سلامة: 6 سلال لوقف القتال في ليبيا والعودة إلى العملية السياسية

أكد تسجيل مئات الهجمات بطائرات من دون طيار بدعم خارجي لكل من السراج وحفتر

TT

سلامة: 6 سلال لوقف القتال في ليبيا والعودة إلى العملية السياسية

لاحظ رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل» المبعوث الخاص للأمين العام للمنظمة الدولية غسان سلامة، أن «هناك مشاركة متزايدة من مرتزقة ومقاتلين من شركات عسكرية أجنبية خاصة» في الأعمال القتالية في هذا البلد العربي، مشيراً إلى مئات الضربات بطائرات من دون طيار «بتيسير من أطراف خارجية» لدعم كلٍّ من الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني، فضلاً عن استمرار وصول شحنات العتاد الحربي «في انتهاك لحظر الأسلحة». غير أنه أمل في «رؤية نهاية هذا النزاع المنهك» عبر قمة دولية يُرتقب أن تُعقد في برلين، لدعم توافق القوى الليبية المختلفة على 6 سلال لإنهاء النزاع.
واستهل المبعوث الدولي الإحاطة التي قدمها عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من طرابلس إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، بالقول إنه بعد سبعة أشهر ونصف الشهر من الأعمال العدائية في العاصمة وحولها «نجد أنفسنا أكثر من أي وقت مضى في سباق مع الزمن للوصول إلى حل سلمي»، معبراً عن «الغضب والحزن» لاستهداف مصنع بسكويت في منطقة وادي ربيع لضربة جوية، مما أدى إلى سقوط عشرة قتلى وأكثر من 35 جريحاً، أكثرهم من المهاجرين.
وأضاف أنه «بصرف النظر عما إذا كان الهجوم على المصنع متعمداً أو عشوائياً، فإنه قد يشكل جريمة حرب». وأكد أن «هناك مشاركة متزايدة من مرتزقة ومقاتلين من شركات عسكرية أجنبية خاصة»، محذراً من أن «تصعيد القتال البري في المناطق المكتظة بالسكان من شأنه أن يؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة».
وقدر إجمالي عدد ضربات الطائرات من دون طيار لدعم قوات الجيش الوطني الليبي بأنها «أعلى بكثير من 800 منذ بداية النزاع»، بينما بلغ العدد الإجمالي لضربات الطائرات من دون طيار دعماً لحكومة الوفاق الوطني نحو 240، مستخلصاً أن «البنية التحتية للطائرات من دون طيار وعملياتها يسّرتها أطراف خارجية». وأشار إلى أن «هناك أيضاً العديد من الضربات الجوية الدقيقة التي نفّذتها طائرة مجهولة بين سبتمبر (أيلول) الماضي ونوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للقنابل الجوية في غارات جوية نفذتها قوات الجيش الوطني الليبي في مناطق مأهولة في طرابلس تسببت في زيادة عدد إصابات المدنيين». وأكد أن «ما يسهل العنف هو وجود عدد كبير من الأسلحة من عهد القذافي، وكذلك استمرار وصول شحنات العتاد الحربي، في انتهاكٍ لحظر الأسلحة» على هذا البلد، مشيراً إلى «تقارير عن أن قطع الغيار من الطائرات الحربية إلى الدبابات، ومن الرصاص إلى الصواريخ الدقيقة، يجري إحضارها إلى ليبيا لدعم مجموعات مختلفة تشارك في القتال».
وأعلن سلامة أنه «مصمم على رؤية نهاية هذا النزاع المنهك»، موضحاً أن العاملين في «أنسميل» يعملون مع الليبيين والشركاء الدوليين تحضيراً للخطوتين الثانية والثالثة من المبادرة التي أعلنها في 29 يوليو (تموز) الماضي.
وإذ شكر للحكومة الألمانية عملها التحضيري لقمة دولية من خلال ثلاثة اجتماعات عُقدت سابقاً، بالإضافة إلى «اجتماع رابع حاسم سيُعقد الأربعاء 20 نوفمبر الجاري»، علماً بأن المشاركين «توصلوا في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى اتفاق على مسودة بيان يحدد 6 سلال من النشاطات اللازمة لإنهاء النزاع في ليبيا». وقال: «تشمل هذه السلال الست الحاجة إلى العودة لعملية سياسية بقيادة ليبية، وإصلاح اقتصادي مصاحب، ووقف لإطلاق النار، وتنفيذ حظر الأسلحة، وإصلاح الأمن، ودعم التمسك بحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني الدولي». وإذ أفاد بأن لديه «آمالاً كبيرة في أن تتكلل عملية برلين بالنجاح»، نبّه إلى أن «المصادقة على بيان برلين لا تعني نهاية العملية، بل بداية الجزء الأكثر أهمية من رحلتنا لإعادة ليبيا إلى مسار السلام والاستقرار»، مضيفاً أنه «دعماً لعملية برلين، شاركت بشكل مكثف مع رئيس الوزراء (فائز) السراج وقادة قوات حكومة الوفاق الوطني والتقيت أيضاً المشير (خليفة) حفتر والسياسيين الذين يدعمونه». ورأى أن «هناك مجالاً للاتفاق على إنهاء النزاع وأساساً للعودة إلى العملية السياسية».
وقال إن البعثة الأممية «عملت على وضع ملحق تنفيذي لمسودة البيان الختامي»، موضحاً أن «لهذا الملحق هدفين، فهو يحدد التزامات أعضاء مجموعة برلين بإنهاء النزاع ودفع العملية السياسية إلى الأمام من خلال إجراءات ملموسة، تحدد معالمها مؤشرات معينة وتؤكد المسؤولية عن تلك الإجراءات»، فضلاً عن أنه «يعد بمثابة الجسر الذي سيؤدي إلى الحوار السياسي بين الليبيين والذي سيجري إطلاقه تحت رعاية الأمم المتحدة في أعقاب قمة برلين مباشرة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.