفرض الحوكمة، ونتيجة ذلك نرى تعثرات المشاريع والشكاوى المتعلقة بأهلية المقاولين أو التلاعب بالعقود، ورغم ضخامة الأرقام المتداولة لعدد العاملين تطفو المشكلات والتعثرات لغياب الآلية الواضحة والتنظيم الدقيق وتصنيف العاملين وأهليتهم، مما ينعكس سلباً على تزايد الهدر وتحديد احتياجات السوق الفعلية للعمالة، التي يجب اعتمادها بناء على مهارتها وقدرتها وليس بعددها، معتمدين بذلك على تكنولوجيا البناء الحديثة التي ستدفع بتوطين الوظائف وتصريح المؤهلين فقط، وفرض نظام موحد لإدارة وبناء المشاريع، وتوجه الدولة لفرض الترخيص الفني سيساعدنا في فرز عمالة ماهرة تعمل بحسب حاجة المشروع وإمكانية القيام به بناء على التخصص، مما سيقضي على مشاكل التكدس والأعباء والتعثرات المالية للمقاولين.
> فيما يخص توطين وظائف العاملين بالقطاع وتأهيلهم بالنسبة إلى المقاولين والأيدي العاملة أين وصلتم في ذلك؟
- نعمل مع وزارة العمل على هذا المحور وتحديداً تأهيلهم للوظائف المصنعية، التي تخدم رؤيتنا في البناء من تحويل موقع البناء من ورشة عمل يتم فيها معظم أجزاء بناء المشروع، إلى تنفيذ معظمها في مصانع مؤهلة مرخصة ذات كفاءة، ويتعلق توطين الوظائف بحسب السوق لقسمين، الأول يختص بالإنشاءات ويعيب عليه فقدانه الاستمرارية، والثاني يتعلق بالتشغيل والصيانة ويمتاز بالاستدامة بسبب احتياج المنشآت لخدماتهم، وهنا كانت نقطة انطلاق الدولة لتوطين القطاع عبر إلزام شركات التشغيل والصيانة بنسب توطين إلزامية ستصل إلى 36 في المائة خلال 3 سنوات، حيث تم رفع نسب التوطين السابقة من 11 في المائة إلى ما تم ذكره، وفرض توظيف سعوديين في مناصب وظيفية محددة في عقد التشغيل والصيانة لتلافي التوطين الوهمي والتلاعب فيه، ونحن بدورنا نعمل على ربط عقود الإنشاءات مع عقود التشغيل والصيانة ضمن عقد موحد لضمان التوطين.
> ما هو معدل استحواذ المقاولين في السعودية على النسبة الإجمالية من المقاولين العاملين بالقطاع، ودوركم في تطويرهم وتأهيلهم؟
- ذكرت سابقاً غياب الإحصاءات الدقيقة للأرقام بسبب غياب إلزامية تصاريح ممارسة العمل، بعكس بعض القطاعات الأخرى الذي يوضع فيها شرط حصول العاملين على رخصة الهيئة للتمكن من ممارسة العمل، لذا نعتمد على التقديرات بوجود 166 ألف مقاول يعملون في القطاع، يمثل السعوديون نحو 13 في المائة، ولكن السؤال الأهم حقيقة هو من يعمل فعلياً في القطاع وأهليته، ونقطة ارتكازنا في الهيئة هو حصر الأعمال ومراقبتها وتقييمها وتطويرها وما يعيق ذلك غياب وضعهم ضمن صلاحيتنا المباشرة باشتراط الرخصة.
> قطاع المقاولات متشعب لا قاع له، لماذا يغيب شرط حصول المقاولين على رخصة مهنية معتمدة لممارسة المقاولة؟
