فابيانسكي من موضع سخرية في آرسنال إلى بطل وستهام

عقد نادي وستهام يونايتد الإنجليزي العديد من الصفقات المميزة في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، ونجح في الحصول على 11 نقطة في أول ست مباريات له بالموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، وبدا وكأنه سيكون قادراً على المنافسة على أحد المراكز المؤهلة للعب في البطولات الأوروبية الموسم المقبل. لكنه تلقى أربع خسائر في آخر خمس مباريات بالدوري ليصبح الفريق على بعد مركزين فقط من المراكز المؤدية للهبوط لدوري الدرجة الأولى.
لكن ما السبب وراء هذا التراجع السريع في النتائج؟ في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، كان وستهام يونايتد يحتل المركز الخامس في جدول الترتيب، بعدما حافظ على نظافة شباكه في ثلاث مباريات متتالية - وهو رقم قياسي غير مسبوق للنادي خلال 12 مباراة بالدوري. وكان وستهام يقدم مستويات جيدة للغاية، وظهر عيسى ديوب وأنغيلو أوغبونا بمستويات رائعة في الخط الخلفي، كما أضاف اللاعبان المنضمان حديثاً للفريق، سيباستيان هالر وبابلو فورنالز، الكثير من الفعالية لخط الهجوم القوي بالفعل. ورغم كل ذلك، كان مركز القوة الحقيقي في الفريق هو حراسة المرمى، حيث كان البولندي لوكاس فابيانسكي يقدم مستويات رائعة الموسم الماضي وواصل تألقه بنفس القوة خلال الموسم الحالي.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الحارس البولندي الدولي كان الأكثر تصدياً للكرات بين جميع حراس المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي (144 تصدياً). ومنذ انضمامه لوستهام يونايتد في صيف عام 2018. تصدى فابيانسكي لـ72.4 في المائة في التسديدات على مرمى فريقه - ولم يتفوق عليه في هذا الأمر سوى حارس ليفربول أليسون بيكر وحارس توتنهام هوتسبر هوغو لوريس.
وشارك فابيانسكي في التشكيلة الأساسية لوستهام يونايتد في جميع الـ38 مباراة التي لعبها الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، واعترف جمهور النادي بمساهماته الواضحة وقيادته الفريق لإنهاء الموسم ضمن النصف الأول من جدول الترتيب، وصوتوا له في جائزة أفضل لاعب في الفريق خلال الموسم الماضي. كما فاز فابيانسكي بجائزة أفضل لاعب في نادي سوانزي سيتي في الموسم السابق. إن الفوز بجائزة أفضل لاعب في الموسم مرتين متتاليتين ومع ناديين مختلفين يعكس تماماً المستويات الاستثنائية التي كان يقدمها فابيانسكي. وبعدما كان ينظر إلى الحارس البولندي الدولي على أنه يرتكب الكثير من الأخطاء عندما كان يلعب مع نادي آرسنال، أصبح الآن وباعتراف الجميع واحداً من أفضل حراس المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز.
مع وضع ذلك في الاعتبار، كان شعور مشجعي وستهام يونايتد بالذعر عندما سقط فابيانسكي مصاباً خلال الشوط الأول لمباراة فريقه أمام بورنموث في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتم تشخيص إصابة فابيانسكي في وقت لاحق على أنها تمزق في الفخذ، وهي الإصابة التي ستبعده عن الملاعب حتى بداية العام الجديد. وقد أظهرت النتائج التي حققها وستهام يونايتد في غياب فابيانسكي أن جمهور النادي كان محقاً تماماً عندما شعر بالذعر لإصابته. وكان وستهام يونايتد قد خاض خمس مباريات دون خسارة قبل مباراة بورنموث التي أصيب فيها فابيانسكي، لكنه منذ هذه المباراة خاض خمس مباريات دون أن يحقق أي انتصار!.
وقد حل محله روبرتو خيمينز وقام ببعض التصديات المثيرة للإعجاب، لكنه ارتكب أيضاً عدداً من الأخطاء التي لم يكن فابيانسكي يرتكبها. وقد لعب روبرتو 506 دقائق في الدوري الإنجليزي الممتاز ارتكب خلالها خطأين قادا إلى استقبال الفريق أهداف بشكل مباشر. وفي المقابل، لم يرتكب فابيانسكي سوى خطأ واحد أدى إلى استقبال هدف بشكل مباشر خلال مسيرته بالكامل مع النادي. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن الحارس البولندي الدولي قد ارتكب خطأين فقط من هذه الأخطاء في آخر 102 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومن المؤكد أن هذا الأداء القوي والثابت يعطي أي خط دفاع من أمامه ثقة كبيرة، لكن في الوقت الحالي يبدو خط دفاع وستهام يونايتد في حالة يرثى لها. وقد اعترف ديكلان رايس - الذي انخفض أداؤه بشكل ملحوظ خلال الشهر الماضي - بأن وستهام كان سيئاً خلال المباراة التي خسرها أمام بيرنلي بثلاثة أهداف دون مقابل الأسبوع الماضي. وقد قام روبرتو ببعض التصديات الجيدة خلال المباراة، لكنه ارتكب بعض الأخطاء التي كان من السهل تجنبها لو كان فابيانسكي هو من يحرس مرمى الفريق.
وقد أدت النتائج السيئة للفريق خلال المباريات الست الأخيرة إلى تراجع الفريق من المركز الخامس إلى المركز السادس عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. صحيح أنه لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على لاعب واحد أو على حارس المرمى، لكن من المؤكد أن غياب فابيانسكي كان أحد العوامل وراء هذا التراجع الواضح. وقد اهتزت شباك الفريق خلال هذه المباريات 13 مرة، رغم أن الفريق لم يواجه أندية قوية في هذه المباريات، حيث كانت خمسة من الأندية التي واجهها في هذه المباريات قد أنهت الموسم الماضي في مركز أقل من المركز الذي احتله وستهام يونايتد. وحتى الاستثناء الوحيد، وهو نادي إيفرتون، كان يحتل أحد المراكز الثلاثة الأخيرة في جدول الترتيب آنذاك.
وتشير الإحصائيات أيضاً إلى أن عدد التسديدات على مرمى وستهام يونايتد خلال المباريات الست الأخيرة بالدوري الإنجليزي الممتاز كانت هي الأكثر مقارنة بجميع أندية المسابقة (44 تسديدة). وقد قام روبرتو بـ30 إنقاذاً خلال المباريات التي لعبها، لكن من الواضح أن الفريق قد تأثر كثيراً بغياب حارس مرماه الأول بداعي الإصابة. وإذا كانت أهمية فابيانسكي لوستهام يونايتد كانت واضحة خلال الموسم الماضي، إنها أكثر وضوحاً خلال الموسم الحالي.
ومن الممكن أن يؤدي غياب فابيانسكي إلى إقالة المدير الفني مانويل بيليغريني من منصبه، خاصة إذا علمنا أن المباريات الأربعة القادمة للفريق ستكون أمام أندية من المراكز السبعة الأولى في جدول الترتيب. وإذا لم يتحسن دفاع الفريق بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، فقد يجد وستهام يونايتد نفسه يصارع في معركة تجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى، بعد أن كان يقاتل من أجل احتلال أحد المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية. قد يكون من المبالغة أن نقول إن غياب لاعب واحد قد يكون له هذا التأثير الكبير على مسيرة الفريق، لكن فابيانسكي كان «المنصة الثابتة» التي ينطلق منها هذا الفريق، ومن دون هذه المنصة انهار الفريق وتراجعت نتائجه بشكل ملحوظ.