تراجع قطاع الإسكان في الهند

انخفض في 9 مدن كبرى بنسبة 10 %

أسعار الوحدات السكنية في الهند كانت أكبر من متناول ذوي الدخل المتوسط بسبب معدلات الفائدة (الشرق الأوسط)
أسعار الوحدات السكنية في الهند كانت أكبر من متناول ذوي الدخل المتوسط بسبب معدلات الفائدة (الشرق الأوسط)
TT

تراجع قطاع الإسكان في الهند

أسعار الوحدات السكنية في الهند كانت أكبر من متناول ذوي الدخل المتوسط بسبب معدلات الفائدة (الشرق الأوسط)
أسعار الوحدات السكنية في الهند كانت أكبر من متناول ذوي الدخل المتوسط بسبب معدلات الفائدة (الشرق الأوسط)

يواجه قطاع العقارات الهندية، خصوصاً السكنية منها، أزمة كبيرة. وأشار تقرير جديد أصدرته مؤسسة «بروب إكويتي» المعنية بالأبحاث والتحليلات والبيانات المرتبطة بالقطاع العقاري، إلى أن مبيعات الوحدات السكنية تراجعت بنسبة 10 في المائة عبر المدن التسع الكبرى على مستوى البلاد خلال الربع الثالث من عام 2019 مقارنة بربع العام منذ عام مضى، وهذه المدن التسع هي: غورغاون ونويدا ومومباي وكولكاتا وبونه وحيدر آباد وبنغالور وثين وتشيناي.
ويعدّ هذا الانخفاض الأكبر من عام لآخر في سوق العقارات داخل مدينة تشيناي، حيث انخفض الاستيعاب بنسبة هائلة بلغت 25 في المائة، أعقبتها مومباي بنسبة 22 في المائة، وحيدر آباد بنسبة 16 في المائة. أما نويدا، فجاء التراجع بها بنسبة 11 في المائة. وتشير الأرقام إلى أن الهند بها نحو 12.09 مليون وحدة سكنية خالية بالمناطق الحضرية، وتسهم 10 ولايات وإقليم اتحاد بـ78 في المائة (9 ملايين وحدة) من إجمالي الوحدات الخالية بسبب نقص التمويل أو نزاعات قضائية، حسبما أفاد تقرير «بروب إكويتي».