- نعتبر غياب ذلك أول عائق في تحقيق رؤيتنا وأهدافنا ونسعى جاهدين لاعتمادنا ولا نزال نطالب بذلك، لدينا منشآت مسجلة، ولكن نسبتهم معدومة لا تتجاوز الـ3 في المائة من إجمالي 166 ألفا يعملون في القطاع نسبة مخجلة، وهذه النسبة المنتسبة ممن اشترط عليهم الحصول على العضوية والرخصة كشرط للمشاركة في وقت سابق للمنافسة على المناقصات الحكومية، لكن الجانب الإيجابي في ذلك، هو حصولنا على ثقة شريحة المشتركين إلزامياً في وقت سابق، عبر تجديدهم العضوية برغبة منهم بعد أن لمسوا الاستفادة الكبيرة من الهيئة، وما يحفز هو انخفاض قيمة العضوية السنوية حيث تبدأ بـ750 ريالا (200 دولار) في العام، مقابل الحصول على خصومات كبيرة ومجانية على عدد من الخدمات والدورات التأهيلية، ومن المبشرات أيضاً تزايد عدد الراغبين بالالتحاق في الدورات والبرامج التي نقدمها، مما شجعنا على تكثيفها وتنوعها.
> بمناسبة ما ذكرته فيما يخص دخل الهيئة وعائداتها على ماذا ترتكزون في هذا الصدد؟
- جاء قرار تأسيس الهيئة الصادر من مجلس الوزراء بالنص على أن يكون دخل الهيئة من تسجيل العضويات أو الهبات الممنوحة، وواقعياً نسب التسجيل محدودة كما ذكرت لك والهبات لم نحصل عليها حتى الآن، وبدأنا التحرك لإيجاد مصادر أخرى لتعويض ذلك، ونجحنا في استقطاب الرعايات ورسوم الدورات التأهيلية، ورغم كونها مداخيل محدودة تعيق تنفيذ رؤيتنا وطموحنا، لتحويل قطاع الإنشاءات من قطاع عشوائي إلى قطاع محترف يعمل وفق عقود ويكون منتجا واحدا.
> بالحديث عن مجهوداتكم، تعملون الآن على تنظيم مؤتمر المشاريع المستقبلية الثاني بداية 2020 حدثني عنه؟
- نظمنا في فبراير (شباط) المنصرم أول مؤتمر من نوعه متخصص للمشاريع المستقبلية في السعودية، وعمدنا في ذلك أن نكون نقطة التقاء يجمع صاحب المشروع بالمقاول وفق بيئة استثمارية محفزة، وسجل المؤتمر نجاحاً كبيراً بعد هندسته لعرض عدة مشاريع ضخمة تتجاوز قيمتها الـ450 مليار ريال (120 مليار دولار) بوجود 1000 مقاول، وهو ما شجعنا على اعتماده سنويا، سنعيد التجربة في الدورة المقبلة بتوسع وطموح أكبر باستيعاب 2000 مقاول ومهتم يتوقع تسجيلهم، متحفزين بتحقيق جزء من رؤيتنا في إيجاد أرضية استثمارية موائمة تجمع الراغبين في إنشاء المشاريع بالمقاولين المؤهلين ضمن إطار احترافي وفق شروط وعقود انضباطية، وفي المنتدى السابق تمت دعوة 23 جهة حكومية وشركة قيادية لعرض مشاريعها المتوقع تنفيذها في السنوات الثلاث القادمة مما أفرز هذا الرقم الضخم، وسيشهد المؤتمر الثاني توسعاً إقليمياً بدعوات لعدد من الجهات الدولية للمشاركة، ورفع عدد المشاركات الداخلية إلى 35 بقيمة مشاريع يعتقد بأنها ستلامس 600 مليار ريال (160 مليار دولار)، ورفعنا هذه المرة سقف توقعاتنا نحو التوسع في مشاريع الدول الإقليمية أو استقطابها محلياً لتكون الرياض عاصمة الفرص المستقبلية، مستبشرين بنجاحه بعد أن تم حجز أكثر من 30 في المائة من المقاعد عند الإعلان عن التسجيل، وما زال التسجيل مستمرا لخلق سوق مفتوحة تتمتع باستثمارات واعدة تنعكس إيجاباً على زيادة الفرص وكفاءتها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

مجلس الوزراء السعودي يقر ميزانية الدولة للعام المالي 2025

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال.


هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»