البيت الأبيض ينفي عزمه إغلاق غوانتانامو دون تنسيق مع الكونغرس

بينر: أوباما سيرتكب خطأ إذا قرر نقل المحتجزين إلى السجون الأميركية

البيت الأبيض ينفي عزمه إغلاق غوانتانامو دون تنسيق مع الكونغرس
TT

البيت الأبيض ينفي عزمه إغلاق غوانتانامو دون تنسيق مع الكونغرس

البيت الأبيض ينفي عزمه إغلاق غوانتانامو دون تنسيق مع الكونغرس

أعلن البيت الأبيض أنه ينوي العمل مع المشرعين الأميركيين لإيجاد الوسائل لإغلاق معتقل غوانتانامو، مؤكدا أنه «لا يبحث في خيارات» للالتفاف على قرار مجلس الشيوخ منع نقل المحتجزين إلى الأراضي الأميركية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض اريك شولتز إن «موقفنا في المرحلة الراهنة وسياستنا حاليا، هي السعي للحصول على دعم الكونغرس لرفع القيود التي نشعر أنها ناجمة عن تضليل».
وجاءت تصريحات شولتز بعدما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلا عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن الرئيس باراك أوباما يدرس إمكانية القيام بتحرك أحادي الجانب يمكن أن يمهد الطريق لإغلاق المعتقل. وأثار هذا التقرير غضب مشرعين جمهوريين حذروا من أي تحرك يقوم به الرئيس من شأنه نقل المعتقلين إلى سجون أميركية من دون موافقة الكونغرس. وكتب النائب الجمهوري مارك ميدوز على حسابه على موقع «تويتر» للرسائل القصيرة أن «أي عمل يقوم به الرئيس من أجل إغلاق غوانتانامو دون موافقة الكونغرس سيكون غير شرعي بشكل سافر».
وسعى البيت الأبيض إلى التخفيف من المقال الاستفزازي للصحيفة. وقالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي كيتلين هايدن في بيان: «لا نعرف ما الذي تتحدث عنه الصحف عندما تقول إن الإدارة تضع خيارات هدفها الالتفاف على قرار الحظر الذي اتخذه الكونغرس». وأضافت أن المعتقلين الذين تعلن براءتهم من تهمة تهديد الأمن القومي سيجري ترحيلهم عندما يكون ذلك ممكنا، وأن الإدارة «تدعو الأعضاء من الحزبين إلى العمل معا لضمان رفع الكونغرس القيود المتبقية وإتاحة إغلاق المعتقل في خليج غوانتانامو».
وأعرب الرئيس أوباما الذي تنتهي ولايته في يناير (كانون الثاني) 2017، منذ وصوله إلى البيت الأبيض عام 2009 عن رغبته في إغلاق هذا المعتقل المثير للجدل، ولكن الكونغرس يرفض نقل القابعين هناك إلى الأراضي الأميركية. وحذر رئيس مجلس النواب جون بينر من أن أوباما يرتكب خطأ «كبيرا» في حال قرر نقل هؤلاء إلى السجون الأميركية. وقال بينر في بيان إن «غالبية ساحقة من الأميركيين والنواب من الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ يعارضون نقل إرهابيين مسجونين في غوانتانامو إلى الولايات المتحدة، ومع ذلك يواصل البيت الأبيض العمل على مشاريعه». وهدد السيناتور الجمهوري بات روبرتس بتوقيف العمل التشريعي إذا سعى أوباما إلى نقل «إرهابي من غوانتانامو» إلى الولايات المتحدة. وقال روبرتس أمام مؤيديه في كانساس: «إذا حاول ذلك، سأغلق مجلس الشيوخ».
ولا يزال في غوانتانامو 149 معتقلا جرى توقيفهم في إطار الحرب على الإرهاب عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2011، بينهم 79 سمحت السلطات الأميركية بنقلهم، لكنهم يقبعون في المعتقل وسط مخاوف بشأن إعادة ترحيلهم إلى بلدانهم. وأعلنت أستونيا أول من أمس موافقتها على استقبال أحد المعتقلين ممن لم تجر إدانتهم بجريمة. وتعهد أوباما بإغلاق غوانتانامو الذي أنشئ قبل 13 عاما أثناء ولاية الرئيس جورج دبليو بوش، لكنه واجه عقبات محلية ودولية. وحظر الكونغرس في 2010 نقل معتقلين إلى الأراضي الأميركية بعد أن اقترحت الإدارة حبسهم في سجن يخضع لتدابير أمنية قصوى في إلينوي.
وجاء غضب الجمهوريين في أعقاب خطوات لمقاضاة الرئيس بشأن ما يعدونه استغلالا لسلطاته الرئاسية، بما في ذلك تأخير أحكام رئيسة متعلقة بقانون الصحة. وأعرب الجمهوريون أيضا عن سخطهم حيال تهديدات أوباما باتخاذ قرارات رئاسية بشأن مسائل أخرى مثل الحد الأدنى للأجور والهجرة. وارتفعت أصوات الشكاوى في يونيو (حزيران) الماضي عندما كشفت الإدارة أنها تجاوزت الكونغرس وأطلقت سراح 5 معتقلين من طالبان في غوانتانامو مقابل إعادة سرجنت في الجيش الأميركي اعتقل 5 سنوات في أفغانستان.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.