برلمانيون مصريون يعتبرون «التلويح الأميركي بعقوبات» تدخلاً «غير مقبول»

كوبر تحدث عن «مخاطر شراء مقاتلات روسية»... وموسكو تحضر لزيارة بوتين للقاهرة

TT

برلمانيون مصريون يعتبرون «التلويح الأميركي بعقوبات» تدخلاً «غير مقبول»

اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية، آر. كلارك كوبر، أمس، أن «شراء مصر طائرات مقاتلة روسية يعرضها لخطر العقوبات الأميركية، كما يهدد مشترياتها من العتاد الأميركي في المستقبل». وفي المقابل وصف برلمانيون مصريون، تصريحاته بأنها «تدخل غير مقبول في شأن يتعلق بسيادة الدول».
ونقلت «رويترز» عن كوبر، تصريحاته، أمس، خلال «معرض دبي للطيران»، التي قال فيها إن «مصر على دراية بتلك المخاطر».
ويبدو أن التعليق الأميركي يرتبط بما نقلته وسائل إعلام روسية، منها موقع «روسيا اليوم»، بشأن «اتفاق لتزويد القاهرة بـ20 مقاتلة (سوخوي - 35)، مقابل مليار دولار»، فيما لم تعلن القاهرة وموسكو رسمياً عن صفقة بهذا الشأن.
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق رسمي مصري من جهات عدة، بشأن التصريحات الأميركية، لكن لم تصدر إفادة في هذا الصدد.
ورأى النائب البرلماني، مصطفى بكري، أن ما أعلنه المسؤول الأميركي «تدخل صارخ في الشؤون الداخلية، واستفزاز يصب في مصلحة إسرائيل، ولن يجبر مصر على أن تغير سياساتها، في أمر يتعلق بقرار سيادي، ويرتبط بالأمن القومي للبلاد».
كان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أجرى مباحثات، الأسبوع الماضي، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومسؤولين مصريين بارزين، وأفاد بيان رئاسي مصري، حينها، بأن السيسي أكد «اعتزاز مصر بالروابط الوثيقة التي تجمعها بروسيا وحرصها على مواصلة تعزيزها، لا سيما في المجال العسكري، في ضوء ما يتعرض له الشرق الأوسط من تحديات، على رأسها الإرهاب».
وقال النائب البرلماني، وعضو لجنة «الدفاع والأمن القومي»، تامر الشهاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركي «غير مقبولة نهائياً وتحت أي ظرف من الظروف، لأن صفقات التسليح شأن من شؤون السيادة، لا نقبل فيه الجدل، ولا توجيه فيه لأحد أو من أحد»، معتبراً أن مصر «تسير بطريق تنويع مصادر السلاح مع كافة الدول الكبرى، على رأسها روسيا والصين وفرنسا وألمانيا».
واستكمل الشهاوي أنه «على الإدارة الأميركية أن تتخلى نهائياً عن أسلوب القرارات والتوجهات أحادية الجانب، لأن القاهرة لا تقبل سوى التعامل وفق مبادئ السيادة الكاملة غير المنقوصة».
تأتي التطورات الأخيرة، غداة إعلان السفارة الأميركية بالقاهرة، أن السفير الجديد لدى مصر، جوناثان كوهين، تقدم، بأوراق اعتماده إلى وزارة الخارجية المصرية.
وبشأن تأثير تلك التطورات على مهمة عمل السفير الأميركي الجديد، قال بكري لـ«الشرق الأوسط»، إنه «سيضع ضباباً على مسار العلاقات التي تعد مميزة راهناً».
وكذلك اتفق النائب البرلماني وعضو «لجنة الدفاع والأمن القومي»، خالد أبو طالب، مع زميليه في المجلس، وأعرب عن اعتقاده بأن «مسؤولي الخارجية الأميركية يحاولون إثارة البلبلة، بشأن مصادر السلاح المصري»، مشدداً على أن «فترة احتكار التسليح انتهت».
على صعيد قريب، أعلن ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية، أن «التحضيرات جارية لزيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى مصر، ومخطط لها أن تجري العام المقبل».
وقال بوغدانوف، في تصريحات لوكالة أنباء «تاس» الروسية، أمس، «نحن الآن على اتصال بأصدقائنا المصريين، ونتحدث عن الإعداد لزيارة رئيسنا المقبلة، لأنه من حيث المبدأ تم الاتفاق في وقت سابق بين موسكو والقاهرة على عقد قمة كل عام، بل وحتى مرتين في العام بالتناوب بين البلدين»، مضيفاً أن «الزيارة ستكون حدثاً مهماً في إطار شراكتنا الاستراتيجية مع مصر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.