رفيف الظل: ما يقولُه السيفُ للرقبة

رفيف الظل: ما يقولُه السيفُ للرقبة
TT

رفيف الظل: ما يقولُه السيفُ للرقبة

رفيف الظل: ما يقولُه السيفُ للرقبة

كلما كتبتَ الرسالة، نزّ حبرُها مثلَ جرحٍ على قميص.
أن تشرقَ الشمسُ في كلماتك، في ليلٍ كثيف،
عقلٌ هذا؟
تكون قد وصلتَ فيما تكتبها، الشمسَ والرسالة.
ولكن من يفتحها؟
من يقلبُ الحنينَ إلى مدفأة؟
وجهانِ للكلمة، حتى وهي نسيان.
يا إخوتي في الريح،
كلنا مطرُ قلبي،
والورقة التي حملناها بخفة، كانت تحمل جبلَ السرِّ داخلها.
تجفل الغزوة من رسالة الحمامة، يعتلي الفرسانُ الهضبة، ثم يقرأ أمير المؤمنينَ الوصية:
- لا بحر، لا حرب.
يجفّ حبرُ الورقة، ويغوص الفرسانُ في رملِ المعركة. ومن وراء التيه يكبر ظلُّ المناداة. وتهيم امرأة في الأمصار، بحثًا عن بؤبؤ عينيها. ويقالُ في الساحات:
- غدًا يختفي العار.
ولكنَّ الشمعة تدركُ ضعفَ بصيرتها. والحطّابُ يهجوها علنًا في الغابات.
كلانا على ضفة، ننادي كلانا. لكن الرسائلَ يبتلعها النهرُ، وهذا الجسرُ الدائري هو صوتنا منذ أمس.
غائرٌ دمُ المعرفة، والخطواتُ التي نشتهي طريقَها تربكها رسالة خائفة:
- لا تسلكْ هواءَ روحك.
تتخبطُ فوانيسُ الشهوة، وتبرقُ الغمامة في نهاية النفق:
- لا تسْلكِ الهواء.
لم يبقَ في زفير الروح إلاّ تجاعيدُ الرسالة، وبعضُ دم. سيقتصر البريدُ عن رسائلنا. لكأن المسافة بين النصل والدم أبعدُ من الجغرافيا. ثمة طفل يكزّ بأسنانه على قطر الحليب في حلمة الأمل، علّ الفوانيسَ النادرة تجعل الشمسَ خدينة سعْينا المتعب في هذا التيه.
لنخرج من سردهم إلى شعرنا، لئلا نتأخر عن نداء الأقاصي. فالعرب العاربة والعرب الهاربة والعرب النادبة تستبيحنا وتهدرُ لنا الدم وتعدُّ وتصقلُ مواقع أقدامنا المرتعشة نحو المهاوي.
تختبئ الرسالة في ملجأ الضحى، خوفًا من وضوح الظهيرة.
يقشع الرصاصُ الغشاوة عن غروب الصفحة،
وحين ينبلج الفجر،
يلفظُ النصُّ أنفاسَهُ الأخيرة.
هذا نهارٌ أخير،
بعدَهُ تورق نسمة الحنان من جهة مشتهاة.
تنتصب الأقلام في طابورٍ يدقُّ على بوابة الخلود. وسيكون ظُلمًا إنْ عرفَ الوقتُ أننا بلا مفاتيح، وأنَّ وجاهة أسفارنا كانت هروبًا.
اليدُ التي تكتب، كيف لها أن تلوّحَ في وداعٍ مُر؟ والخطوة التي توقفتْ، من يطعمها رمقَ الرحيل؟
شبقٌ أعمى فجّرَ كلَّ هذا الهذر، وصارتِ البلدانُ تفخر بأبواقها. ومدارسُ النسيان ضجّتْ بنشيده. وسطرًا بعد سطر، تناسلتِ الأفاعي، واختفتْ من على الأغصانِ الثمرة المحرمة.
هل يقول السيفُ شيئا للرقبة الممدودة في السؤال؟ هل يتمرد الصمتُ على نصفه الأبيض؟ وهذه الأقواس، متى تستقيم؟
تعبَ الدائرون في المربع،
وداختِ الآلة، وهي تطحنُ في الفراغ.
أيها الشحيح،
هذا مشاعُ الأرضِ ملكك،
فاتركْ لنا النبع.



حملة في أبوظبي لدعم القراءة وتكريس الثقافة بالمجتمع

سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية خلال إطلاق الحملة المجتمعية لدعم القراءة (الشرق الأوسط)
سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية خلال إطلاق الحملة المجتمعية لدعم القراءة (الشرق الأوسط)
TT

حملة في أبوظبي لدعم القراءة وتكريس الثقافة بالمجتمع

سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية خلال إطلاق الحملة المجتمعية لدعم القراءة (الشرق الأوسط)
سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية خلال إطلاق الحملة المجتمعية لدعم القراءة (الشرق الأوسط)

بالتزامن مع شهر القراءة الوطني، أُطلقت في عاصمة الإمارات أبوظبي الحملة المجتمعية لدعم القراءة، والتي تتضمن نحو 1700 نشاط إبداعي منها 250 فعالية ومبادرة رئيسة، تُنفذ بالتعاون مع 100 جهة حكومية وخاصة، وبمشاركة 100 مبدع، مستهدفة أكثر من 50 ألفاً من مواطني دولة الإمارات والمقيمين فيها.

