ترحيب فلسطيني واسع بتمديد التفويض لـ«أونروا»

TT

ترحيب فلسطيني واسع بتمديد التفويض لـ«أونروا»

جددت اللجنة الرابعة لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة التفويض الممنوح لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «أونروا»، في تصويت حظي بدعم لا سابق له من 170 دولة من الـ193 الأعضاء في المنظمة الدولية، وسط اعتراض كان متوقعاً من إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين قادتا خلال الأشهر الأخيرة حملة شعواء ضد الوكالة المكرسة لرعاية اللاجئين.
ويدعو القرار كل الجهات المانحة إلى أن «تواصل تكثيف جهودها لتلبية الحاجات المتوقّعة لــ(أونروا)، بما في ذلك ما يتعلق بزيادة النفقات الناجمة عن النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية الخطرة». ويعبّر عن «شديد القلق إزاء الحالة بالغة الصعوبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون تحت الاحتلال، بما في ذلك ما يتصل بسلامتهم ورفاهتهم وأحوالهم المعيشية الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً اللاجئين في قطاع غزة». ويثني على «الوكالة لتقديمها المساعدة الحيوية للاجئين الفلسطينيين وللدور الذي تقوم به بوصفها عامل استقرار في المنطقة»، وكذلك على «موظفي الوكالة، للجهود الحثيثة التي يبذلونها من أجل تنفيذ ولايتها».
وعلى أثر التصويت على التمديد لـ«أونروا» حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، صرح المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بأن نتائج التصويت في اللجنة الرابعة «كانت تاريخية وغير مسبوقة من ناحية عدد الدول التي تتبنى مشروعات القرارات والتصويتات»، موضحاً أن 170 دولة صوتت لصالح تجديد ولاية «أونروا» مقابل اعتراض دولتين، مع امتناع سبعة دول عن التصويت، مقارنةً بـ161 صوتاً لمصلحة تجديد تفويض «أونروا» في التصويت الذي حصل قبل ثلاثة أعوام.
وفي رام الله، رحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتجديد تفويض (أونروا). وقال عباس «إن هذا التصويت دليل على وقوف العالم أجمع إلى جانب شعبنا وحقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف، وتعبير عن موقف المجتمع الدولي في دعم اللاجئين الفلسطينيين واستمرار تقديم الخدمات لهم إلى حين حل قضيتهم حلاً نهائياً وفق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة».
وتفويض «أونروا» الجديد جاء في وقت حساس تعاني فيه الوكالة من عجز مالي بعدما أوقفت الولايات المتحدة التمويل الأكبر للوكالة. وتحاول الولايات المتحدة إلغاء أونروا وتقول إنها فاسدة وغير مفيدة للسلام، كما ترفض أرقام اللاجئين فيها. وقبل شهرين تم الكشف عن تحقيقات فساد كبيرة داخل الوكالة.
وتأسست «أونروا» بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1949 وتخدم أكثر من خمسة ملايين من لاجئي فلسطين في الأردن، وسوريا، ولبنان والضفة الغربية، وقطاع غزة.
وتشتمل خدمات «أونروا» على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والإقراض الصغير.
ويرى الفلسطينيون في تجديد التفويض تحدياً للولايات المتحدة وإنصافاً لقضية اللاجئين. وقال رئيس الوزراء محمد اشتية إن تجديد الأمم المتحدة تفويض عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بأغلبية ساحقة، يعكس «تضامناً دولياً مع شعبنا وإيماناً بحقوقه الوطنية». وقال اشتية إن «الأونروا» هي «الذاكرة التراكمية لمأساة شعبنا الفلسطيني، والحفاظ عليها ضرورة حتى عودة اللاجئين إلى وطنهم وبيوتهم التي هجروا منها».
كما رحبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي بالقرار. وقالت في بيان لها باسم اللجنة التنفيذية، «إن هذا الدعم الدولي الساحق يمثل انتصاراً كبيراً للعدالة وللقانون الدولي وللاجئين الفلسطينيين ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) باعتبارها العنوان السياسي الشاهد على جريمة الاقتلاع والتشريد وجهة المسؤولية عما يزيد على 5 ملايين لاجئ فلسطيني منذ سبعة عقود».
أما وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي فوصف ما جرى بأنه «مؤشر واضح على موقف المجموع الدولي من القرارات الخاصة بفلسطين في الجمعية العامة، والمتسقة مع القانون الدولي، وحقوق شعبنا الفلسطيني ولاجئيه».
كذلك رحبت منظمة التعاون الإسلامي بالتصويت لصالح جملة من القرارات الخاصة بفلسطين، في اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة المتعلقة بتجديد ولاية «أونروا» لثلاث سنوات مقبلة. واعتبرت المنظمة التصويت التزاماً وإجماعاً دوليين على دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وفقاً للقرار 194. وثمّن الأمين العام للمنظمة يوسف بن أحمد العثيمين مواقف الدول التي صوتت لصالح القرار، داعياً إلى ترجمة هذا الدعم السياسي بمساهمات مالية، لتمكين وكالة «الأونروا» من الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين إلى حين حل قضيتهم حلاً نهائياً، وفقا لقرارات الأمم المتحدة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.