- أسباب التباطؤ المستمر في القطاع العقاري
يعود هذا التباطؤ بصورة أساسية إلى تباطؤ عجلة النمو الاقتصادي بوجه عام، بجانب وجود أزمة سيولة في السوق. ويرجع تباطؤ مبيعات العقارات السكنية بدرجة كبيرة إلى انخفاض أعداد الوحدات المطروحة حديثاً. وتشير الأرقام إلى أن معدل طرح وحدات عقارية حديثة انكمش بنسبة 45 في المائة عبر الحواضر التسع الكبرى خلال الفترة ما بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) 2019، مقارنة بأعداد الوحدات المطروحة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. الأسوأ من ذلك أزمة الوحدات غير المبيعة داخل المشروعات السكنية المكتملة. ولا يبدو أن الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة المركزية لتوفير إسكان بأسعار في المتناول تلقى نجاحاً كبيراً في ظل غياب ثقة المشترين في المشروعات السكنية الأقدم التي يجري العمل بها، بجانب الإفراط في الاعتماد على شركات التمويل غير المصرفية وتأثير عملية سحب العملة من التداول على السوق. يذكر أن تباطؤ الطلب تفاقم جراء إجراءات سحب العملة من التداول عام 2016.
في هذا الصدد، أعرب أنوج بوري، رئيس شركة «أناروك»، عن اعتقاده بأن «إصلاحات مثل إقرار هيئة التنظيم العقاري وإقرار ضريبة السلع والخدمات وتمرير (قانون بنامي للعقارات)، رغم الحاجة الماسة لها، سببت حالة كبرى من الفوضى في قطاع العقارات الهندي». وأوضح أن قطاع العقارات عانى من أزمة شديدة في النقد خلال السنوات الكثيرة الماضية بعدما قلصت البنوك من كشفها أمام العقارات السكنية، الأمر الذي أجبر شركات البناء على الاعتماد على مؤسسات مالية غير مصرفية. وشكلت إجراءات سحب العملة من التداول عام 2016 صفعة أخرى للقطاع الذي اعتمد بشدة على الصفقات النقدية.
وفي تعليقه على البيانات، قال المؤسس والمدير الإداري لـ«بروب إكويتي»، سمير جاسوجا: «تأثر الطلب بالتأكيد خلال الربع السنوي الأخير مع إرجاء المشترين قراراتهم. وكان من شأن اندماج كثير من مؤسسات التطوير العقاري انخفاض أعداد المشروعات السكنية الجديدة. وسيستمر المطورون العقاريون في مواجهة ضغوط على صعيد السيولة بسبب البيئة المالية الصعبة وضعف الطلب. ومن المتوقع أن تتمكن مجموعة ضئيلة من مؤسسات التطوير العقاري التي تتميز بموازنات قوية وسجل جيد ودعم كبير من تعزيز موقفها وحصتها بالسوق خلال الفترات العصيبة».
الملاحظ أن نمو قطاع التمويل السكني داخل سوق الأسهم الوطنية الهندية تباطأ خلال العام الماضي بسبب الأزمة الشديدة في السيولة.
من جانبها، خفضت شركات التمويل السكني نفقاتها. ومنذ أسبوعين، خفض المجلس الوطني للتنمية العقارية توقعاته لباقي العام إلى «متشائم»، في إشارة إلى عدم حدوث تحسن على النشاطات الجارية على الأرض على مستوى القطاع العقاري. في هذا الصدد، قال سوريندرا هيرانانداني، الرئيس والمدير الإداري لشركة «هاوس أوف هيرانانداني»: «الحاجة الملحة الآن تتمثل في تقليل معدلات الفائدة بدرجة كبيرة، مما سيسهم في تسوية أزمة السيولة القائمة ويقنع المشترين في نهاية الأمر باتخاذ قرار نهائي بشراء منازل». وأعرب شينتان باتيل، أحد مؤسسي شركة «كي بي إم جي إنديا» عن اتفاقه مع وجهة النظر السابقة، مضيفاً أن «تكلفة الديون مرتفعة».
يذكر أن وزيرة المالية نيرمالا سيتهارامان أعلنت بالفعل عن ضخ 2.500 مليار روبية لبناء «صندوق استثماري بديل» من أجل المشروعات الإسكانية المتعطلة. ومن المحتمل أن تدفع الحكومة من ناحيتها بـ100 مليار روبية. يذكر أن الوزيرة عقدت بالفعل جولات عدة من الاجتماعات مع العناصر الفاعلة بمجال السوق العقارية.
من جهته، قال جاياشري كوروب، كبير مستشاري مؤسسة «ماجيك بريكس» العقارية: «تكمن جذور التوتر الحالي في الإجراءات المتطرفة التي اتخذتها الصناعة خلال فترات الازدهار. في وقت سابق، كانت السوق العقارية أشبه بمنطقة برية لا تخضع لقانون وتسودها نشاطات غير نزيهة وغير خاضعة لسلطة القانون. وجاءت أسعار الوحدات السكنية، خصوصاً داخل الحواضر، أكبر من متناول الإنسان العادي. وبسبب معدلات الفائدة والاستثمار المفرطة، ارتفعت الأسعار على نحو جنوني».
ومع أن أسعار العقارات المتضخمة بدأت في التراجع، فإن ثمة عوامل أخرى أسهمت في الإسراع من وتيرة هذا التوجه. يذكر أنه في الوقت الذي بدأت فيه البنوك تشعر بعبء الأصول المتعطلة، وبينما واجهت الشركات المالية غير المصرفية أزمة في التمويل، اضطرت شركات التطوير العقاري إلى وقف العمل بكثير من المشروعات. في هذا الصدد، قال شيشير بايجال، الرئيس والمدير الإداري لمؤسسة «نايت فرانك إنديا»: «مع تحركنا نحو بيئة عمل أكثر مرونة عالمياً، ثمة حاجة لأن يبدأ القطاع العقاري الهندي في النظر إلى نفسه بوصفه يقدم خدمة، وليس منتجاً. ولن يكون من الممكن إضافة أكثر من 223 مليون نسمة جديدة إلى سكان المناطق الحضرية بحلول عام 2031 حال عدم تطوير سوق العقارات الإيجارية. ومع هذا، فإن إحياء وإضفاء طابع مؤسسي حقيقي على سوق العقارات الإيجارية يتطلب مزيداً من التفكير والنقاش من أجل تطوير قانون النموذج الإيجاري وتحويله إلى تشريع شامل وكامل ويحمل معنى حقيقياً».