وأطلق الحملة مركز أبوظبي للغة العربية، الخميس الماضي، في متحف «اللوفر - أبوظبي»، بحضور نخبة من وجوه الثقافة والإعلام والفكر والأدب في دولة الإمارات. وتتزامن الحملة مع إطلاق الدورة الجديدة من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وتأتي الحملة تحت شعار: «مجتمع المعرفة... معرفة المجتمع»، انسجاماً مع إعلان دولة الإمارات عام 2025 «عام المجتمع»، في ضوء استراتيجية المركز الهادفة لدعم حضور اللغة العربية، وتكريس ثقافة القراءة في المجتمع.

وتتوزع فعاليات المبادرة على 14 مجالاً تغطي معظم اهتمامات المجتمع، وتشمل: أندية قرائية، وجلسات حوارية، وورشات كتابة إبداعية، ومحاضرات فكرية، وندوات فنية، وبرامج تعليمية ترفيهية، ودورات متخصصة، وقراءات شعرية، وقراءات قصصية، وبرامج إذاعية، ومسابقات ثقافية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومقاطع فيديو، وإطلاق كتب جديدة.

د. علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية (الشرق الأوسط)

ترسيخ ثقافة القراءة

وفي تصريح له، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تعكس الحملة المجتمعية للقراءة المستدامة جهود مركز أبوظبي للغة العربية الهادفة إلى تعزيز حضور اللغة العربية بين أفراد المجتمع كافة، وترسيخ ثقافة القراءة ودمجها في نسيج الحياة اليومية لأفراده على اختلاف تصنيفاتهم العمرية والفكرية».

وأكد أن «القراءة المستدامة هي الضامن الأساسي لتحقيق تنمية معرفية مستدامة، وهي إحدى أهم الركائز في عملية بناء قدرات وتنمية كفاءات أبناء المجتمع، خاصة الأجيال الجديدة؛ ليكونوا دائماً على اتصال واعٍ ومتفاعل مع معطيات العصر في الفكر والثقافة والتكنولوجيا».

في حين قال سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية إن «المركز يراعي في مشاريعه توافر الاستدامة والنمو، وخدمة المجتمع؛ ولذلك جاء تصميم هذه الحملة المجتمعية للقراءة المستدامة لترفع نسب النمو المستدام في ثقافة القراءة بما يتناسب مع فئات المجتمع كافة على اختلاف اهتماماتهم، وتصنيفاتهم العمرية».

وأضاف: «الحملة معدة وفق معايير مبتكرة، تثري ثقافة أفراد المجتمع بمعارف مستمدة من الإرث الحضاري الكبير للثقافة العربية ولغتها، بما يتناسب مع الإطار القيمي والسنع الراقي لثقافة دولة الإمارات».

سعيد حمدان الطنيجي المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية (الشرق الأوسط)

شراكات أدبية

ومن أبرز أنشطة الحملة التي أُعلن عن تفاصيلها، 11 جلسة حوارية ينظمها نادي «كلمة للقراءة» بمشاركة 30 مبدعاً، وخمسة برامج تستضيفها منصات المركز الرقمية، موجهة للأجيال الجديدة، منها «نقرأ للأطفال» بالتعاون مع شبكة أبوظبي للإعلام، و«كلمة في كتاب» الذي يتناول فيه الإعلامي أحمد علي الزين كتباً من إصدارات المركز.

وتبني الحملة عدداً من الشراكات الأدبية من خلال مشروع «كلمة للترجمة» مع كل من قصر الحصن، وبيت العائلة الإبراهيمية، ومكتبة الأطفال، لتنظيم سلسلة جلسات أدبية حول الشعر الفصيح، والشعر النبطي، وعادات الشعوب وروحانياتهم في شهر رمضان، وقراءات وورش تثقيفية للأطفال.

ومن ضمن مبادرات الحملة مبادرة لقراءة قصص باللغة العربية للأطفال من إنتاج مشروعَي «كلمة للترجمة»، و«إصدارات» التابعين لمركز أبوظبي للغة العربية، يشارك فيها 18 راوياً، في حين ينظم برنامج «قلم للكتابة الإبداعية» ورشتين؛ الأولى في فن كتابة القصة القصيرة، والثانية في فن رسم القصص التراثية.

وفي إطار الحملة أيضاً، يطلق المركز أنشطة تتضمن «تجربة مبدع»، وبرامج للتدريب على الكتابة الإبداعية، وورش عمل تستهدف الخبراء والفنيين، و10 محاضرات متخصصة في اللغة العربية، من ضمنها جلسة تعريفية بمسابقة أصدقاء اللغة العربية، إلى جانب عشرات الفعاليات التي تتوزع داخل الدولة وخارجها، من بينها مبادرة «القراءة في الأماكن الحيوية»، ومشروع «خزانة الكتب»، كما تستضيف الحملة عدداً من الفائزين بالجوائز التي يقدمها المركز، وأبرزها جائزة الشيخ زايد للكتاب، لتقديم ملتقيات فكرية تضيء على تجاربهم الإبداعية.