- تنامي أعداد الوحدات ذات الأسعار المعقولة
رغم أن الواقع داخل قطاع الإسكان اليوم يبدو مخيفاً، فإن أسعار الوحدات السكنية داخل المدن الهندية أصبحت اليوم في المتناول بدرجة أكبر بكثير مقارنة بعام 2010، خصوصاً في مومباي وبونه وبنغالور، مما يجعل الوقت مناسباً لمشاركة العناصر المترددة.
وفي الوقت الذي اضطر فيه المشترون في مومباي إلى ادخار ما يزيد 11 ضعفاً على دخلهم السنوي كي يتمكنوا من شراء منزل داخل المدينة خلال عام 2010، تراجع هذا الرقم اليوم إلى 7.2 ضعف فقط لدخلهم السنوي، مما يجعل المنازل في متناول سكان المدينة بدرجة أكبر عما كانت عليه الحال منذ 8 أو 9 أعوام ماضية، تبعاً لما يكشفه مؤشر «نايت فرنك ريسرتش» لأسعار الوحدات. ويقف وراء هذه الزيادة في مستوى ملاءمة الأسعار، عاملان: انكماش الطلب بسبب الارتفاع الصاروخي في الأسعار، والذي أدى إلى فترة من الركود وتباطؤ وتيرة مبيعات الوحدات السكنية حتى عام 2017، واضطرار شركات التطوير العقاري إلى خفض الأسعار في أعقاب تنامي المخزون غير المبيع من الوحدات السكنية.
في هذا السياق، أوضح غلام ضيا، المدير التنفيذي لشؤون التقييم وبيع التجزئة لدى «نايت فرنك إنديا» في تصريحات لإصدار «بيزنس توداي»: «صحح المطورون العقاريون الأسعار بسبب تباطؤ المبيعات على امتداد الفترة ما بين عامين و3 أعوام الماضية. وسنشهد مزيداً من الضغوط على المطورين العقاريين في بعض القطاعات، وربما يضطر بعضهم إلى خفض الأسعار بدرجة أكبر. وربما يأتي ذلك في صورة مواسم للتنزيلات أو نتيجة مفاوضات مع المشترين المحتملين».
ويتمثل العامل الثاني في انكماش حجم الشقق. وتكشف الأرقام عن أن متوسط حجم الشقق انكمش بنسبة 26 في المائة بين عامي 2014 و2018، تبعاً لما أفادت به مؤسسة «نايت فرنك». وأوضح ضيا أن «هذا التراجع في الحجم جعل أسعار المنازل في المتناول بدرجة أكبر». علاوة على ذلك، انخفضت معدلات إقراض الرهن العقاري وأعلنت الحكومة عن محفزات للمشترين، بينها تخفيضات ضريبية وإعانات للحصول على منازل بأسعار في المتناول.


مقالات ذات صلة

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.